شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، اليوم السبت، مناقشة أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في علوم الاعلام والتواصل أعدها الباحث والصحفي مصطفى قشنني حول وسائل التواصل الاجتماعي وآليات تشكل الهوية الرقمية دراسة ميدانية لمستخدمي الفايسبوك في المغرب. وقد أشرف على هذه الأطروحة الجامعية الدكتور المصطفى عمراني أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس. وضمت لجنة المناقشة كل من الدكتور محمد القاسمي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس رئيسا، والدكتور إدريس الذهبي استاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز مقررا، والدكتور يحيى عمارة أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول وجدة مقررا. وقاربت أطروحة الإعلامي مصطفى قشنني إشكالية تشكل الهوية وتحولاتها في البيئة الرقمية، حيث اعتبر ان التحولات المتسارعة التي باتت تعرفها الهوية الفردية والجماعية في الواقع؛ وتشكلاتها المبهمة داخل البيئة الافتراضية. نتيجة الطفرات والتغيرات التي صارت ميزة هذا العصر المعلوماتي؛ حيث سلطان التقنية؛ وجبروت الصوت والصورة، قد غيرت من المحددات الأساس للهوية الواقعية بل أعادت تشكيلها في المواقع وفق ضوابط جديدة؛ وآليات قلبت المفاهيم الكلاسيكية والنظريات المؤطرة للهوية في بعدها السوسيولوجي والأنثروبولوجي والفلسفي أيضا. الجدير بالذكر أن الرسالة الجامعية تضمنت فصلين عالج فيها الطالب الباحث مصطفى قشنني الإطار النظري والتأصيل المفاهيمي للهوية والإعلام الجديد وفق مقاربة فلسفية وسوسيولوجية حدد فيها محددات الهوية الواقعية، وأسس الاعلام الجديد وأبعاده وكذا جغرافية المجتمع الافتراضي، ليقف في الفصل الثاني عند تجاذبات العلاقة بين الهوية والإعلام الجديد في البيئة الافتراضية حيث أبرز مجموعة من التمظهرات الحديثة للهوية الرقمية من قبيل التقمص والاغتراب الهوياتي وكذا الهوية السائلة والهجانة وغيرها… أما الباب الثاني فقد خصصه الباحث الاعلامي للدراسة الميدانية وفق دراسة استطلاعية لآليات تشكل الهوية الرقمية وتجلياتها لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بجهة الشرق: الفايس بوك انموذجا، في حين خصص الفصل الثاني لدراسة نقدية ورؤية استشرافية اقترح فيها الطالب آليات تحقيق مناعة هوياتية اتجاه الحتمية التكنولوجية من خلال الحتمية القيمية والتربية الإعلامية خلصت هذه الدراسة البحثية الى ضرورة تبني جملة من المقترحات للحفاظ على الهوية الواقعية أمام تداعيات البيئة الرقمية ومن ثمة تحقيق المناعة الرقمية للهوية الافتراضية.
هذا وأورد مصطفى قشنني إن مشروع بحثه هذا لم ينته بعد نظرا لعدة اعتبارات منها ان طبيعة الموضوع ممتد عبر الزمن لا سيما في ظل توالي التطورات التكنولوجية مما يفرض على الباحث ضرورة مواكبة المستجدات التقنية والالمام بالتطبيقات الرقمية لعل آخرها ظهور عالم المتافيرس، أو ما يسمى بالواقع المعزز باعتباره مجتمعا رقميا جديدا بمواصفات مغايرة فلا شك انه سيؤثر في معالم الهوية ومحدداتها الجهوية فقد صار الحديث عن الشبيه الافتراضي الافاتار كبديل للهوية الرقمية بمحددات جديدة نقلت الحواس والفكر بشكل واقعي نحو عالم رقمي فصار التداخل أكثر عمقا بين ذات واقعية وذات واقعية-رقمية مما يحفز الى المضي في البحث من جديد للكشف عن هذه الذات المبحرة في عالم المتافيرس .
الجدير بالإشارة إلى أن الباحث مصطفى قشنني أكد أن مشروعه البحثي ينفتح أيضا على عوالم جديدة مرتبطة بسياقات فكرية واجتماعية وسياسية املتها العولمة الثقافية وصراع الحضارات والهيمنة الايديولوجية وهي محددات ممتدة أيضا في الزمن في اطار صراع الوجود واثبات الذات ، فكل هذه العوامل وغيرها تجعل من البحث في تغيرات الهوية مستمرا في ظل التداخل بين الواقع والافتراضي.