"بين الجزائر والمغرب لعبة متوترة للسيطرة التجارية على المنطقة"، عنوان أوردته صحيفة "لاكروا" الفرنسية، في إحالة على الصراع بين البلدين الذي امتد من لغة السلاح والتهديد والوعيد إلى السباق نحو استغلال الفرص الاقتصادية المتاحة، حيث يوظفان ما نشرته الصحيفة، كل أوراق ضغطهما لكسب التأييد. وقالت "لاكروا" إن المغرب اقترح شهر دجنبر الماضي إنشاء منطقة تجارة حرة مع إمكانية الوصول إلى ساحل المحيط الأطلسي، وهو ما تستجيب له الجزائر الآن بتحالف مع دولة ساحلية أخرى، هي موريتانيا.
وترى الصحيفة الفرنسية أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يبحث مواجهة التفوق الدبلوماسي والتجاري الذي لمنافسه الأكبر، المغرب، عبر التحالف الاستراتيجي مع نواكشط. خاصة بعد نجاح الرباط في حشد دول افريقية على غرار مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد بشكل إيجابي للمبادرة الملكية لتسهيل وصولهم إلى المحيط الأطلسي، عبر ميناء الداخلة. وتنقل الصحيفة الفرنسية عن لويس مارتينيز، الباحث المتخصص في شؤون المغرب العربي، قوله: ''كل هذه التحركات على رقعة الشطرنج الساحلية هي نتيجة ''الفرصة" التي تركها أو خلقها انسحاب فرنسا والدول الأوروبية من منطقة الساحل، مما أدى إلى تحفير الجزائر العاصمة والرباط. فلدى هاتين الدولتين حلفاء أقوياء (الولاياتالمتحدة بالنسبة للمغرب، والصين وروسيا وتركيا بالنسبة للجزائر)، لكنهم شركاء بعيدون لا يسمحوا لهما حقًا بسياسة تنموية إقليمية. يدرك المغرب والجزائر أن هناك الكثير مما يجب فعله مع جنوبهما، حيث يوجد حوض يتراوح عدد سكانه بين 250 و300 مليون نسمة".
بالنسبة للمغرب، الأمر واضح للغاية: ''إنه يسدد تسديدات ماهرة للغاية''، كما يقول لويس مارتينيز. وفي مقابل هذا المنفذ إلى البحر، بالإضافة إلى الفوائد التجارية المحتملة، فإنه يرسخ الشرعية الفعلية للطابع المغربي للصحراء الغربية، وهي المنطقة المتنازع عليها بين الجزائر وانفصاليي جبهة البوليساريو.
أما الجانب الجزائري، فمن الطبيعي أن يتجه نحو موريتانيا التي ما تزال مستاءة من اعتراف المغرب بها متأخراً (1969)، والتي تتأرجح العلاقات معها، وتسعى إلى الحفاظ على علاقة متوازنة بين جارتيه الشماليتين. أما مالي والنيجر وبوركينا فاسو، من جانبها، فتنظر أخيرا إلى هذا الوصول إلى ساحل المحيط الأطلسي عبر الصحراء الغربية بشكل إيجابي للغاية كبديل للمنفذ الذي يمر عبر خليج غينيا والذي تقوضه القرصنة، وغير مستقر سياسيا.
بين المغرب والجزائر، اللعبة لم تنته بعد، يقول لويس مارتينيز، موضحا أن البلدين لا يترددان في التعامل بقسوة مع الأوروبيين، معتبراً أن ''الأوروبيين هم الخاسرون الأكبر في الأساس، وربما فقدوا مصداقيتهم دون بذل أي جهد لإعادة التواصل".