بات الجزائريون قاب قوسين من زيادة جديدة مرتقبة في أسعار معظم مشتقات الوقود مطلع العام المقبل، بعد إقرار الحكومة لقانون الموازنة العامة لعام 2018 متضمنا تلك الزيادة، وسط تحذيرات من انعكاس ذلك على حدوث موجة غلاء في البلاد. وتضمن قانون الموازنة العامة لعام 2018 بالجزائر، زيادات في الرسوم المطبقة على أسعار معظم مشتقات الوقود بلغت 5 دنانير (4.5 سنتات) للتر الواحد من أنواع البنزين الثلاثة، ودينارين للمازوت (1.8 سنت)، وتم إعفاء الغاز المسال من أية زيادات.
وبتطبيق الزيادات الجديدة، سيصبح سعر أعلى نوع من البنزين (الممتاز) في حدود 42 دينارا تقريبا للتر الواحد (0.38 دولار)، وقرابة 23 دينارا للمازوت (0.21 دولار).
عائدات للخزينة
ونص قانون الموازنة العامة للجزائر للسنة المقبلة، على أن المسعى التدريجي لإعادة ضبط أسعار الوقود، يهدف إلى ترشيد استهلاكها، وتقليص وارداتها، ورفع العائدات الجبائية (الضرائب)، وتخفيض إعانات الميزانية، والحفاظ على البيئة، والقضاء على ظاهرة تهريب الوقود.
وذكرت الوثيقة ذاتها أن الزيادات في رسوم المنتجات النفطية (الوقود)، ستوفر للخزينة العامة للجزائر أكثر من 61 مليار دينار، ما يعادل 600 مليون دولار أمريكي.
وتبدأ السنة المالية في الجزائر مطلع يناير / كانون الثاني، وتنتهي في 31 دجنبر من العام ذاته.
وقبل أيام، أقرت الحكومة الجزائرية الموازنة العامة للبلاد التي تضمنت زيادات في الوقود وضريبة على الثروة لأول مرة، وستعرض خلال أيام على البرلمان بغرفتيه لنيل الثقة، وسط ترجيحات كبيرة لإقرارها دون تعديلات، لأن الموالاة تسيطر على أغلب مقاعد البرلمان.
وتوقع القانون ذاته عجزا في الموازنة العامة بنحو 20 مليار دولار، بإيرادات إجمالية تقارب 65 مليار دولار، ومجموع نفقات يقارب 85 مليار دولار، وهو العجز الذي يزيد على نظيره في موازنة العام الحالي بنحو 9 مليارات دولار.
وللعام الثالث على التوالي، أقرت الجزائر زيادات على الوقود في قانون موازنتها العامة.
وتتوقع الجزائر استهلاك 16 مليون طن من الوقود بأنواعه بنهاية السنة الحالية، بحسب أحدث تصريح لنبيل رشيد المدير العام ل "شركة نفطال" الحكومية التي تحتكر أكثر من 98 في المائة من استهلاك وتسويق الوقود في البلاد.
وبلغت واردات الجزائر من الوقود بأنواعه خلال 2016 مليار دولار، بحسب أرقام رسمية للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك (حكومية)، التي تنتج الوقود محليا وتستورد جزءا من حاجيات البلاد.
زيادة الأسعار
رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين (مستقلة) الطاهر بولنوار، قال للأناضول إنه يتوقع ارتفاعا في أسعار المنتجات الاستهلاكية المحلية والمستوردة بمعدل 10 في المائة، بعد دخول الزيادات الجديدة على الوقود حيز التطبيق.
وأضاف "بولنوار" أن الحكومة أقرت زيادات على الوقود إضافة لتحذيرات الخبراء من انخفاض قيمة الدينار (العملة المحلية) بفعل عمليات طبع الأوراق المالية، وهي أسباب كافية لرفع أسعار المنتجات والبضائع.
وذكر أن "أسعار كل المنتجات المعنية بالنقل سترتفع جراء ارتفاع الوقود".
وزاد: "الفلاح والمصنع يعتمدان على الوقود في الإنتاج، وسلسلة التوزيع والمواصلات تعتمد هي الأخرى على الوقود كذلك، وهو ما سيتسبب في ارتفاع الأسعار".
الفدرالية الجزائرية للنقل الخاص، التي تسيطر على أكثر من 80 في المائة من المواصلات العامة في البلاد (سيارات أجرة وحافلات)، ترى أن العام الجديد سيكون عنوانا لزيادات حتمية في أسعار المواصلات، بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وأوضح رئيس الفدرالية (مستقلة) عبد القادر بوشريط ل "الأناضول"، أنه يتوقع زيادات في أسعار المواصلات العامة مع مطلع السنة الجديدة، نظرا لعدم وجود بديل من السلطات تجاه الناقلين.
وذكر "بوشريط" أن الفدرالية "تفادت الزيادة في أسعار المواصلات خلال العام الجاري رغم رفع أسعار الوقود، بعد تلقيها وعودا من وزارة النقل تقضي بتقديم تحفيزات وتسهيلات ضريبية للناقلين، ومساعدات لتجديد المركبات".
وتابع: "للأسف الوزارة لم تف بوعودها التي أطلقتها".
وقال: "سنفاوض الوزارة الوصية (وزارة النقل)، وبعدها سنقرر إن كنا سنرفع الأسعار أم لا".
وكان قانون الموازنة العامة لعام 2017، سجل عجزا قيمته 1113 مليار دينار جزائري (قرابة 11 مليار دولار)، بقيمة إيرادات في حدود 6002 مليار دينار (60 مليار دولار)، ونفقات تفوق 7115 مليار دينار (71 مليار دولار).
وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية، وشحا في الإيرادات منذ ثلاثة أعوام، جراء تراجع أسعار النفط بأكثر من 55 في المائة.
وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيل النقد الأجنبي، من 60 مليار دولار في 2014، إلى 27.5 مليار دولار نهاية 2016.