في الوقت الذي تحدث فيه أغلب النزاعات والصراعات بين سائقي سيارات الأجرة والعاملين في النقل العمومي عبر التطبيقات الهاتفية أمام أنظار رجال الأمن والسلطات، تطفو على السطح إشكالية الوضع القانوني لهذه الشركات التي يعمل هؤلاء تحت لوائها، رغم السماح لبعضها ببث وصلاتها الإشهارية عبر وسائل الإعلام العمومية أو الخاصة، أو عبر اللوحات الإرشادية بمختلف الشوارع. لكن حتى الآن لا تتوفر السلطات العمومية وعلى رأسها وزارة الداخلية على أي إطار قانوني يسمح بتحديد طريقة مثلى من أجل التعامل مع الإشكاليات التي يطرحها هذا النوع الجديد من النقل، الذي بدأ ينتشر في المغرب منذ سنوات قليلة، خاصة مع دخول شركة «أوبر» إلى هذا المجال منذ عام 2015.
لكنها ووجهت بالمنع من طرف السلطات، حيث أصدرت ولاية الدارالبيضاء، بيانًا قالت فيه إن شركةUBER لا تتوّفر على ترخيص للعمل بالمغرب، وأن مباشرتها لأنشطتها منذ 21 يوليوز 2015 يبقى غير قانوني، وهو نفس الأمر الذي قامت به بخصوص شركة أخرى الشهر الماضي وهي «يانغو» التي أعلنت شهر أبريل الماضي عن استعدادها لإطلاق تطبيقها لنقل المواطنين في الدارالبيضاء، لكن نفس السلطات أصدرت بداية شهر يوليوز الحالي بيانا قالت فيه أنه «في إطار تتبع موضوع الأنشطة غير القانونية لنقل الأشخاص التي تتم ممارستها والوساطة فيها باعتماد تطبيقات الهاتف النقال، بلغ إلى علم مصالح هذه الولاية، أن الشركة الأجنبية المسماة Yango التي تنشط في مجال النقل وتقديم الخدمات عبر التطبيقات الذكية، قد شرعت في تنظيم وعرض وتقديم خدمات نقل الأشخاص بالمقابل بالاعتماد على تطبيق للهاتف النقال يسمى Casablanca à Yango دون توفرها على أي إذن أو ترخيص مسبق بذلك، وباستعمال مركبات غير مرخص لها وتشغيل سائقين غير مهنيين، كما تشدد على أنه لم يتم الترخيص لأي جهة تمارس هذا النوع من النشاط سواء هذه الشركة أو غيرها ممن تتعاطى لنشاط نقل الأشخاص بواسطة سيارات خاصة غير مرخص لها».
ذات المصدر اعتبر أن «طبيعة هذه الممارسات تشكل خرقا جليا للمقتضيات القانونية المعمول بها ببلادنا، لا سيما تلك المتعلقة بمجال نقل الأشخاص بواسطة السيارات عبر الطرق وكذا المقتضيات القانونية المتعلقة بالسياقة المهنية الواردة بمدونة السير، ودرءا للتداعيات السلبية والأخطار المرتبطة بأنشطة النقل غير القانونية، تنهي الولاية إلى علم العموم بأن نشاط الشركة المذكورة يعتبر مخالفا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في هذا الشأن»، مذكرة المواطنات والمواطنين بخطورة التعامل مع شركات نقل الأشخاص غير المرخص لها، ومحذرة العاملين فيها من تعرضهم للعقوبات الإدارية والقانونية الجاري بها العمل في مجال تنظيم وضبط شروط ممارسة خدمات النقل العمومي للأشخاص.
وزارة الداخلية وجدت نفسها في حيرة أمام هذا النوع من أنشطة النقل العمومي، بحكم مسؤوليتها في مراقبة حاملي رخص الثقة لنقل المواطنين، وذلك في غياب الإطار القانوني المنظم لها، وهو ما كشفه خالد العتابي، مدير تنسيق الشؤون الاقتصادية بوزارة الداخلية، خلال يوم دراسي نظمته رئاسة النيابة العامة حول الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية شهر مارس الماضي والذي أكد أن أغلب العاملين في هذا المجال لا يتوفرون على «إذن أو ترخيص بمزاولة أنشطة نقل الأشخاص أو الوساطة في مجال النقل»، بل أكثر من ذلك، أكد أن «النشاط الذي تمارسه شركات النقل عبر التطبيقات، سواء في المغرب أو في باقي البلدان، يطرح إشكاليات ذات أبعاد قانونية وحقوقية واقتصادية واجتماعية»، معترفا بأن هناك صعوبات كبيرة تواجهها السلطات المغربية من أجل ضبط عمل هذه الشركات فضلا عن الجدل القانوني المرافق لعملها بحكم أنها لا تعدو أن تكون وسيطا بين مقدم الخدمة والزبائن ولا تتحمل أية مسؤولية في حالة وقوع حادثة سير خلافا لما هو منصوص عليه في الظهير الشريف لعام 1963، ومدونة السير، والتنظيم القانوني لعمل سيارات الأجرة، الذي يدبره الولاة والعمال، ما يتطلب القيام بإجراءات، من بينها تحسيس وتوعية المواطنين بمخاطر التنقل عبر هذه التطبيقات، وكذا تفعيل «المساطر القانونية والإدارية والقضائية تجاه الشركات التي تقدم خدمة النقل عبر التطبيقات الذكية، ومواكبة الشركات التي ترغب في تسوية وضعيتها وتقديم خدماتها بصفة قانونية، واحترام المقتضيات القانونية المتعلقة بمجال النقل»، وهي كلها إجراءات تتطلب ترسانة من القوانين خاصة في ظل استمرار الجدل والرفض من طرف شرائح واسعة من السائقين المهنيين في كبريات المدن المغربية، الذين يرون في هؤلاء جسما غريبا يهدد قوتهم اليومي، ولا تستفيد منهم الخزينة من أية موارد مالية في الوقت الذي يتم فيه إنهاك السائق المهني بعدد من الالتزامات المالية، سواء تعلق الأمر بكراء مأذونية النقل أو دفع أقساط تجديد السيارات والمصاريف اليومية التي تدفع لأصحاب السيارات إذا كان السائق غير مالك لها، وغيرها.