يستمر التعاون الأمني المغربي الإسباني في جميع المراحل والحالات الدبلوماسية، حيث بقي التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية رغم الأزمة الدبلوماسية التي حصلت بين المغرب وإسبانيا إثر استقبال هذه الأخيرة ل"زعيم جبهة البوليساريو"، بحكم حرص المملكة على الأمن الوطني والإقليمي كذلك. حيث تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في عملية أمنية مشتركة مع المفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية، أول أمس الأربعاء 11 يناير 2022، من تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش"، تتكون من ثلاثة عناصر ينشطون في كل من إسبانيا والمغرب.
وتعليقا على الموضوع، قال محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، إن التنسيق بين المغرب وإسبانيا كان دائما وطيدا وخصوصا في السنوات الماضية، حتى في وقت الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بعد استقبال إسبانيا ل"زعيم البوليساريو" حيث استمر التنسيق الأمني بحكم حرص المغرب على بناء الاستقرار والأمن الإقليمي.
وأوضح الطيار في حديثه مع "الأيام 24″، أن القاء القبض على أحد العناصر المتطرفة باشتوكة ايت باها، بشكل متزامن مع إلقاء السلطات الإسبانية القبض على عضوين آخرين ينشطان في إطار الخلية الإرهابية نفسها بألميريا، تؤكد على أن الخطر الإرهابي المرتبط ب"داعش" لازال قائما وحاضرا بقوة.
وأضاف المتحدث نفسه، أن هذا راجع أولا إلى أن منطقة الساحل الإفريقي والتي تعتبر مناطق شاسعة يسيطر عليها تنظيم "داعش"، خاصة في المثلث الحدودي الذي يجمع ما بين مالي وبوركينافاسو والنيجر، حيث أصبح التنظيم الإرهابي يتحدث عن "إمارة خاصة به في مناطق شاسعة".
وأبرز الطيار أن السبب الثاني يتجلى في كون منطقة الساحل الإفريقي ليست بعيدة عن أوروبا وفي نفس الوقت هي لصيقة بالمغرب بحكم أن حدود الصحراء المغربية لصيقة بموريتانيا التي تعتبر أحد دول منطقة الساحل الإفريقي، مضيفا أن شرق موريتانيا يعرف تواجد جماعات إرهابية منذ عقود وأيضا بحكم أن هذه المنطقة المحاذية لمنطقة "أزواد" تنشط فيها "داعش" وأيضا "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
لذلك، يؤكد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، تحرص إسبانيا جدا على توطيد علاقة الدبلوماسية الأمنية، مبرزا أنها حريصة أيضا التعاون الأمني بحكم الخبرة المغربية في هذا المجال وأيضا النتائج التي حققتها المنظومة الأمني طيلة العقود السابقة والتي استطاعت تجنيب أوروبا مذابح وخسائر كبيرة بحكم المعلومات الاستخبارية التي قدمتها لهذه الدولة.
وكان بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أفاد أن عمليات التدخل التي باشرتها عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قد أسفرت عن توقيف أحد العناصر المتطرفة باشتوكة ايت باها، بشكل متزامن مع إلقاء السلطات الإسبانية القبض على عضوين آخرين ينشطان في إطار الخلية الإرهابية نفسها بألميريا.
وأضاف المصدر ذاته، أن الأبحاث المنجزة أوضحت أن الأشخاص الموقوفين في إطار هذه القضية، الذين بايعوا تنظيم "داعش"، كانوا ينشطون في نشر وترويج الفكر المتطرف بغرض التجنيد والاستقطاب، كما أبدوا استعدادهم للانخراط في عمليات إرهابية بعد تعذر التحاقهم بمعاقل هذا التنظيم الإرهابي بمنطقة الساحل حيث تربطهم علاقات مع مقاتلين مكلفين بتجنيد وتسهيل دخول المتطوعين "للقتال" لهذه المنطقة.
وأشار بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن عملية التفتيش المنجزة بمنزل الموقوف باشتوكة آيت باها، مكنت من حجز مجموعة من المعدات والدعامات الرقمية التي سيتم إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة، إضافة إلى قناع وسلاح أبيض عبارة عن أداة حديدية راضة، وكذا مخطوطات تمجد تنظيم "داعش".
وتم وضع الشخص الموقوف بالمغرب تحت الحراسة النظرية على خلفية البحث القضائي الذي تشرف عليه النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب والتطرف، بينما ستتكلف السلطات الإسبانية المختصة بإجراء الأبحاث والتحقيقات اللازمة مع عضوي هذه الخلية الموقوفين بإسبانيا.
وتندرج هذه العملية الأمنية المشتركة في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميز بين المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، حرصا على تحييد جميع المخاطر والتهديدات الإرهابية المحدقة بالبلدين، وسعيا كذلك لتعزيز التعاون الثنائي لفك الارتباطات القائمة بين الخلايا الإرهابية التي تنشط بين البلدين.