غضب السلطان دوما استثنائي، مغاير، لا يبقي ولا يذر.. حين يرضى الملك يصنع الجنة على الأرض للمرضيين، وحين يغضب يمكن أن يحس المغضوب عليه أن الجحيم فردوس مفقود، فلذلك تتداول حكايات معظمها غرائبي عن مسؤولين أصيبوا بالشلل أو حملوا إلى الإنعاش بسبب أزمة قلبية على إثر غضبة ملكية.. لذلك كان السلطان مولاي حفيظ يردد:»من اقترب منا أتعبناه، ومن ابتعد عنا أرحناه». العديدون ممن عاشوا وسط دهاليز القصر الملكي حكوا عن خطورة قلق وغضب الملك، منهم أرملة الجنرال أوفقير فاطمة الشنا، التي أكدت أن أكبر عيوب الملك الراحل هو عدم الاستقرار على مزاجه، «فكثيرا ما تراه فرحا في الصباح، سيء المزاج بعد قليل من ذلك، كان ذلك الطبع المتقلب والطارئ مربكا جداً للمحيطين به، لم نكن نعلم قط أي وجه من وجوهه سنقابل..». أما المستشار الملكي عبد الهادي بوطالب فيصف الحسن الثاني بأنه «رجل حازم، لكنه كلما اتخذ قرارا حازما في حق أحد إلا ويبدأ في التفكير في المرحلة اللاحقة، أي كيف يخفف من وقع هذا القرار وكيف يطوي صفحته بقرار آخر لصالح المعني بالأمر... لقد تعارك مع القادة الوطنيين وذهبوا إلى السجون»، مما يعكس حدة مزاجه وردة فعله، «لكن حين كانوا بالسجون كان يسارع إلى وضعهم في (فيلات) محترمة ويبعث إليهم بموائد الأكل من القصر الملكي وجميع ما يرغبون في اقتنائه من كتب وصحف وغيرها... إنه كلما ضرب بلطمة على خد أحد إلا ومسح أثر ذلك بكفه في رفق الخد الذي ضربه، إلا أنه عندما تكون البلاد في أزمة سياسية فإنه يفضل استعمال الحزم، وبعد ذلك يُعَقِّبُ الشدة بالرخاء».