ظلت دول الخليج العربي منذ عقود وفية لعهودها مع المغرب خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء حيث وقفت بجانب المملكة وأكدت غير مرة على تبنيها للموقف المغربي. غير أن بعض وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية عكست عبر شاشاتها تغيرا مفاجئا في الموقف الإماراتي السعودي من قضية الصحراء المغربية وإن لم يكن رسميا، مباشرة عقب إعلان المملكة المغربية عن التزامها "الحياد البناء" حيال أزمة الخليج وإرسالها لطائرات محملة بالأغذية صوب قطر. ما الذي تريد أن تقوله الإمارات والسعودية للمغرب ؟ لفهم الرسالة الإماراتية السعودية التي أرادتا إيصالها للمغرب من خلال الخريطة مقسمة، واستعمال تسمية "الصحراء الغربية" بدل الصحراء المغربية، لا يمكن أن نفصل ذلك عن سياق الأزمة الخليجية ورد الفعل المغربي الذي تريث كثيرا وخرج بقرار التزام الحياد. وعلى الرغم تأكيد المغرب عبر بيانين متتاليين على أنه معني بما يجري في خليج العرب وعن استعداده للعب دور الوساطة والخروج بحل ينهي الأزمة، إلا أن الدولتين الخليجيتين غضتا الطرف وكأنهما لم يريا شيئا مما تضمنه البلاغ. فهذه الغضبة الإماراتية السعودية قد تؤكد فرضية ضغطها على المغرب لأجل الانحياز لموقفها تجاه قطر كما فعلت مصر والبحرين ودول أخرى، حيث فاجأتها المملكة بإمساك العصا من الوسط ورفضها أن يزج بها في أزمة بين الأشقاء، وأرسلت شحنات من الأغذية إلى قطر تأكيدا منها على متانة علاقتها مع جميع الدول الخليجية.
أزمة الخليج لا تخدم قضية الصحراء المغربية وجدت المملكة المغربية نفسها منذ بداية الأزمة في موقف صعب، فقد أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما إما الوقوف في الجانب القطري أو الإماراتي السعودي، أما التزام الانحياز، فيبدو أن أحد أطراف الأزمة لم يتقبله وقرر مهاجمة المغرب واستهداف قضيته الأولى والمتعلقة بوحدته الترابية.
وغيرت أكبر دول الخليج من حيث الوزن السياسي وقوة القرار التي وقفت بجانب المغرب وناصرت قضيته لسنوات، لونها فجأة وحاولت استفزاز المملكة أو ابتزازها بتعبير أدق، لأنها تسعى إلى لي ذراع المغرب بمعنى الوقوف في صفنا مقابل الوقوف في صفك. ومثل هذه الدول لها علاقات سياسية واقتصادية وازنة ومهمة مع المغرب، فمشاريعها واستثماراتها في مختلف مناطق المملكة تنعش الاقتصاد الوطني وتضخ مزيدا من الملايير في الأسواق، وقوتها السياسية في المنطقة تعزز قوة المغرب أمام أعداء وحدته، فبقرار من السعودية أو الإمارات يمكن أن تنحاز كل دول مجلس التعاون إلى هذا الجانب أو ذاك. الحفاظ على متانة العلاقات يخدم قضية الصحراء المغربية الدبلوماسية المغربية كانت مدركة لما قد يترتب عن قرار الحياد، لذلك سارعت في بيانها الثاني إلى التأكيد على أن "المغرب لا يحتاج إلى تقديم دليل أو تأكيد على تضامنه الموصول مع الدول الخليجية الشقيقة".
وقبل سنة من الآن انعقدت القمة الخليجية المغربية، أكدت من خلالها دول الخليج على رأسها السعودية والإمارات على دعم قضية الصحراء المغربية، وأنها جزء لا يتجزأ من أراضي المملكة، فقد شدد حينها الملك سلمان على رفض السعودية لأي مساس بمصالح المغرب العليا. وجاء في البيان الختامي أن الموقف المبدئي لقادة الدول الخليجية هو "أن قضية الصحراء المغربية هي أيضا قضية دول مجلس التعاون"، معبرين عن دعمهم "لمغربية الصحراء، ومساندتهم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، كأساس لأي حل". ويذكر أنه شاركت في المسير ة الخضراء وفود من الإمارات والسعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان، وكان من أبرز الحاضرين محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي وصديق الملك محمد السادس الذي كان عمره آنذاك 14 سنة فقط. والعلاقة مع الإمارات تجاوزت إطارها البروتوكولي، إلى علاقة أخوية وصداقة قوية بين الملك محمد السادس ومحمد بن زايد، فالأخير يكن حبا كبيرا للملكة المغربية وبلاده تعتبر الاقتصاد المغربي أحد أبرز وجهاتها الاستثمارية، لذلك فاستقرار المغرب من استقرار استثماراتها.