تستعد الزعيمة البورمية اونغ سان سوتشي لالقاء خطاب هو الأول لها حول ازمة الروهينغا سعيا منها الى تهدئة الانتقادات الغاضبة في العالم من دون الطعن في الجيش. وتولت سان سوتشي منصبها العام الماضي كزعيمة مدنية لبورما بعد 50 عاما من حكم المجلس العسكري. وتركز مذاك طاقتها على التوازن السياسي الحساس بين حكومتها المدنية والجنرالات الذين لا يزالون يتحكمون في العديد من اجهزة السلطة.
وستلقي الحائزة على جائزة نوبل للسلام الثلاثاء الخطاب الاهم منذ توليها مسؤولياتها.
وسيكسر الخطاب المتلفز صمتا مطبقا تقريبا منذ اندلاع أعمال العنف العرقية والدينية في ولاية راخين والتي أدت إلى فرار نحو 400 الف من الروهينغا المسلمين الى بنغلادش.
كما نزح نحو 30 الفا من البوذيين والهندوس في ولاية راخين الى مناطق اخرى داخل بورما.
وفي مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) قال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش ان الرهانات مرتفعة حيال خطاب الثلاثاء ووصفه بانه "الفرصة الاخيرة" لوقف الكارثة الانسانية.
واضاف "اذا لم تقم بتغيير الوضع الان، فاعتقد ان المأساة ستكون رهيبة تماما، ولسوء الحظ لا أرى كيف يمكن العودة عن ذلك في المستقبل".
واندلعت اعمال العنف الاخيرة اثر شن مسلحين من الروهينغا هجمات شملت 30 مركزا للشرطة فى ولاية راخين في غرب بورما.
ووصفت الاممالمتحدة العملية التي اطلقها الجيش في اعقاب الهجمات بانها "مثال للتطهير العرقي" مع احراق القرى لدفع المدنيين الروهينغا الى النزوح.
ويستغرب كثيرون في الخارج صمت البورميين الذين طالبوا لوقت طويل بحقوقهم المدنية في مواجهة المجلس العسكري، عما يتعرض له الروهينغا.
ومن المتوقع ان يكون خطاب سوتشي بالإنكليزية جزئيا على الأقل لانه يسبق اجتماعا في الجمعية العامة للأمم المتحدة سيتضمن انتقادات الى بورما بسبب الأزمة.
لكن المحللين يعربون عن اعتقادهم بإن قوتها على ايقاف الجيش محدودة، كما ان ردها حتى الآن يشير إلى أنها ستختار أهون الشرين.
وقالت فرانسيس ويد، مؤلفة كتاب "عدو ميانمار الداخلي: العنف البوذي وتحويل المسلم إلى +آخ ر+"، لوكالة فرانس برس ان سان سوتشي "تعطي مؤشرات بان اولويتها الرئيسية هي العلاقة بين الحكومة والجيش وان المذبحة شان ثانوي".
واضافت "من الواضح أن هذا يثير تساؤلات حول نوعية القيادة التي تسعى الى تحقيقها، وكذلك حول ما ان كانت السياسة في بورما تستحق التضحية بمجموعات بأكملها".
يذكر ان الرابطة الوطنية للديمقراطية بزعامة سان سوتشي حققت فوزا كاسحا عندما سمح الجيش باجراء انتخابات عام 2015.
وقبل أن يتخلى الجنرالات عن بعض الصلاحيات، وضعوا أنفسهم في صلب الدستور، وضمنوا مستقبلهم السياسي بواسطة كتلة برلمانية والسيطرة الكاملة على الشؤون الامنية.
وخلال العامين الماضيين، ادت الخطوات التدريجية التي اتخذتها سان سوتشي ورفضها إغضاب المؤسسة العسكرية التي أبقت عليها قيد الإقامة الجبرية طوال عقدين تقريبا الى ظهور أولى مؤشرات سيادة القانون في البلاد.
لكن اندلاع العنف في راخين والضغوط التي تتعرض لها من العالم الخارجي ل"تفعل شيئا حيال ذلك" قد يخل بهذا التوازن.
بالاضافة الى ذلك، تتقاسم غالبية السكان وجهة نظر الجيش بأن مسلمي الروهينغا- الذين يطلق عليهم تسمية "البنغاليين" - هم متآمرون عازمون على أخذ الأراضي والموارد من البوذيين.
ووسط الرماد في راخين، يظهر قائد الجيش مين أونغ هلينغ كشخصية شعبية بشكل غير متوقع، متحديا عدم الثقة العميقة بالجيش.
ومن خلال فيسبوك وتويتر نجح بانقاذ سمعة مؤسسته التي كانت سيئة مدافعا عن سيادة بورما والديانة البوذية ضد "الإرهابيين البنغاليين المتطرفين".
والسبت، كرر على موقع فيسبوك خلاصة وجهة نظر محلية واسعة الانتشار تؤكد ان الروهينغا "لم تكن قط جماعة عرقية في بورما".
وفي ظل ابراز لجيش عضلاته، فان أي خطوة لسوتشي في اتجاه مختلف قد ينظر إليها العسكريون على أنها خيانة او غدر.
وادت دوامة معقدة من التوتر العرقي والديني، في خمسة عقود من الحكم العسكري، الى توتير اي نقاش حول الروهينغا.
ويعتبر العديد من البوذيين ان هجمات 25 اب/أغسطس كانت بمثابة تأكيد للمخاوف المزمنة بأن إسلاميين مقيمين في الخارج يعتزمون الاستيلاء على ولاية راخين، البوابة الغربية لبورما.
وتجعل هذه المخاوف الكثيرين يغض ون النظر عن التعاطف مع الروهينغا الذين يسلكون طرق الهرب إلى بنغلادش ويعيشون في ظروف بائسة.
وفيما تواجه سوتشي انتقادات دولية، ما زالت تحظى بثقل في بلدها. وقد نالت، بسبب امتناعها عن الدفاع علنا عن الروهينغا، ثناء حتى من قبل الرهبان القوميين البوذيين.
وكتبت ميزين آيي، وهي سيدة أعمال معروفة بدعمها لسوتشي على موقع فيسبوك "إنها ليست رمزا لنا، وليست قديسا بالنسبة لنا، انها زعيمة بلادنا (...) تتخلى عن كل شيء من أجل حريتنا بمواجهة الحكام العسكريين".