كشفت صحيفة "لاراثون" الإسبانية، أن مافيا الهجرة غير النظامية بإقليم الناظور تتحين الفرصة لتنفيذ عملية إقتحام جماعية للسياج الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، ما يثير قلق الجانب الإسباني بشأن تكرار مأساة مقتل 23 مهاجراً من بين مئات حاولوا اقتحام. ونقلت "لاراثون"عن مصادرها أن "تدفق المهاجرين غير القانونيين نحو المنطقة الحدودية لم يتوقف، رغم أحداث الجمعة السوداء التي وقعت في 24 يونيو الماضي، والتي أودت بحياة 23 مهاجرا سريا".
وتسعى مدريد والرباط إلى تعزيز التعاون لضبط الهجرة من خلال تكثيف اللقاءات رفيعة المستوى، التي تهم محاربة مافيا الهجرة غير الشرعية التي باتت ظاهرة تربك الأمن الإسباني خاصة في ميدان الإرهاب والجريمة المنظمة، ويعتبر المغرب البوابة الرئيسية للمهاجرين السريين باتجاه البر الإسباني رغم تراجع أعداد المهاجرين نتيجة الجهود المغربية.
ويمثل ملف الهجرة السرية بعدا حساسا بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوروبي برمته بحكم الموقع الإستراتيجي للمغرب، حيث يشكل حاجزا أمام الهجرة من دول الجنوب إلى الشمال، وظل المغرب في منظار الاتحاد الأوروبي بمثابة الدركي الذي يحمي الحدود الأوروبية من الهجرة السرية والتهريب، مقابل دعم كان يحصل عليه المغرب وشراكة متقدمة، قد لا ترقى للدور الذي يقوم به، لكن استعمال هذا الشق من التنسيق الأمني على مستوى الحدود تعرف إسبانيا وأوروبا مخاطره.
الهجرة..الملف الحارق
ووفق تقديرات إسبانية فإنه ومنذ بداية العام الجاري والعام الماضي، تمكن فقط نحو389 مهاجرا من العبور إلى مدينتي سبتة ومليليةالمحتلتين، وذلك بالمقارنة مع ما يقارب 969 مهاجرا الذين تم رصدهم ما قبل العام الماضي، ما يرجح بحسب البعض أن يكون كورونا قد نجح فيما لم تتمكن منه كل سياسات مكافحة الهجرة السرية.
وكانت وكالة حماية الحدود والسواحل الأوروبية "فرونتيكس"، قد ذكرت في تقرير صادر عنها قبل أشهر، أن تدفقات الهجرة السرية نحو إسبانيا عبر الحدود المغربية، قد تراجعت بما يتجاوز نسبة 80 في المئة منذ انطلاق حالة الطوارئ الصحية.
ومع تشديد الخناق على نشاط شبكات تهريب البشر على الحدود مع مليلة وسبة، بدأ المهاجرون السريون يغيرون وجهاتهم نحو جزر الكناري الإسبانية، والقريبة من السواحل الأطلسية المغربية، لتصل تلك الأعداد إلى 18 ألفا مع مطلع العام 2020، ما يبرز الارتفاع المطرد لأعداد المهاجرين السريين نحو إسبانيا خلال السنوات الماضية، والذي هو مرشح للمزيد من الارتفاع بحسب بعض التقديرات.
معوقات أمنية
تشير تقارير عالمية إلى أن منطقة الساحل والصحراء، التي تعتبر من أهم مصادر الهجرة السرية نحو أوروبا، هي أيضا إحدى أهم المناطق التي تنتشر فيها مشاكل توصف ب"الملازمة" للهجرة السرية، من قبيل الإرهاب والإتجار بالبشر والتهريب، وتجارة المخدرات، وتبييض الأموال.
وبحسب تقرير حول مؤشر الإرهاب العالمي، صدر العام الماضي عن معهد الاقتصاد والسلام بسيدني، فإن القارة السمراء قد عانت، خلال الفترة الشهور الماضية، من حصد خسائر بسبب الإرهاب بلغت 171.7 مليار دولار، وهو ما يفتح معظم تلك المناطق على مشاكل أمنية واقتصادية تدفع الآلاف من الشباب إلى البحث عن سبل المرور نحو "الحلم الأوروبي".
وتتداخل الهجرة السرية، التي تعتبر جريمة ضد سيادة الدول، مع الإتجار بالبشر، الذي هو جريمة ضد البشر، خصوصا عندما يتعلق الأمر باستغلال الضعف والحاجة لدى الأشخاص، أو تنقيلهم إلى بلدان أخرى ليعانوا الاستغلال، وفقا لما جاء في مؤتمر الأممالمتحدة المخصص لمنع الجريمة في العام 2015، ما يجعل مهمة التعاون المغربي الإسباني لمجابهة ظاهرة الهجرة تواجه تعقيدات كثيرة.