ذكرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية، أمس الثلاثاء، أن المغرب، صاحبة الاقتصاد العربي الأعلى، بدأ أدائها في التراجع، على غرار ما حدث في مصر، وذلك بعد إعلان الحكومة المغربية نيتها لتعويم العملة، وفقا للخطة المدعومة من صندوق النقد الدولي. وأوضحت الوكالة أنه طوال ال5 عقود الماضية، لم يشعر رجال الأعمال والمستثمرون بالقلق على الإطلاق، إزاء مخاطر العملات، حتى أعلنت الحكومة المغربية عن خطط لتعويم الدرهم، ما أثار المخاوف في جميع أنحاء المغرب، واندفع المغاربة في شراء الدولار واليورو خوفا من أن الدرهم سوف يضعف، ما تسبب في انخفاض احتياطيها بمقدار 3 مليارات دولار في 3 أشهر فقط من هذا العام.
ووفقا للوكالة، فإن الحكومة المغربية أجلت في يونيو تنفيذ قرار التعويم مرة أخرى.
وكانت هذه المرة الثانية على الأقل التي تتأجل فيها تلك الخطوة المدعومة من صندوق النقد الدولي، وهي محور طموحات المغرب لتصبح مركزا ماليا مهيمنا في شمال أفريقيا.
ويؤكد كبير الاقتصاديين العالميين في شركة «رينيسانس كابيتال»، التي تتخذ من لندن مقرا لها، تشارلز روبرتسون، للوكالة أن مزيدا من تأخير خطوة التعويم تهدد بإضاعة «الوقت المثالي» من حيث صحته الاقتصادية لتخفيف الضوابط.
وقال «روبرتسون»، الذي كان في رحلة بحثية إلى المغرب في يوليو، ل«بلومبرج» إن الخوف من المجهول والتشاؤم يسيطر على أوضاع الشركات في المغرب، بالإضافة إلى تجربة مصر في التعويم، الذي أفقد الجنيه نصف قيمته مقابل الدولار بعد أن ألغت الحكومة معظم الضوابط في نوفمبر لإنهاء النقص في العملة الأجنبية.
وفي الوقت الذي أصر فيه محافظ البنك المركزي المغربي، عبداللطيف الجوهري، مرارا على أن التعويم سيبدأ تدريجيا ابتداء من النصف الثاني من العام، فإنه من غير الواضح الآن متى سيجري التحرير.
وقال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في الأول من يوليو، إن المرحلة الأولى ستسمح بتحريك العملة في حدود 5% يوميا مقابل 0.6% حاليا.
ووفقا للوكالة، يرى البعض أن إضعاف العملة يمكن أن تصاحبه بعض الفوائد.
وقال الرئيس التنفيذي لمصنع المنسوجات والملابس «سوميتكس»، عبدالهادى بيسا، إنه يأمل في «انخفاض منظم» للدرهم لأن هذا من شأنه أن يساعد المنتجات المغربية على المنافسة مع السلع التركية والصينية.
وأضاف «بيسا» أن الحكومة المغربية تقول إنها تريد من الشركات المغربية تعزيز الصادرات والتوسع جنوبا في إفريقيا، لكننا حتى الآن لم نكن قادرين على المنافسة بما فيه الكفاية، وربما إصلاح العملة قد يغير ذلك.
ووفقا للوكالة، إذا تم تنفيذ التعويم بطريقة خاطئة، فمن الممكن أن يؤدي أيضا إلى تفاقم الاضطرابات التي تشهدها المغرب منذ قتل أحد بائعي الأسماك في معركة القمامة في أكتوبر بعد تدخل مع الشرطة. وأصبح الحادث نقطة محورية لحركة احتجاج تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي.
ومع ذلك، يقول المحللون، وفقا للوكالة، إن الاقتصاد المغربي في حالة جيدة تسمح بإزالة القيود المفروضة على الدرهم. وخلافا لمصر قبل تعويمها للجنيه، فإن المغرب يتمتع بتصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية، فضلا عن توسع في القطاع الخاص. ومع توقع أن يبلغ متوسط النمو 4.1% في عامي 2017 و2018، من المتوقع أن يتفوق على معظم الاقتصادات العربية بما فيها مصر وتونس، فضلا عن السعودية والإمارات.
ومن المتوقع أن ينخفض عجز ميزانيته إلى 3.1% هذا العام، مقابل 4.2% عام 2016، وفقا لتقديرات الاقتصاديين التي جمعتها «بلومبرج»، كما أن التضخم سينخفض لأقل من 2٪.