يبدو أن فتور العلاقات بين فرنسا والمغرب مستمر ولا ارهاصات للصلح وتجاوز العقبات السياسية التي وُضعت على طريق العلاقات الثنائية، آخر فصول الأزمة مبادرة المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إلى عقد مؤتمر صحفي بحر هذا الأسبوع، للرد على اتهامات برلمانيين مغاربة بأن فرنسا لعبت لعبتها خلف الستار في تصويت البرلمان الأوروبي لإداة الرباط في ملف حقوق الإنسان، في مناورة سياسية بقناع حقوقي، وعن ذلك نفت المسؤولة الفرنسية أي ارتباط لذلك بالحكومة الفرنسية، وأن "البرلمان الأوروبي يمارس صلاحياته بشكل مستقل". المسؤولة الفرنسية في سياق حديثها نفت تورط بلاها في إدانة المغرب من طرف البرلمان الأوروبي، واتجهت إلى أبعد من ذلك بكثير عندما حاولت ايقاف ما ظنته تدهور العلاقات بين البلدين وعدم تركها لمزيد من التفاقم، بتأكيدها على "عدم وجود أزمة مع الرباط". تأكيد تنفيه الوقائع والمعطيات التي تجري بين البلدين خلال الشهور الماضية.
نفي فرنسا الرسمي لوجود أي أزمة بينها وبين المغرب، ردت عليه المملكة مباشرة بإلغاء اجتماعين هامين لمسؤولين فرنسيين، في خطوة تعكس استمرار استياء الرباط من قرار البرلمان الأوروبي وانعكاس واضح لا لُبس فيه على حالة الأزمة التي وقعت في شباكها علاقات باريسوالرباط.
ويتعلق إلغاء الرباط لزيارة المسؤلين الفرنسيين، لنائب مدير شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية، أوليفييه لوكوانت، الذي كان من المقرر أن يزور المملكة بين 23 و 24 يناير الجاري. كما ألغت الرباط انعقاد اللجنة الاستشارية المشتركة حول التعاون القضائي، التي كانت مقررة يومي 30 و31 من نفس الشهر، بحسب ما أورده موقع "لوديسك" المغربي.
ويكشف الموقف الفرنسي المتنكر لحالة الأزمة مع المغرب، تناقضا وتذبذبا في مواقف قصر الإيليزيه، إذ يعمد إلى اللعب على حبل التأشيرة، ومرة أخرى يستثمر في العلاقات المتدهورة بين الجزائر والمغرب، ومرة أخرى على ساحة البرلمان الأوروبي، إلى غير ذلك من المحاولات الفرنسية ربما للهروب من شرط المغرب الموضوع على رأس الأولوبات في علاقاته مع شركائه الأوروبين، ويتعلق الأمر بملف الصحراء.
يذكر أن الملك محمد السادس، قال في خطاب ملكي في الصيف الماضي، أن "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات". وأضاف الملك "ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل".
وفي ذلك رسالة واضحة أن باريس معنية أكثر من غيرها بمضمون الخطاب. لكن ماكرون يرى أن فرنسا "لا تريد أن تملى عليها سياستها حول الصحراء"، وأنها هي من "تقرر وحدها سياستها بشأن الملف".