عندما تحدث وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة بلهجة حادة ضد الحكومة الإسرائيلية، بأن الرباط ترفض دائما كل تصرف غير مسؤول وكل تصرف يمكن أن يكون وفق تعربيه "تحريضيا أو ذي أثر سلبي عن حل القضية الفلسطينية، وفق مقاربة حل الدولتين". كثُرت بعدها التساؤلات حول ما إذا كان المغرب يبعث برسائله المبطنة إلى تل أبيب، ومستقبل العلاقات التي تلت التوقيع الثلاتي نهاية 2020. وقال عبدالعالي الكارح، الباحث في العلاقات الدولية إن المغرب يقرأ جيدا حساباته على مستوى العلاقات الخارجية، فالتطبيع مع إسرائيل لايعني بالضرورة التصفيق لإسرائيل أو الصمت على ما ترتكبه من استفزازت وتجاوزات في حق الشعب الفسلطيني، والرباط كانت دائما في الصف الأول الداعم للقضية الفلسطينية.
وأضاف في حديثه ل"الأيام 24″ أن علاقة الرباط مع إسرائيل، لا تمس العلاقة مع الشعب الفلسطيني ودفاع المغرب عن الحقوق المشروعة للفلسطينين، موضحا بأن مواقف المغرب تجاه القضية "واضحة"،تتأسس دعم بلاده لحل الدولتين.
فالاتفاق بين الرباط وتيل أبيب، وفق المحلل السياسي يظل إلى حدود اليوم بعد مرور سنتان على توقيع الاتفقاث، بنتائج إيجابية للطرفين، مشيرا إلى أن المغرب استفاد من الخبرات العسكرية والتكنولوجية للإسرائيليين، فضلا عن استفادته من الدعم السياسي لطموحاته على المستوى الدولي، لكنه لم يتخل في ذات الوقت عن مصالح الشعب الفلسطيني.
لكن في خضم الاتفاق ونشوة العلاقات، انتظر المغرب من إسرائيل أن تحذو حذو الولاياتالمتحدةالأمريكية، في الإقرار بمغربية الصحراء، لكن الموقف الإسرائيلي ظل مترنحا ومائلا إلى الغموض، بدليل أنه مباشرة بعد إعلان توقيع الاتفاق الثلاي، ظهر بنيامين نتنياهو سعيدًا وقتها في شريط فيديو، وهو يعلن إطلاق خط جوي مباشر لشركة إل عال من تل أبيب إلى الدارالبيضاء، وظهرت خريطة المغرب مبتورة من صحرائه. هذا أثار غضب الرباط، قبل أن يقدم المسؤولون الإسرائيليون اعتراهم عن الواقعة، وزعموا أن خريطة المغرب المبتورة التي ظهرت في فيديو نتنياهو قديمة جدًّا.
ويعود هه مرة نتنياهو إلى منصبه الأول، ويزيد من الوضع غموضا أكبر، إذ بعد مُضي عامَين على "استئناف العلاقات"، تواصل تل أبيب تتخذ موقفًا ضبابيًّا من قضية الصحراء، في وقت تم الحديث سابقا أن التطبيع يضمن اعتراف "إسرائيل" بمغربية الصحراء وانخراطها في الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي أمام المنتظم الدولي.
في السياق، تتعالى أصوات من داخل المغرب، أحزابا ومنظمات مدنية، تدعو إلى وقف العلاقات، منديين ضد بما يصفونه ب"جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني"، حيث تستعد "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع"، لتنظيم وقفة احتجاجية مركزية أمام مبنى البرلمان بالرباط، مساء الخميس 30 مارس الجاري.