يبدو أن أعلى سلطة داخل البلاد باتت منزعجة من النخب السياسية داخل المؤسسة التشريعية، والدليل على ذلك هي الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الستين لقيام أول برلمان منتخب في المملكة، والتي دعا من خلالها إلى ضرورة إعداد وتفعيل مدونة للأخلاقيات داخل البرلمان، بعدما أظهرت الممارسة على أن الحصانة البرلمانية أصبحت وسيلة للإغتناء غير المشروع.
تخليق الحياة السياسية، والعمل على إرجاع مصداقية المؤسسة التشريعية، من أهم النقاط التي يجب أن تشتغل عليها المؤسسات التي تكتسي الطابع السياسي والحزبي خلال هذه السنة، نظرا أن السياق الذي تندرج فيه الرسالة الملكية يأتي بعد زلزال المحاسبة الذي عصف بقيادات من مختلف الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية وأيضا لمضمار المعارضة داخل البرلمان.
تعليقا على هذا الموضوع، قال رضوان عميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن "السياق الذي تندرج فيه الرسالة الملكية يمكن تناوله من زاويتين، الأولى هو السياق الإجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعيش فيه المملكة المغربية، في ظل الأوراش المفتوحة التي انخرط فيها المغرب لاسيما الأوراش ذات الطبيعة الإجتماعية بالإضافة إلى المشاكل التي تعرفها مجموعة من القطاعات الحكومية".
وأضاف عميمي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "السياق السياسي كما يعرفه الجميع يعيش على واقع جديد ومحرج، خاصة بعد مسطرة المتابعة القضائية التي تم اتخاذها في حق العديد من البرلمانيين وأيضا تجريدهم من صفتهم البرلمانية، وهذا يؤكد على تفعيل المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الزاوية الثانية وهي المناسبة التي جاءت فيها الرسالة الملكية والتي تتزامن مع تخليد الذكرى 60 للبرلمان المغربي بعد الاستقلال، هي مناسبة تم استحضار فيها التراكمات التي عرفتها المؤسسة التشريعية والعمل البرلماني بصفة عامة، وهي تراكمات إيجابية نظرا لأن المغرب يحظى بمؤسسات قوية".
وتابع المتحدث عينه أن "إعداد مدونة للأخلاقيات داخل البرلمان أصبحت ضرورية في الوقت الحالي، حيث أصبح السؤال يطرح نفسه بعد هذه الأحداث الأخيرة"، مؤكدا على أن "تخليق الحياة السياسية داخل المؤسسات المنتخبة أصبح أمر ضروري، وبالتالي أن الطابع الملزم لهذه المدونة سيتم ضبط من خلاله بعض السلوكيات عبر القواعد القانونية".
"خطاب تخليق المؤسسة التشريعية هو خطاب واكب الخطب الملكية منذ إعتلاء الملك زمام الحكم، فهو يحافظ على سمعة المؤسسة ومصداقيتها، يقول عميمي، مؤكدا أن سلوكيات بعض البرلمانيين يجب أن لا تؤثر على العمل البرلماني والمؤسساتي.