دفعت عاصفة الانتقادات التي طوّقت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج من كل حدب وصوب، وفي مقدمتها تلك التي كان مصدرها القضاة، المؤسسة إلى إصدار بلاغ جديد اليوم الأربعاء، قالت فيه إنها سجلت ما وصفته ب"تأويلات غير صحيحة"، حيال موقفها المُنبِّه إلى الاكتظاظ المتزايد بالسجون. ورفضت المندوبية ضمن بلاغ توصلت "الأيام 24" بنسخة منه، "تبخيس الجهود المتواصلة التي تبذلها بالرغم من الاكتظاظ المتزايد بالسجون"، في ما يخص ظروف الاعتقال والتأهيل لإعادة الإدماج. وذلك جوابا منها على ردود الأفعال الساخطة التي أثارها بلاغ أصدرته الإثنين بشأن ظاهرة اكتظاظ المؤسسات السجنية المغربية.
وكان القضاة قد وجّهوا اتهاما إلى مندوبية محمد صالح التامك، بمحاولة المس باستقلال السلطة القضائية، وأعلنوا رفضهم لأي "تأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح"، مؤكدين أن المخاطب الوحيد للمندوبية العامة هي رئاسة الحكومة باعتبارها الوصية على هذا القطاع". مثلما جاء في بلاغ لرابطة قضاة المغرب صدر بهذا الشأن.
ويبلغ عدد السجناء بالمؤسسات السجنية، وفق معطيات حديثة، ما مجموعه 100 ألف وأربعة سجناء، وهو رقم تصفه المندوبية بالقياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64 ألف و600 سرير.
ويصل عدد السجناء بالسجن المحلي "عين السبع| بالدار البيضاء لوحده فقط، ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، بينما الطاقة الاستيعابية لهذا المركب لا تتعدى 3 آلاف و800 سرير. لكن المندوبية تقول إن هذا الاكتظاظ المسجل لم يمنعها من تسخير كل الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبشرية لتحقيق أهدافها، موضحة في بلاغها الصادر اليوم أنها "قامت بتفويض تغذية السجناء إلى شركات متخصصة في هذا المجال، مما مكن من تحسين الوجبات الغذائية المقدمة للنزلاء كما وكيفا، هذا علما أن عملية التفويض هذه وفرت على الأسر التكاليف والمشقة المرتبطة بالقفة، كما مكنت المندوبية العامة من التقليص بشكل كبير من حجم الممنوعات المسربة إلى المؤسسات السجنية". أما في ما يخص الرعاية الصحية، يضيف المصدر ذاته، فقد "تم تسجيل تطور كبير في عدد ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للنزيلات والنزلاء، حيث فاقت هذه الخدمات تلك المقدمة على المستوى الوطني". وبالنسبة للدارسة والتكوين المهني ومحاربة الأمية برسم الموسم الجاري، كشفت مندوبية صالح التامك، عن استفادة 6748 نزيلا من برامج التعليم والتربية غير النظامية، مشيرة إلى أن عدد النزلاء الحاصلين على شهادة البكالوريا أحرار بلغ ما مجموعه 633 نزيلة ونزيلا، كما بلغ عدد النزلاء المسجلين بمختلف الكليات 1685 نزيلا، علما أن عدد السجناء الحاصلين على شهادات جامعية قد بلغ خلال السنوات الخمس الأخيرة 602 سجناء.
وفي ما يتعلق بمحو الأمية، فقد بلغ عدد المستفيدات والمستفيدين من هذا البرنامج خلال السنوات الخمس الأخيرة ما مجموعه 43966 نزيلة ونزيلا.
في سياق متصل، لفتت المندوبية إلى أنها طورت جيلا جديدا من البرامج الخلاقة، من بينها "الجامعة في السجون"، الذي بلغ دورته ال12، و"اللقاء الوطني لفائدة السجينات"، الذي بلغ دورته الرابعة، إضافة إلى برنامج "مصالحة" الموجه لفائدة النزلاء المعتقلين على خلفية قضايا التطرف والإرهاب، والذي بلغ دورته ال12، وبرنامج "الملتقى الصيفي للأحداث" الذي بلغ دورته السادسة، إضافة إلى برنامج "سجون بدون عود" لفائدة النزلاء الأحداث والذي أطلقت دورته الأولى مؤخرا.
وخلصت مندوبية السجون إلى أن نجاح مختلف البرامج التي تطلقها لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية، "يبقى رهينا بتحسين ظروف الاعتقال عبر تقليص حدة الاكتظاظ، وذلك بهدف زيادة نسبة الاستهداف وإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من النزيلات والنزلاء للاستفادة منها".