دعت وزارة الخارجية الكويتية، اليوم الخميس، كافة رعاياها المتواجدين حاليا في لبنان إلى "المغادرة فورا".، وكذلك فعلت قبلها البحرين والسعودية. دعوة هذه الدول الخليجية الثلاثة لمواطنيها المتواجدين في لبنان بالخروج فورا، توحي بتحركات مريبة هناك قد تظهر إلى العلن خلال الأيام المقبلة، وكأن هذه الدول تعلم ما يحاك في أرض الأرز.
هذا دليل يضاف إلى دلائل أخرى تكاد تقطع الشك باليقين أن حربا ستدور رحاها هناك، ومن أبرز هذه الدلائل استقالة سعد الحريري التي أعلن عليها في ظهور متلفز مقتضب، والتي سيتضح فيما بعد أن الأمر قد يكون قريبا من الاحتجاز وليس استقالة، وما يعزز الفرضية هو الطلب الذي وجهه حزبه إليه بالعودة إلى وطنه، وخطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي قال إن الحريري تم إجباره على تقديم الاستقالة من رئاسة الحكومة.
إعلان سعد الحريري استقالته من السعودية التي تخوض حربا ضد الحوثيين، الذين تستهدفهم عبر مخططها لإيقاف ما تسميه "المد الشيعي"، ولغة الوعيد والتهديد التي تحدث بها خلال كلمة الاستقالة حين قال: "إن حزب الله، يوجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين وإخواننا السوريين واليمنيين"، وإن "أيدي إيران في المنطقة ستُقطع".، وباعتبار المكان الذي يتواجد فيه الحريري، السعودية، التي تحاول ان تلعب دور الدولة المركزية للحضارة الاسلامية السنية وتحمل مسؤولية ضمان أمنها الاستراتيجي في مواجهة ما يسمى ب"تصدير الثورة الاسلامية الإيرانية"، فإنه يمكن القول إن القيادة السعودية تشحذ أسلحتها بشكل علني استعدادا للمواجهة مع إيران في أراضي لبنان.
وإن المتابع لمستجدات السياسة الخارجية للسعودية وللتحركات الداخلية ضد المعارضين لولي العهد محمد بن سلمان، لا يجب أن يغفل، أن يربط بين الأحداث ويضيف زيارة زيارة وزير الدولة السعودي ثامر السبهان للعاصمة اللبنانية في شتنبر الماضي، ليضعها في سياق كرونولوجي يمكن من قراءة الوضع بشكل أوضح، خاصة وأن مصادر قالت إن السبهان خلال لقائه مع الحريري طالبه بضرورة القطع مع العلاقات التي تربطه بحزب الله.
وتتهم السعودية التي تقود التحالف العربي العسكري في اليمن، حزب الله اللبناني بمحاولة تأسيس فرع له في اليمن، وبالوقوف وراء الصواريخ التي تستهدف أراضيها، فهل تقرع السعودية طبول حرب في لبنان لدحر حزب الله ؟
وإذا قرأنا خارطة القوى بالمنطقة من زاوية جيوسياسية، التي يتصادم فيها النفوذ الإيراني المدعوم من المعسكر الشرقي، مع النفوذ السعودي المدعوم من المعسكر الغربي، فإن توسع النفوذ الفارسي في العراقوسوريا واليمن، بعد الانتصارات العسكرية التي حققها ميدانيا، يقلق راحة الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فدولة الخميني التي يقودها الخامنئي تمكنت خلال السنوات الأخيرة من خلط الأوراق بفضل قوتها العسكرية ومليشياتها المسلحة المنتشرة كحزب الله في لبنان الذي يسيطر على الجنوب اللبناني وصار دولة وسط دولة، والحوثيون في اليمن الذي يسيطرون على العاصمة صنعاء، والحشد الشعبي بقيادة مقتدى الصدر في العراق والذي صار أقوى من الجيش العراقي.
وللإشارة فإن إيران كان لها الفضل الكبير في تدريب الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام في غزة، وكانت وراء تزويدها بمنظومة صواريخ متطورة ودربت قياداتها وساهمت في تأسيس مصنع عسكري داخل غزة.
ما نريد قوله في الأخير إن أمريكا ومعسكرها الغربي تسعى للحد من التوسع الايراني في المنطقة، أولا لردع خصمها الأول روسيا التي تتحرك بالاشتراك مع إيران، ثانيا لاستعادة ما ضاع في عهد أوباما الذي فضل سياسة الانكفاء والانشغال بالشأن الأمريكي الداخلي على مد يده لدول المنطقة، وثالثا وهو الأهم إذا علمنا أن اللوبي الاسرائيلي هو الأقوى والقادر على تغيير سياسيات البيت الأبيض، فإن الهدف الرئيس للولايات المتحدةالأمريكية التي تبارك القرارت السعودية على لسان ترامب الذي يغرد يوميا على تويتر، هو حماية أمن إسرائيل، التي أصبحت في مرمى إيران التي تحارب بالوكالة، والتي تهدد إسرائيل عبر ثلاث واجهات، سورياولبنان وقطاع غزة.