لم تكن رغبة حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، في الحصول على ولاية ثانية على رأس الحزب العتيد، وإصراره عليها، إلا "مناورة سياسية"، فبعد أن أيقن زعيم الاستقلاليين أنه لم يعد له مكان في قيادة حزب الميزان مستقبلا، صعّد الأمر في وجه "حلفائه" وأيضا خصومه، حتى يضمن الحماية السياسية لشخصه. فشباط، الرجل السياسي المناور الذي تمكن من الظفر بالأمانة العامة لحزب علال الفاسي في المؤتمر السابق، أصبح يعي تماما بأن دوره انتهى ولم تعد هناك رغبة داخلية ولا خارجية في استمراره في قيادة الحزب، وبالتالي لا بد من حصوله على ضمانات مستقبلية، خاصة أنه حوصر من جميع الجهات، حتى أن الذراع النقابية للميزان سحبت من بين قدميه بعد أن دخل في مواجهة مع النعم ميارة الكاتب العام لاتحاد العام للشغالين. وبلاغ أعضاء اللجنة التنفيذية ل"حزب الإستقلال"، الحلفاء الأساسيون للأمين العام للحزب حميد شباط، وهم عادل بنحمزة وعبد القادر الكيحل وعبد الله البقالي، والذين أعلنوا من خلاله عن عدم مساندته في الترشح لولاية ثانية للحزب، والذي بدا ظاهريا بأنه "انقلاب" على الأب الروحي للثلاثة، لم يكن سوى مناورة سياسية ، لأنه تم باتفاق مع الطرفين! مصادر مطلعة كشفت ل"الأيام24"، أن البيان الذي صاغه بنحمزة والكيحل والبقالي، تم بعد اتفاق مع شباط وبعد مفاوضات عسيرة بين جميع الأطراف، وبالتالي، خروج الثلاثة بهذا البيان الناري وانقلابهم على أمينهم العام بين ليلة وضحاها، لا يعد سوى مناورة سياسية ستضمن من خلالها التموقع الحزبي لأعضاء اللجنة التنفيذية الثلاثة والذي سيحول دون محاسبته مستقبلا بسبب شبهة الاغتناء غير المشروع. المصادر ذاتها أكدت أن مضمون البلاغ، وخروجه في هذا الوقت بالذات جاء أيضا لتقوية التفاوض بين جناح شباط وجناح حمدي ولد الرشيد ، وذلك حتى يتمكن جناح شباط من أن يأخذ مكانه بشكل قوي في المؤتمر القادم، وبالتالي سيتم ضمان الحماية السياسية لشباط والتي ستبعد عنه كل ما يمكن أن يمس شخصه وتاريخه السياسي . في المقابل، تضيف المصادر ذاتها، سيكون هناك توافق بين التيارين داخل اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال حيث لن يتم رفض بنحمزة والكيحل والبقالي الذين يعدون من بين القياديين البارزين داخل الحزب ودورهم في التأثير على تنظيمات الحزب، ف"الاستقلال" بحاجة الآن للململة جروحه لتجاوز الإشكاليات الجوهرية والعميقة المطروحة على هذا الحزب وفي هذه المرحلة بالذات، وبالتالي سيضمن هؤلاء تموقعهم في المؤتمر القادم والذي سيوازيه بالتأكيد ضمان الحماية السياسة للأمين العام الحالي.