عبد الرحمان المكاوي خبير الشؤون العسكرية والاستراتيجية: أشهر العمليات الاستخباراتية للجزائر بالمغرب حقائق يكشف عنها لأول مرة من طرف الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتجية عبد الرحمان مكاوي حول الدور الذي لعبه كل من عبد الكريم الخطيب والمهدي بن بركة في تأسيس جهاز الاستخبارات الجزائرية المعروف اختصارا ب DRS وأن أحد قادة هذا الجهاز كان مجرد ممرض بسيط بمستشفى 20 غشت بالدار البيضاء.
ثمة أفضال كبيرة للمغرب على الجزائر في ما يخص تأسيس النواة الأولى لجهاز استخباراتها، هل من حقائق يمكن الكشف عنها بخصوص هذا الأمر؟
حتى يتمكن الشعب المغربي من تفكيك ألغاز الصراع المغربي الجزائري الذي بدأ منذ الإمبراطورية العثمانية قبل سنة 1830 إلى غاية الآن لابد من الكشف عن الحقائق التاريخية لإنشاء المخابرات الجزائرية بالمغرب، وكذلك الكشف عن الدور الذي اضطلع به كل من الدكتور عبد الكريم الخطيب والجنرال فرانكو، والرئيس الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية إيزنهاور. ولابد أيضا من الرجوع إلى تفكيك تركيبة المخابرات الجزائرية كيف نشأت؟ ومن ساهم في تكوينها؟ ودور الدكتور عبد الكريم الخطيب الجزائري الأصل، فجذوره من مدينة معسكر الجزائرية؟ ودور الجنرال الأمريكي أيزنهاور في خلق هذا الجهاز الذي سوف يكون نواة الجيش الوطني الشعبي بالجزائر المؤسس للدولة الجزائرية التي استقلت سنة 1962؟ وما هي شخصية العقيد عبد الحفيظ بوصوف المكنى ب»سي مبروك»؟ ودور سكان المنطقة الشرقية وجدة والناظور وفيكيك في تكوين هذه الخلية الاستخباراتية التي سوف تتحول إلى حاكم فعلي في الجزائر رغم مرور خمسين سنة على استقلالها وبعد فشل كل الرؤساء الجزائريين في تحجيمها فمازال الجنرال مأجور لامين مدين المدعو بالتوفيق هو الذي يحرك دواليب الدولة من خلف الستار.
لنبتدئ بأول سؤال لغز من يكون العقيد عبد الحفيظ بوصوف وما هي علاقته بعبد الكريم الخطيب مؤسس حزب العدالة والتنمية والزعيم الاتحادي المهدي بن بركة؟
مشهور باسم «سي مبروك» أو ما كان يطلق عليه في الجزائر ب«السي القاتل».
وهو من مواليد سنة 1926 بمدينة ملية شرق ولاية قسنطينة من عائلة فقيرة تمتهن الزراعة وتربية المواشي، تابع تعليمه الابتدائي في هذه القرية ثم انتقل إلى قسنطينة لمتابعة دراسته الثانوية والحرب العالمية الثانية قد بدأت أوزارها، حيث دفعته هذه الأحداث إلى الانتقال إلى الجزائر العاصمة، حيث سيلتقي بالصدفة بطالبين مغربيين في قسم الباكالوريا هما المهدي بن بركة والدكتور عبد الكريم الخطيب رحمهما الله. لقاء سمح للعقيد سي مبروك بتبادل وجهات النظر مع هذين الشابين المغربيين الثائرين، بعد ذلك رجع إلى قسنطينة لمتابعة دراسته الثانوية وفكره وعقله مشدود لما قاله له المهدي بن بركة والخطيب اللذان كانا بالمناسبة يقيمان بغرفة واحدة في جامعة الجزائر.
هذه حقائق غير معروفة تذكر لأول مرة، هل لديك ما يثبت صحتها؟
في ما يتعلق بهذه الأمور فإن الراحل عبد الكريم الخطيب هو من أسر لي بها وأوصاني بالبوح بها بعد وفاته، ومن بين ما أسر لي به كذلك أن الراحل المهدي بنبركة كان ينزل من سريره عند سماعه لأزيز الطائرات النازية وهي تقصف المواقع العسكرية في الجزائر العاصمة.
لقد وعدت فرنسا الحرة الجزائريين والمغاربة بمنحهم الاستقلال بعد اندحار النازية في العالم، وعوض ذلك قامت فرنسا بارتكاب أكبر جريمة تاريخية في حق الجزائريين سنة 1945 عندما قتلت أكثر من خمسة وأربعين ألف جزائري في مدينة سطيف كانوا يطالبون بالاستقلال وتنفيذ وعود فرنسا الحرة برئاسة الجنرال دوكول والحزب الشيوعي الفرنسي اللذين كونا حكومة الوحدة الفرنسية، بعد هذه المجزرة الشنيعة قام العقيد بوصوف مع الرئيس بوضياف والزعيم العربي بنمهيدي وبنطوبال بإنشاء المنظمة السرية المسلحة، وهي فكرة أقنعه بها الدكتور الخطيب وبن بركة قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن هذه المنظمة السرية تم تفكيكها من طرف الاستعمار الفرنسي سنة 1950 فهرب العقيد بوصوف الذي كان حينها طالبا إلى الغرب الجزائري رفقة صديقه العربي بنمهيدي الزعيم التاريخي للثورة الجزائرية، أما بوضياف فقد سجن في سجن بربروص التاريخي فانضم عبد الحفيظ بوصوف إلى حركة الدفاع عن الحريات الديمقراطية التي كان يقودها نيصالي الحاج وعين مندوبا لهذه الحركة في مدينة تلمسان الحدودية باسم مستعار، أما زميله العربي بنمهيدي فسوف يقوم بجولة بالمدن الجزائرية لحث الجزائريين على القيام بثورة مسلحة ضد المستعمر، وكان له ذلك عندما قامت الثورة الجزائرية في أول نونبر 1954 بجبال الصومام قرب قرية «لاربع نافرتن»، وكان بوصوف من بين 22 عضوا المؤسسين لجبهة التحرير، وقد عين بنمهيدي قائدا للولاية الخامسة للغرب الجزائري مدينة وهران وعين عبد الحفيظ بوصوف المؤسس الاستخبارات الجزائرية نائبا له في مدينة تلمسان، إلا أن الاستعمار انتبه إلى خطورة الرجلين فاستنفر جميع أجهزته لمطاردتهما والقبض عليهما وتصفيتهما جسديا لأن الثورة الجزائرية قامت على أكتافهما، وهذا ما هو مسجل في التاريخ وذكره الكثير من المؤسسين للجبهة، وعلى رأسهم المرحوم بنطوبال والمؤرخ محمد حربي.
كيف نجا العقيد بوصوف من الأسر؟ وهل تجدد لقاؤه بالخطيب والمهدي بنبركة؟
تمكن الفرنسيون من القبض على بنمهيدي الذي خانته امرأة واستشهد تحت التعذيب وتحول حفيظ بوصوف إلى قائد المنطقة الغربية أو ما يسمى المنطقة العسكرية الخامسة ، ثم هرب إلى مدينة وجدة راجلا ثم استقر في رأس كبدانة قرب الناظور المغربية، بعد استقلال المغرب سنة 1956 انتقل إلى الرباط للقاء الزعيمين التاريخيين للمغرب الدكتور عبد الكريم الخطيب والزعيم الاشتراكي المهدي بن بركة.
أين تم هذا اللقاء؟
في سنة 1955 كان الدكتور الخطيب رئيساً لأركان جيش التحرير المغربي، رفقة عبد الله الوكوتي وبنعثمان الطنجاوي وعباس المسعدي سيلتقي عبد الحفيظ بوصوف الهارب من الجزائر ، وكان هذا اللقاء سريا في القصر الصغير قرب مدينة تطوان وحضره الرئيس السابق بنبلة الذي قدم من وهران إلى القصر الكبير راجلا بعد قيامه بعملية بطولية ضد البريد المركزي في وهران، وكان بن عثمان الطنطاوي مقربا من فرانكو وشاركه في الحرب الأهلية بإسبانيا، وكان مختصا في صناعة المتفجرات، وقد لعب دورا محوريا في ترتيب زيارة سرية للقادة الجزائريين المذكورين إلى مدريد عبر طنجة التي كانت تعتبر منطقة دولية وكان يتم التواصل عبرها بين جميع الثوار المغاربيين.
ما هو الدور الذي اضطلع به الجنرال فرانكو في صناعة المخابرات الجزائرية؟
كان فرانكو قائدا للفيف الأجنبي الإسباني في شمال المغرب قبل الاستقلال، ولقد استطاع تجييش المغاربة وخاصة الريفيين عن طريق خدعة استعملها بادعائه الإسلام وسمى نفسه عبد الله وقال للمسلمين في خطبة شهيرة إنه يسعى إلى استرجاع الأندلس المغتصبة، لكنه كان في الواقع يرمي إلى محاربة الشيوعيين وإعادة الملكية لإسبانيا، ولقد دشن حربه الأهلية ولعب المغاربة خاصة سكان الريف دورا أساسيا في انتصار فرانكو الذي كان يواجه بالإضافة إلى الشيوعيين والانفصاليين الكتالانيين الكثير من الحركات التي كانت تدعمها الأحزاب اليسارية الأوربية، وخاصة الحزب الشيوعي الفرنسي. فرانكو كان يحاول الانتقام من فرنسا بمساعدة جيش التحرير في المغرب وجبهة التحرير الجزائرية.
أين تم إنشاء أول مدرسة استخباراتية جزائرية بالمغرب؟
حين عاد بوصوف إلى رأس كبدانة ثم وجدة أنشأ أول مدرسة للاستخبارات في منزل بنيخلف والد الوزير السابق للوظيفة العمومية في حكومة عصمان، وكان أهم أعضاء ما سمي بلجنة التنظيم العسكري التي أحدثها العقيد بوصوف بوجدة من الوجديين والفكيكيين والقلعيين والريفيين، كما استأجر ضيعة قرب مدينة بركان في ملكية شخص يسمى بن عبدالله لتعلم الرماية وصنع المتفجرات والقنص عن بعد. فالمغاربة من المنطقة الشرقية هم الذين قاموا باستقطاب الطلبة الجزائريين في مستوى البكالوريا لتوظيفهم في الاستخبارات الجزائرية، وكثير من هؤلاء المغاربة تجنسوا بالجنسية الجزائرية ومازالوا من الضباط السامين لما يسمى حاليا بمديرية الاستعلامات والأمن الجزائرية «درس».
ما هو الدور الذي اضطلع به كل من الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الأمريكي الأسبق إيزنهاور؟
لقد أقنع الحسن الثاني الجنرال أيزنهاور بطل الحرب العالمية الثانية ورئيس أمريكا نهاية الخمسينيات بضرورة مساعدة جيش التحرير الوطني الجزائري، وذلك بمده بالوسائل التقنية الحديثة كوسائل التنصت والتواصل الأمريكية الحديثة في تلك الفترة دون علم فرنسا ولا استخباراتها التي كانت تتواجد بكثافة في المغرب، وخاصة في المدن الرئيسية والحدود الجزائرية المغربية، وهكذا أعطت «سي أي أي» وكالة الاستخبارات الأمريكية الضوء الأخضر لقادة قواعدها العسكرية بالمغرب لتزويد العقيد بوصوف بكل وسائل الجوسسة الحديثة، وهكذا لعب الحسن الثاني وازنهاور دورا كبيرا في فك كل الشفرات العسكرية الفرنسية، بل زودت لجنة التنظيم العسكري الجزائرية بوجدة بمعلومات استخباراتية حساسة تهم تحركات الوحدات الفرنسية داخل التراب الجزائري ، كما أرسلت المخابرات الإسبانية «اس ان أي» خبراء على شكل مزارعين وماسحي أحذية إلى خط موريس المكهرب بين المغرب والجزائر.
عند تكوين الحكومة الجزائرية المؤقتة عين العقيد بوصوف وزيرا للملغ، وهي وزارة التسلح واللوجستيك العامة، وضمت إلى لجنة التنظيم العسكري جهاز الاستخبارات.
ما هو التحول الدراماتيكي في ما يخص علاقة الجزائر بالمغرب؟ وما سر انقلاب المخابرات الجزائرية على المغرب؟
يكمن السبب في دخول الاستخبارات السوفياتية على الخط سنة 1960 بإيعاز من الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس يوغسلافيا تيتو، حيث سيدخل الاتحاد السوفياتي على خط تكوين الاستخبارات الجزائرية ودفعها إلى قطع علاقاتها مع المغرب وأمريكا وإسبانيا، وسوف ترسل أول دفعة من الشباب الجزائري إلى موسكو ممن اختارهم بوصوف، وكان اسم هذه الدفعة السري «السجاد الأحمر»، وكان من بينها الحاكم العسكري الفعلي الحالي للجزائر محمد لمين مدين المدعو بالتوفيق، وكان الأول في دفعته، حيث تزوج بامرأة روسية قريبة من رئيس الاستخبارات السوفياتية آنذاك أندروبوف، ويعتبر هذا الأخير بمثابة العقل المحرك للجزائر والوريث الشرعي لبوصوف، وكان هو مهندس الاستخبارات الجزائرية منذ الاستقلال إلى الآن، ويحكى عنه أنه رجل نظيف اليد وصورته غير معروفة ولا يغادر الجزائر إلا إلى موسكو للعلاج أو الاجتماع، فالصورة المنشورة عنه في الأنترنت هي صورة قديمة تعود إلى أربعين سنة، هذا الرجل الذكي المستقيم في علاقاته ورط جميع الجنرالات الآخرين في المؤسسة العسكرية في قضايا غير شريفة أو التجارة والثراء الفاحش حتى يتمكن من السيطرة عليهم.
ما هي أهم العمليات الاستخباراتية التي قام بها بوصوف بأرض المغرب؟
رغم مراقبته من طرف المخابرات المغربية والفرنسية والأمريكية إلا أن بوصوف المشهور باسم «سي مبروك» كان يقوم بأعمال سرية لا يعلمها مضيفوه وممولوه، فجانبه العصبي كان يدفعه إلى ارتكاب جرائم متعددة سواء بتصفية خصومه أو أعدائه أو المتعاونين مع فرنسا ولو كانوا مغاربة، إلى درجة أنه كان يرى المؤامرة في كل مكان، كما قام باغتيال رئيس جبهة التحرير الوطني عبان رمضان في مدينة العرائش، وذلك بخنقه بيده رفقة معاونه الممرض قاصدي مرباح الذي كان يشتغل في مستشفى 20 غشت بالدار البيضاء والذي سوف يتحول إلى الرجل القوي في عهد هواري بومدين. كما قام هذا الرجل اللغز بإنشاء مصانع سرية للأسلحة في المغرب بسوق الأربعاء وبن سليمان وتركيست ووجدة وفكيك، وجلب خبراء سوفيات ومن أوربا الشرقية دون أن تعلم به السلطات المغربية، كما قام باختراق الإدارة المغربية بكافة أجهزتها سواء بالتهديد أو الترغيب لمده بجميع المعلومات عن المغرب والجيش الملكي وحتى القصر الملكي، وكان يشك كثيرا بل يخاف من رجلين هما الحسن الثاني الذي كان رئيسا للأركان والجنرال أوفقير، كما أنشأ بنوكا سرية لجمع المعونات النقدية وتوزيعها على الجنود الجزائريين في معسكراته، كما كون فريقا من التقنيين والمهندسين المغاربة والجزائريين في ميدان جمع المعلومات وتحليلها وحتى ابتكار أسلحة جديدة، وحسب بعض المهندسين الوجديين فإن العقيد بوصوف يفكر في فبركة القنابل الكيماوية انطلاقا من غاز الخردل.
كما قام بانشاء شبكة على طول الحدود للهلال الأحمر الجزائري وعين على رأسه محمد مساهل وزير الشؤون المغاربية والإفريقية والخصم اللدود للمغرب في قضية وحدته الترابية وبطل العدو الريفي في مدينة وجدة سنة 1961 والعاشق الحالي للطرب الغرناطي والطبخ المغربي، فإضافة إلى براعته في الطبخ المغربي والملحون فإن عبد القادر مساهل ابن مدير الهلال الأحمر الجزائري هو منتوج حقيقي خلقه بوصوف من صغره إلى الآن، وهو الخصم اللدود للمغاربة.
كيفت تحولت الصداقة بين المغرب والجزائر إلى عداوة؟
بعد تعيينه وزيرا في الحكومة المؤقتة قام بوصوف بجلب أحد عناصره من جامعة الزيتونة بتونس وابن الشاوية بالجزائر محمد بوخروبة وعينه قائدا للمنطقة العسكرية في مدينة وجدة حي كولوش، والاسم الحركي لهذا الأخير هو الهواري بومدين نسبة إلى وليين صالحين سيدي الهواري المدفون في وهران وسيدًي بومدين الذي هو مغربي الأصل ومدفون بتلمسان، وقد اشتهر بوخروبة بالهواري بومدين لما صار رئيسا للجزائر. القاسم المشترك بين بوصوف وبومدين هو كراهيتهما للمغاربة وحقدهما عليهم وتشبعهما بالفكر الماسوني الذي نشرته فرنسا لتكوين مقاطعة الجزائر عبر معاداة المملكة المغربية.
ما هي خلفيات وحيثيات إبعاد وإسقاط العقيد بوصوف؟
كانت سنة 1962 بداية سقوط العقيد «سي مبروك» الذي سيذهب ضحية تلامذته، وعلى رأسهم هواري بومدين وقاصدي مرباح ووزير الداخلية الحالي دحو ولد قابلية والرئيس بنبلة والرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى جينرالات دفعة «لاكوست»، وهم ضباط عملوا في الجيش الفرنسي وانضموا إلى الجيش الوطني الشعبي الجزائري. وقد أبعد بوصوف كسفير للجزائر في يوغسلافيا ولم يعد إليها إلا وهو ميت في نعش سنة 1981.
كيف تمت إعادة هيكلة الاستخبارات الجزائرية؟
لقد تكلف جهاز الكاجيبي السوفياتي بإعادة هيكلة هذا الجهاز الاستخباراتي وتحويله إلى قوة ضاربة في الإقليم وإفريقيا والوطن العربي، ويعتبر الجنرالان أندري زيلينين وفلاديمير كيربيتشينكو المهندسين الفعليين للاستخبارات الجزائرية التي ترأسها الممرض السابق في مستشفى عشرين غشت بالبيضاء قاصدي مرباح، واسمه الحقيقي صلاح خلف الذي سوف يغتال من طرف زملائه في الحرب الأهلية الجزائرية في التسعينيات، وكان هذا الأخير يقول لبومدين «نم هادئا فإني أعلم أين يوجد الملك الحسن الثاني ومع من يتعشى وحتى لون فراشه»، وهذا يعني في علم الاستخبارات أن الجزائر نسجت خلايا نائمة بالمغرب قبل الاستقلال إلى الآن.
بعد وفاة بومدين جاء الشاذلي بن جديد وعين الجنرال لكحل عياط الذي كان وفيا للرئيس دون كفاءة تذكر لأن المؤسسة الاستخباراتية الجزائرية كان مسيطرا عليها من طرف «الكاجيبي» السوفياتي و»استازي» الألماني الشرقي و»السيكوريستات» الروماني، وشهد عهد بن جديد عودة الاستخبارات الفرنسية عن طريق الجنرال العربي بالخير سفير الجزائر السابق في الرباط ورجل فرنسا بالجزائر وعراب الجنرالات المتحدرين من الجيش الفرنسي، ولكن يبقى الجنرال مأجور لامين مدين المدعو بالتوفيق هو مخ هذا الجهاز، إضافة إلى مساعده الجنرال بشير صحراوي المدعو بعثمان طرطاق، هذا الأخير هو الذي قام بإنهاء عملية عين اميناس التي كانت أكبر عملية اختطاف في الجزائر بمساعدة القوات الخاصة للدرك الجزائري بقيادة الجنرال احمد بوسطيلة ودون مشاركة الوحدات الخاصة المتمركزة في ولاية تمنراست بقيادة شريف عبد الرزاق والتي كونت وحداتها بأمريكا لمدة سنتين وكلفت الجزائر أكثر من ملياري دولار، وتسمى بوحدات مارينز الجزائرية، وأهم عناصرها من أفراد القبعات السوداء قوات النخبة.
وحسب بعض مراكز الدراسات الغربية فإن عملية إنقاذ رهائن عين أميناس اتخذتها الاستخبارات الجزائرية بدون علم بوتفليقة الذي سمح للطيران الفرنسي بالتحليق في الأجواء الجزائرية لضرب جهاديين بمالي مقابل تزكيته لولاية رابعة.