لقد أعطت الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للصين في ماي 2016، دفعة قوية للعلاقات المغربية الصينية، مما جعلها تعرف طفرة نوعية، الأمر الذي يؤكده توقيع قائدي البلدين الملك محمد السادس والرئيس شي جين بينغ، اتفاقية للارتقاء بهذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة، والعديد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات. وكان الملك محمد السادس قد أكد، خلال هذه الزيارة، أن التعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات بين البلدين يحقق نتائج إيجابية، مبرزا أن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين سيضيف قوة دفع جديدة لتنمية العلاقات. ومن جهته أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب تعتبر علامة فارقة في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، مبرزا أن هذا التطور سيفتح أمام التعاون بين البلدين فرصا جديدة في مختلف المجالات. وأكد أن بلاده تولي اهتماما بالغا لتطوير العلاقات مع المغرب، معربا عن رغبة الصين في مواصلة تعزيز التعاون مع المملكة في مختلف الميادين وعن ترحيبها بمواصلة المغرب الإسهام والقيام بدور متميز في مسلسل التعاون بين الصين والدول العربية والأفريقية.
وتأتي الزيارة التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة إلى الصين، ابتداء من أمس، لتضع لبنة جديدة في صرح الشراكة المغربية الصينية، تجسيدا لرغبة الملك محمد السادس في تنويع علاقات المغرب وتعزيز المبادرات الاقتصادية المتعددة الأطراف في أفريقيا، خاصة وأن هذه الزيارة شهدت التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين حول انضمام المغرب للمبادرة الصينية "الحزام والطريق". وتجسد هذه الاتفاقية التطور المطرد الذي تعرفه العلاقات الصينية المغربية، منذ إقامتها قبل 58 سنة، وتمكنها من تحقيق، إلى جانب المدينة الصناعية "طنجة تيك"، طفرة نوعية تترجم طموح البلدين الصديقين لتمتين أسس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، كما أنها تفتح آفاقا ومجالات جديدة ومتعددة لهذه الشراكة. ويطمح البلدان تطوير شراكة استراتيجية شاملة تشكل إطارا متجددا للتعاون الثنائي في الميادين المرتبطة بالاستثمار والتنمية وبالأمن، وتعميق التشاور السياسي وتعزيز العلاقات الاقتصادية وتقوية التعاون في الميادين الثقافية والتقنية والعلمية. ويعزز هذه الشراكة إطار قانوني صلب من أزيد من 250 اتفاقية وعلاقات صداقة لم تشبها شائبة قط، تجمع بين الشعبين وتضرب جذورها في عمق التاريخ، إضافة إلى إرادة مشتركة للانخراط لفائدة تطوير أفريقيا وتعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، القائمة على المساواة في التعامل والمنافع المتبادلة والتنمية المشتركة. وعلى المستوى الاقتصادي فإن المبادلات التجارية مع الصين، التي تعتبر ثالث أكبر مصدر للمغرب، عرفت تطورا ملحوظا، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الصينية للمملكة من 24،66 في المائة سنة 2015 إلى 29،47 بالمائة في شتنبر 2016. وتتمثل الصادرات الصينية إلى المغرب أساسا في منتوجات النسيج والتجهيزات المنزلية والصناعية والشاي، فيما يمثل الفوسفاط والمنتوجات البحرية أهم الصادرات المغربية إلى الصين . وانعكس تطور العلاقات الثنائية على القطاع السياحي، إذ ارتفع عدد السياح الصينيين الذين زاروا المغرب من عشرة آلاف إلى 120 ألف، خلال ثلاث سنوات.