كشفت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، اليوم الجمعة، أن الأسعار العالمية للمواد الغذائية، وإن كانت لا تزال "مرتفعة جدا"، تراجعت للشهر الثاني عشر على التوالي مسجّلة انخفاضاً بنسبة 20,5 % في مارس 2023 بالمقارنة مع الشهر ذاته من 2022 حين كانت الأسواق تشهد أولى تبعات الحرب في أوكرانيا. وأفادت الفاو أنّ "الوفرة المتاحة وضعف الطلب على الواردات وتمديد المبادرة حول حبوب البحر الأسود (الاتفاقية التي سمحت بتصدير الحبوب الأوكرانية) ساهمت في هذا التراجع"، مشيرة إلى أنّ الأسعار لا تزال تلقّي بعبئها على الدول المستوردة ذات الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
من جهة أخرى، وعلى العكس من ذلك، توقع البنك الدولي، أن يكون نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أبطأ في عام 2023، حيث يضيف تضخم أسعار المواد الغذائية الذي يزيد عن 10٪ ضغوطا على الأسر الأشد فقراً، ويمكن أن يمتد تأثير انعدام الأمن الغذائي إلى أجيال قادمة، وفقا لتقرير البنك الدولي "أحدث المستجدات الاقتصادية".
وأوضح البنك في تقريره بعنوان "حين تتبدل المصائر: الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أن يتباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي للمنطقة إلى 3٪ في عام 2023 مقابل 5.8٪ في عام 2022. مضيفا أن البلدان المصدرة للنفط، التي استفادت من المكاسب غير المتوقعة في عام 2022، ستشهد تباطؤا في النمو، لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين البلدان مرتفعة الدخل وبقية بلدان المنطقة. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وهو بديل أفضل لتحديد مستويات المعيشة، ليصل إلى 1.6٪ في عام 2023 من 4.4٪ في عام 2022.
وارتفع معدل التضخم في المنطقة ارتفاعا كبيراً في عام 2022، لا سيما في البلدان التي شهدت انخفاضا في قيمة العملة. وركز التقرير على وجه التحديد على تأثير تضخم أسعار الغذاء على انعدام الأمن الغذائي، حيث خلص إلى أن ثمانية من بين 16 بلداً عانت من تضخم أسعار المواد الغذائية بما يزيد على 10%، مما أثر على الأسر الأشد فقرا أكثر من غيرها لأنها تنفق على الغذاء أكثر مما تنفقه الأسر الأفضل حالا.
وعَقّبَ فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التقرير، قائلاً: "يُخَلف تضخم أسعار الغذاء تأثيراً مدمراً على الأسر الفقيرة. وستشعر الأجيال المقبلة بآثار انعدام الأمن الغذائي على المدى الطويل، ومن المحزن أن تحد من آفاق الكثير من الشباب." وأضاف أن "التكلفة البشرية والاقتصادية للتقاعس عن العمل هائلة، وثمة حاجة إلى تطبيق سياسات جريئة في منطقة يشكل فيها الشباب أكثر من نصف السكان."
ووجد التقرير الذي يصدر مرتين سنويا أن "متوسط تضخم أسعار الغذاء على أساس سنوي في 16 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين مارس ودجنبر 2022 بلغ 29٪. وكان هذا أعلى من معدل التضخم الكلي الذي ارتفع في المتوسط إلى 19.4٪ على أساس سنوي خلال تلك الفترة، مقارنة بنسبة 14.8٪ بين أكتوبر 2021 وفبراير 2022، وهو شهر الغزو الروسي لأوكرانيا.
فعلى مستوى كل المجموعات الفرعية الأربع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي شملها التقرير – البلدان النامية المستوردة للنفط، والبلدان النامية المصدرة للنفط، والبلدان الواقعة في صراعات، ودول مجلس التعاون الخليجي – يشكل التضخم ما بين 24% إلى 33% من انعدام الأمن الغذائي المتوقع في عام 2023".