كان لافتا كيف جرت أطوار اللقاء القصير بين عبد الرشيد طبي مبعوث رئيس جمهورية الجزائر وناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية، في جو بارد كما هي العلاقات بين البلدين، إذ لم يتجاوز مقام الوزير الجزائري ساعتين على أرض المملكة المغربية في واحدة من الزيارات التي ستكون من شواهد التاريخ على الجوار الحذر والمتوتر بين الدولتين، وقد رصدت "الأيام24" نقلا عن مصادر دبلوماسية مشاهد من هذا البرود الذي طبع تواصلا بين وزيرين كان فيه التعبير الجسدي حاضرا أكثر من الشفهي. مصادر "الأيام24" أكدت أن الرحلة التي جاء على متنها وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي حاملا صفة مبعوث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لدعوة الملك محمد السادس إلى القمة العربية، اتبعت مسارها العادي من الجزائر نحو مطار الرباطسلا رغم القرار الأحادي بإغلاق الأجواء، وقد وجد عند وصوله سيارة خاصة من وزارة الشؤون الخارجية نقلته إلى مكتب بوريطة غير بعيد عن القصر العامر بالعاصمة الرباط، هناك التقى بالوزير ولم يكن اللقاء مفتوحا سوى لممثلي الإعلام الرسمي.
حظي مبعوث الجزائر باستقبال أخوي لم يخلُ من مجاملات وفق مصادر "الأيام24″، لكن التواصل بين الطرفين طبعه الحذر وغابت في معظمه الابتسامة، فالدبلوماسية لغة فعل وإشارة أولا ثم البقية للكلمات.
خلال هذا اللقاء عمل عبد الرشيد طبي تنفيذا لما يبدو أنها تعليمات من قصر المرادية، على جس نبض الجانب المغربي وحاول خطف إشارة أو قطعة يضيفها للعبة "البوزل" المعقدة في معترك المواجهة التاريخية بين البلدين، لعلّه يتمكن من تشكيل صورة كاملة عن الخطوة المقبلة للرباط أو يعرف اسم الشخصية التي ستمثل المملكة في القمة العربية، لكن بوريطة كان متحفظا ولم يقدم أي معلومة أو إشارة.
وعلم "الأيام24" أن الرباط لم تحسم قرارها حتى بعد تسلم دعوة عبد المجيد تبون في هوية ممثل المملكة المغربية في القمة العربية، بينما الأمر المحسوم حتى الآن هو أن المشاركة ستكون وازنة مع استبعاد حضور الملك محمد السادس عكس ما نشرته مجلة "جون أفريك" وصحيفة "الشرق الأوسط"، فالوفد المغربي سيقوده إما رئيس الحكومة عزيز أخنوش أو وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة أو سيشاركان معا.
وبالعودة إلى الزيارة السريعة لمبعوث تبون، فقد وجد أمامه مسارا مفروشا بكثير من الرسائل السياسية حيث كان المشهد مرتّبا بدقة بداية من نزوله في مطار الرباطسلا ونقله عبر سيارة دبلوماسية كأي ضيف بدرجة تمثيل جد منخفضة ثم اللقاء البارد مع بوريطة الذي حرص فريقه الخاص على نشر صورة واحدة رسمية دون ابتسامة، ومن باب التقاليد عادة يدعو المغرب ضيوفه إلى مأدبة غذاء أو عشاء في مكان ذي رمزية، لكن الرمزيات هذه المرة كانت أكثر دلالة حيث دعت الوزارة عبد الرشيد طبي إلى أحد فنادق الرباط لتناول الغذاء والاستراحة قبل العودة إلى الجزائر ورفض فهو أيضا جاء إلى المملكة مع وفد يتحرك بحذر شديد كمن يمشي في حقل ألغام خوفا مما قد يعتبره نظام تبون والنشقريحة خطأ في البروتوكول خاصة وأنه في ضيافة ناصر بوريطة الرجل الذي خبر تقنيات وأسرار حرفة الدبلوماسية.