تفتح مشاريع النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس بالعيون بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، آفاقا واعدة، وتعد بمستقبل زاهر لهذه الاقاليم التي من المنتظر أن تصبح مركزا رئيسيا إقليميا ودوليا حقيقيا. وسيمكن انجاز مشاريع هذا البرنامج الذي يشكل نقلة كبرى لتطوير القدرات الإقتصادية والتنموية بهذه الربوع، من فتح آفاق تنموية متبكرة وجديدة داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي محدثا بذلك طفرة فعلية تجاوزت التصورات إلى البرامج والمخططات الملموسة لتحقيق التنمية والازدهار بهذه الاقاليم. ويشكل هذا البرنامج التنموي ، بالنظر لما يتضمنه من مشاريع ضخمة في مجال البنيات التحتية والصحة والتكوين والصناعة والفلاحة والصيد البحري وغيرها من القطاعات، رافعة لدعم المؤهلات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها المنطقة كموقع استراتيجي متميز ومنطقة محورية تربط شمال المملكة بجنوبها،و نقطة استقطاب مهمة لجلب استثمارات عمومية وتوفير بنيات تحتية . فقد بلغ الغلاف المالي المقترح لإنجاز برنامج النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية 77 مليار درهم، مع توقع مضاعفة الناتج الإجمالي المحلي وخلق 120 ألف فرصة عمل. فبالنسبة لقطاع الفوسفاط، الذي تبلغ الاستثمارات المتوقعة بشأنه ما قيمته 16,8 مليار درهم، يسعى مشروع فوسبوكراع للتنمية الصناعية إلى تثمين منتوج الفوسفاط محليا ودمج كل حلقات سلسلة الإنتاج ذات الصلة إلى غاية مراحل التسويق عبر الميناء المعدني والكيماوي الجديد، حيث سيمكن التثمين الأمثل لهذه الموارد من استفادة الساكنة من خلق 1270 منصب شغل. وتهدف مشاريع تثمين القطاع الفلاحي إلى مواصلة تحسين الظروف المعيشية للسكان بتوفير 11 ألف فرصة عمل وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وذلك عبر التثمين الفلاحي لمنطقة الداخلة باستثمار يبلغ 1.3 مليار درهم على مساحة 5 آلاف هكتار بواسطة تحلية مياه البحر، وثانيا من خلال تثمين المنتوجات الفلاحية لمنطقة بوجدور بمبلغ يناهز 465 مليون درهم على مساحة ألف هكتار. وفي إطار تثمين الفلاحة التضامنية بالأقاليم الجنوبية سيتم إنجاز 55 مشروعا بغلاف مالي يناهز 1.5 مليار درهم يخص 16800 مستفيد. وعلى مستوى تثمين مشاريع الصيد البحري، سيتم إنجاز مشاريع كبرى على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب خلال السنوات المقبلة ب 8000 منصب شغل عبر مشروعين رئيسيين، يهم الأول تثمين المنتجات البحرية عبر استثمار يفوق 1.2 مليار درهم وإحداث قطب تنافسي يخص المنتجات البحرية، في حين يهم المشروع الثاني تطوير قطاع تربية الأحياء المائية في ثلاث مناطق جغرافية بغلاف مالي يناهز 3.7 مليار درهم. وبخصوص برنامج تطوير السياحة الإيكولوجية، يهدف هذا المشروع إلى إحداث قطب سياحي بعرض مبتكر، بموازاة تطوير عرض تكميلي لمرافق للثقافة والبيئة والذي يهم إحداث 84 مشروعا سياحيا باستثمار يبلغ 2.1 مليار درهم. وعلى المستوى الاجتماعي، يتوخى البرنامج إحداث نقلة نوعية في مجال التأهيل البشري، ضمانا للإنصاف في الاستفادة من الخيرات، عبر تفعيل أقطاب التميز، من خلال إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي بالعيون باستثمار مالي يبلغ 1.2 مليار درهم، وإنشاء مشروع "تيكنوبول" فم الواد باستثمار 2 مليار درهم باعتباره قطبا للتكوين والابتكار. وفي ما يخص البعد البيئي، فقد تم تحديد ثلاثة محاور، تتمثل في المحافظة على الثروات البحرية والموارد المائية وتنمية الطاقات المتجددة، ثم المحافظة على النظم الإيكولوجية مما سيمكن من تنمية مستدامة، مع عقلنة استغلال الموارد المائية عبر إنجاز سد فاصك ب 800 مليون درهم، مما سيمكن من تدارك الخصاص في التزود بالماء الصالح للشرب وتعبئة الموارد المائية السقوية. وبشأن الربط المجالي للمناطق الصحراوية، سيتم إنجاز الطريق الساحلي السريع تيزنيت-العيون- الداخلة، حيث تبلغ كلفة مرحلته الأولى 8.5 مليار درهم، وإنجاز ميناء الداخلة الساحلي بكلفة 6 مليارات درهم وذلك على بعد 70 كيلومترا شمال مدينة الداخلة، فضلا عن رصد مبلغ 7.1 مليارات درهم لمشروع ربط مدينة الداخلة بالشبكة الوطنية للكهرباء. ويرتكز النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، في شقه الاقتصادي على تثمين الموارد الطبيعية، واستثمارها لفائدة الساكنة المحلية لاسيما قطاعات الصيد البحري والفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية وقطاعات الفوسفاط والطاقات المتجددة. و سيكون للقطاع الخاص دور أساسي في إنجاز هذه المشاريع، حيث تقدر استثماراته بحوالي 42 مليار درهم، أي ما يشكل 54 في المائة من الغلاف المالي الإجمالي المرتقب لهذا البرنامج البالغ 77 مليار درهم، فيما تقدر مساهمة الدولة ب30,7 مليار درهم ومساهمة الجهات ب 4,7 مليار درهم، حيث سيتم إنجاز المشاريع المضمنة في هذا البرنامج ما بين سنوات 2016 و2022. ومساهمة من الدولة في تفعيل الجهوية، تم تخصيص موارد مالية تقدر بحوالي 19 مليار درهم موزعة بين الجهات الثلاث على مدى 12 سنة القادمة. وتتوزع هذه الموارد، بين 7 مليار درهم لجهة العيون الساقية الحمراء، و6,6 مليار درهم لجهة الداخلة وادي الذهب، و5,5 مليار درهم لجهة كلميم واد نون، حيث تم اللجوء إلى مقاربة تعاقدية بين الجهة والدولة في إطار اتفاقيات شراكة لإنجاز المشاريع ذات الصلة. ومن بين المشاريع الكبرى المبرمجة أيضا، مشروع فوسبوكراع وتكنوبول فم الواد، وخمس محطات للطاقات المتجددة (الهوائية والشمسية)، والطريق السريع تيزنيت-العيون-الداخلة، إضافة إلى المركز الاستشفائي الجامعي بالعيون، والميناء الأطلسي بالداخلة. وتنضاف إلى هذه البرامج التنموية، مشاريع تثمين المنتجات البحرية وتطوير قطاع تربية الأحياء المائية، وتحلية مياه البحر لسقي مساحة تقدر ب 5 آلاف هكتار، والنهوض بالثقافة الحسانية وبقطاعات التعليم والتكوين المهني والاقتصاد التضامني والحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة التهيئة الحضرية للمدن والمراكز.
وفي إطار مواكبة الدولة والمؤسسات الوطنية المختصة لهذه الأوراش والمشاريع، سيتم في اطار هذا النموذج التنموي تعزيز وترسيخ ما حققه المغرب من مكاسب في اختياراته الديمقراطية وفي مجال حماية الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، والنهوض بثقافة حقوق الإنسان في مختلف أبعادها كما هو متعارف عليها دوليا، وكما كرسها دستور المملكة تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس.