كانت هناك جراح وحوادث سير تاريخية خطيرة، لكنها كلها لم يستحضرها الملايين من المغاربة الذين أحسوا باليتم مع رحيل الحسن الثاني، وبكوه بحرقة وبوجع.. بل كان للملك الراحل عشاق استثنائيون أحبوه بشكل يصعب تصديقه، بدون أي طمع في أن ينفحهم أو يغدق عليه من كرمه، مثل ذلك السائق المغربي الذي توقف بصحافي إسباني في قلب الصحراء لأن الملك أعلن توقف المسيرة.. يحكي الفقيه الراحل محمد بنبين أن صحافيا إسبانيا كبيرا، كان مقربا من الملك خوان كارلوس، حل بالمغرب من أجل تغطية حدث المسيرة الخضراء، ولما كان يقود السائق المغربي السيارة ، فتح المذياع، فكان الحسن الثاني يوجه خطابه الشهير الذي يطلب فيه من المتطوعين في المسيرة ضرورة التوقف في الحدود المرسومة، فعمد السائق إلى التنحي بالسيارة إلى يمين الطريق وأسكت محرك السيارة وهما في الخلاء، فلما تساءل الصحافي الإسباني عن سبب توقفه في ذلك المكان، قال له السائق: "لقد أمرنا سيدنا بالتوقف، ولا يمكن مخالفة أمر جلالة الملك".. ورفض تحت أي إغراء استئناف السير.
حين عاد هذا الصحافي الإسباني إلى دياره، طلب لقاء الملك خوان كارلوس، فحكى له ما وقع وقال له: "على جلالتكم أن تتنازلوا عن الصحراء لأهلها، فالمغاربة يعبدون ملكهم، وهم قادرون على فعل كل ما يأمرهم به". هو ذا الحسن الثاني الذي سنحتاج إلى زمن بعيد لنقيم معه علاقة سليمة خارج الحب والإعجاب، أو بالمشاعر النقيضة لذلك، وفي كل الأحوال سيظل الحسن الثاني دوما في حاجة إلى إعادة الاكتشاف حتى ونحن على بعد 18 سنة من رحيله، فقد وشمنا ب 38 سنة من الحكم..