يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر أسبوعه الثالث، وسط خذلان دولي وعجز عربي للضغط من أجل وقف سفك الدماء، أو تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية بالقدر المطلوب لتلبية احتياجات الفلسطينيين القابعين تحت حصار إسرائيلي وحشي والمعرضين إلى مخطط إبادة جماعية.
وعلى امتداد هذه الأيام كلها، برز بشكل لافت التحيّز الغربي الواضح والصريح لمصلحة إسرائيل على حساب فلسطين وشعبها؛ فإلى جانب تبنّي قادة الغرب، في طليعتهم الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الرواية الإسرائيلية، مساويا بذلك بين الضحية والجلاد، استماتت مؤسسات إعلامية مرموقة وصحف عريقة في الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي وتصوير جرائمه على أنها مجرد "دفاع عن النفس" أمام "إرهابيي حماس" ، مظهرة بذلك ازدواجية حقيقة في المعايير، وهي التي لطالما رفعت شعارات الموضوعية والاستقلالية والأخلاق المهنية، لكنها سقطت مع أول امتحان، غير أن الحقيقة التي تفقأ العيون بدأت تنجلي، رويدا، خاصة بعد الشهادة التي قدمتها الأسيرة الإسرائيلية لدى حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" المفرج عنها الإثنين الفائت.
الأسيرة، تُدعى يوشيفيد ليفشيتز وتبلغ من العمر 85 عاما، أفرجت عنها حماس بمعية امرأة أخرى وهي نوريت كوبر في ال79 ربيعا؛ أكدت بعد ساعات قليلة من إطلاق سراحها، أنها تلقت معاملة "طيبة" خلال احتجازها في غزة، مضيفة وهي تسرد ظروف احتجازها أن أغلب الرهائن وعددهم يفوق ال200، كانوا يتلقون "معاملة طيبة" ممن يحتجزونهم، بل إن طبيبا زارهم، ويحصلون على نفس نوع الأدوية التي كانوا يتلقوها وهم أحرارا. تصريحات هذه المسنة، أحدثت ضجة في تل أبيب وفي عواصم الدول المروجة لسردية إسرائيل، إذ رأى مسؤولون عبريون في شهادتها دعاية للمقاومة وفشلا لحكومة بنيامين نتنياهو في التعامل مع ملف الحرب الإعلامية، مطالبين بمنع المفرج عنهم من التحدث لوسائل الإعلام، لأنهم يروجون الوجه الجميل للمقاومة التي تحاول ماكينة الدعاية الإسرائيلية وحلفاؤها تشويه صورتها، وما زاد من حنق الغاضبين هو مصافحة الرهينة المفرج عنها لعنصر من "القسام" حينما كانت تستعد للرحيل.
القيادية السابقة بجهاز "الموساد" جيل شورش، تلقت تصريحات مواطنتها المفرج عنها بغضب شديد، وقالت إن الحديث الذي أدلت به ليفشيتز كان يجب أن يقال للمخابرات فقط لأن ثمة كلاما لا يقال إلا للمخابرات وعائلات المخطوفين، بينما يجب ألا يقال للجمهور، معتبرة أن ماكينة الدعاية والحرب النفسية ستعمل على هذه الأقوال، وبالتالي "يجب على إسرائيل أن تكون جاهزة إعلاميا من خلال التوجه إلى مقر المحتجزين والتصرف بمسؤولية".
وفي مقابلة على القناة 13، قال جنرال الاحتياط نحمان شاي، وهو من حركة "قيادات من أجل أمن إسرائيل"، إنه "لا يعقل أن نأخذ امرأة في ال85 من عمرها لم تنم إلا 3 أو 4 ساعات خلال الليل ثم نضعها أمام عشرات الكاميرات ومئات الصحفيين"، وأردف: "ما جرى دليل على عدم وجود توجه ولا نظام ولا من يقوم بترتيب الأمور، وأنه لا توجد حكومة".