يتواصل النفي الفرنسي بعدم تلطخ أيديها من تصويت إدانة المغرب من طرف البرلمان الأوروبي، نفي لا يبدو أنه يقنع الرباط التي أشارت بها أوساط سياسية حزبية وبرلمانية إلى تورط باريس البيّن في تصويت البرلمان الأوروبي، في ما يشبه اللعب السياسي المستتر بقناع حقوق الإنسان وحرية الصحافة، للضغط على المغرب من خارج معترك الدبلوماسية. نفي باريس عبر لسان المتحدثة الرسمية للخارجية الفرنسية، بأن يد الإليزيه بيضاء من قرار البرلمان الأوروبي، واتجهت إلى أبعد من ذلك بكثير عندما حاولت ايقاف ما ظنته تدهور العلاقات بين البلدين وعدم تركها لمزيد من التفاقم، مشددة على "عدم وجود أزمة مع الرباط". تأكديات حول ترسيخها من جديد السفير الفرنسي بالرباط لعله يقتلع جذور أزمة يبدو أنها ماضية إلى التعقيد أكثر.
السفير الفرنسي الجديد في المغرب كريستوف لوكوتورييه، الذي عُين في منصبه كسفير لبلاده في المملكة في دجنبر الماضي، من أجل "طي الصفحة"، في إشارة إلى العلاقة التي طبعها الجفاء خلال العامين الماضيين بين المغرب وفرنسا. قال في حوار صحافي نشرته مجلة "تيل كيل" الناطقة بالفرنسية، إن القرار الذي اتخذه البرلمان الأوربي بشأن وضعية الصحافة بالمغرب، "قرار لا يلزم أبدا فرنسا". السفير الفرنسي جدد التأكيد هذا الأسبوع انتهاء أزمة التأشيرات بين البلدين والعودة للوضع السابق، مشيرا إلى أن سلطات بلاده منحت العام الماضي أكثر من 142 ألف تأشيرة لمواطنين مغاربة، مبرزا أن هذا الرقم مثل ارتفاعا بلغ 105% مقارنة مع العام الذي سبقه.
وتبحث فرنسا الحفاظ على "خط الرجعة" مع المغرب الذي رفع من منسوب علاقاته الاستراتيجية مع إسبانيا التي باتت شريكا مفضلا، ما رأت فيه باريس أن مصالحه مع المغرب ذاهبة إلى مدريد.
وترى باريس بعين المنزعجة من التقارب والتعاون الحاصل بين المملكة المغربية وعدد من الدول من بينها روسيا والصين وألمانيا واسبانيا وغيرها، وتنظر بسخط وعدم رضا لسياسة المغرب القاضية بتوجهه نحو تنويع شركائه السياسيين والاقتصاديين وعدم الاقتصار على قطب واحد.
ويبدو أن العلاقات المغربية الفرنسية تعيش على وقع برود وأزمة صامتة لا يعرف متى ستنتهي، عقب قرارات الرباط بإلغاء زيارة نائب مدير شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية، أوليفييه لوكوانت، الذي كان من المقرر أن يزور المغرب بين 23 و24 يناير المنصرم. كما ألغت انعقاد اللجنة الاستشارية المشتركة حول التعاون القضائي، التي كانت مقررة يومي 30 و31 من الشهر نفسه. كما لا يُعرف إن كانت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي كانت مقررة بداية العام الجاري ما زالت قائمة أم لا.