Getty Images مع نهاية العام 2022 تواجه مصر، على غرار غيرها من الدول العربية ودول العالم، العديد من التحديات الاقتصادية تزايدت حدتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، وما تلاه من نقص للإمدادات في مواد أساسية مثل النفط والغاز والقمح، وارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية. وعلى مدى هذا العام عانى المصريون من تداعيات تعويم الجنيه وتراجع قيمته أمام العملات الدولية، وشح الدولار في السوق المصرية، وارتفاع فاتورة الواردات الأساسية. وانعكست كلها سلبيا على القدرة الشرائية للمصريين. واضطرت الحكومة المصرية الى التفاوض مجددا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار خلال السنوات الأربع القادمة. وبالفعل تم التوصل الى هكذا اتفاق وجرى الإعلان عنه قبل أسبوع. وبموجب الاتفاق التزمت الحكومة المصرية بتعويم جديد للجنيه المصري في وقت تزداد فيه حدة أزمة نقص الدولار في السوق. وتشير التوقعات إلى أن التعويم الجديد في الظروف الراهنة سيفضي إلى تراجع جديد في سعر الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، بفعل أن الطلب على العملة الأمريكية من قبل التجار والمدخرين والحكومة سيرتفع لتمويل الواردات وحماية المدخرات من تقلبات أسعار العملة المصرية. وقد سارعت الحكومة المصرية الى طمأنة الرأي العام بالتأكيد على أن الاتفاق يهدف إلى "تحقيق الاستقرار المالي ودفع عملية الإصلاح الاقتصادي الشامل وتحفيز النمو المستدام". غير أن محللين كثيرين يشككون في إمكانية تحقيق ذلك الهدف ما دام الجنيه غير مستقر وجاذبية مناخ الاستثمار لرؤوس الأموال الخاصة ضعيفة. ويجادل هؤلاء بأن دفعات القرض والتمويلات الإضافية المتوقعة متواضعة، وبالتالي ليست في مستوى حجم الأموال الضرورية لتحقيق تلك الأهداف. علاوة على ذلك بات حجم الديون الخارجية لمصر قريبا من 177 مليار دولار في حين أنه لم يزد عن 140 مليار دولار عام 2021. ثم إن الدين العام المصري يشكل حاليا 89% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لمؤسسة التجارة الخارجية الألمانية للاستثمار والتجارة. ويعني هذا أن خدمة الدين المصري الذي تزيد سنويا عن 20 مليار دولار وفاتورة الواردات من السلع الأساسية سترتفعان بشكل كبير فيما تتراجع احتياطات البنك المركزي المصري من العملة الصعبة. وتكمن المشكلة المستعصية عن الحل في استمرار تراجع قيمة العملة المصرية أمام الدولار رغم القروض الجديدة والتمويلات الخارجية السخية، وعزوف الاستثمارات الأجنبية الطويلة الأجل عن ولوج السوق المصرية. فكلما التزمت الحكومة باعتماد مزيد من المرونة في سعر صرف الجنيه، كلما اتجه سعره الى المزيد من التراجع بسبب زيادة الطلب على الدولار بشكل يرفع سعره ويفاقم من أزمة نقصه في السوق. وقد اقترب سعر الدولار هذه الأيام من 25 جنيها بعدما كان أقل من 19 جنيها في آذار/ مارس الماضي، فيما يتراوح سعره في السوق السوداء بين 30 و 33 جنيها للدولار. وتواجه الدولة في الوقت الراهن أزمة حادة لتغطية تكاليف الواردات المتزايدة من السلع أولها المواد الأولية والأغذية والأدوية. ورغم محاولة الحكومة بيع المزيد من مؤسسات القطاع العام أو أسهم منها للقطاع الخاص يستمر النقص بشكل يضعف الثقة بمناخ الأعمال والاستثمارات الأجنبية التي تراجع تدفقها. وتتجه الحكومة في الوقت الراهن إلى اعتماد سياسة اقتصادية جديدة تطلق القوى الكامنة في القطاع الخاص وتقلص دور الدولة في الاقتصاد. وتستند هذه السياسة الى بيع المزيد من المؤسسات الحكومية وفسح المجال أمام الاستثمار الداخلي والأجنبي في مجالات كانت حكرا على الدولة. وفي هذا الاتجاه جاءت الموافقة المبدئية للبرلمان المصري هذا الأسبوع على قانون إنشاء صندوق تابع للهيئة للاستثمار يجيز بيع أصول قناة السويس. غير أن القانون أثار جدلا إعلاميا واسعا استدعى عقد مؤتمر صحفي من قبل الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس أكد فيه أن إنشاء صندوق استثماري تابع للهيئة لا يعني بأي حال التصرف في أي أصل من أصول القناة باعتبارها مملوكة للشعب المصري بنص الدستور. وأوضح ربيع أن الصندوق المزمع إنشاؤه سيمول من فائض الميزانية الخاصة بالهيئة، وأن الهدف منه تطوير الهيئة ومشروعاتها لما فيه منفعة الشعب المصري، مؤكدا على أنه لن يسمح لأي طرف أجنبي السيطرة على أي مشروع من مشاريع الصندوق، وأن السيادة على القناة ستظل مصرية، في إشارة إلى ما أثير حول استغلال أصول القناة. تحتاج مصر الى حوالي 14 مليار دولار إضافية لإعطاء دفعة جديدة لإصلاح الاقتصاد وسد العجز الناتج عن نقص العملة الأجنبية في البلاد. لكن في المقابل تهدد القروض المتزايدة بإغراق مصر بالديون التي أوصلت بلدانا عدة إلى الإفلاس، خصوصا وأن واردات مصر من العملة الصعبة لا تفي بمتطلبات خدمة الدين. لقد خسرت فئات عريضة من الشعب المصري أكثر من ثلث قوتها الشرائية خلال أقل من سنة. ولولا الدعم الحكومي المتواصل للسلع الأساسية وتحسين مستوى الأجور والرواتب لكانت الوضع الاجتماعي أكثر سوء. ورغم ما تبذله الدولة لدعم الطبقات الفقيرة ثمة مخاوف متزايدة من عواقب القروض الجديدة والقروض اللاحقة على المستوى المعيشي للمواطن المصري البسيط. برأيكم: هل تتمكن الحكومة المصرية من تجاوز التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع قيمة الجنيه المصري؟ ما هو تقييمكم للسياسات الاقتصادية المتبعة في مصر؟ لماذا لا تترك الحكومة قيادة قاطرة التنمية الاقتصادية في البلاد للقطاع الخاص؟ هل القطاع الخاص في مصر مؤهل فعليا لقيادة عملية التنمية مثلما يطالب بذلك صندوق النقد الدولي؟ هل يمثل استمرار الاقتراض الدولي تهديدا للاقتصاد المصري والأمن الاجتماعي؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 23 كانون الأول / ديسمبر خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989 إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على [email protected] يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC أو عبر تويتر على الوسم[email protected] كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب