"خفة الرجل" هو التوصيف الذي يمكن أن أصف به الخطوة التي أقدم عليها الرئيس التونسي المجنون قيس ليلى، عفوا قيس سعيد (أو تعيس لا فرق) بعد أن تخطى كل الأعراف الديبلوماسية وحسن الجوار والعلاقات المتميزة التي جمعت المغرب دائما مع تونس وشعب تونس ورؤساء تونس، والتاريخ المشترك الذي يمتد على الأقل ل70 عاما من حسن العلاقات بدأت من أن خرج الشعب المغربي خاصة بمدينة الدارالبيضاء يوم 8 دجنبر 1952 احتجاجا على مقتل النقابي التونسي فرحات حشاد ورغم القمع الذي ووجه به المحتجون من طرف الاستعمار الفرنسي، فإنه قدم صورة من ابهى صور التضامن والكفاح. خطوة مجنونة يعرف الكل أنها خطوة رجل مغلوب على أمره ولا يملك زمام قراره منذ أن قرر الارتماء في حضن عسكر قصر المرادية والانصياع لأوامرهم بحثا عن حفنة دولارت يواجه بها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها تونس منذ جائحة فيروس كورونا التي لم يقدم له العسكر خلالها أي شيء في مقابل مئات الأطنان من المساعدات والسلع التي لم يتوان المغرب عن شحنها خاصة المواد الطبية والكمامات في وقت كانت كل دولة تقول "نفسي نفسي". خطوة مجنونة نسي من خلالها مجنون قصر قرطاج أن المغرب وفي عز حرب تونس على الإرهاب وانتشار الخوف والهلع في قلوب التونسيين وكان السياح يتفادون تونس كوجهة سياحية متوسطية كان للملك محمد السادس عام 2014 موقف شجاع عندما قرر البقاء في تونس لمدة 10 أيام بل ونزل إلى شوارعها وتحدث مع الناس والتقطوا معه صورا تذكارية أعادت الأمل للنفوس ونزعت سلطان الخوف من قلوبهم وكان أحسن ترويج لعودة السياح إلى بلد ثورة "الياسمين" التي يريد قيس تحويلها اليوم إلى ثرة للظلام الذي أراد له أن يسود تونس وقلوب التونسيين منذ أن قرر تعطيل المؤسسات وإلغاء الدستور وتفصيل دستور على مقاسه يمنحه صلاحيات ربما يفكر ن خلالها في أن يكون رئيسا أبديا للتوانسة وهو الذي لم يكتشف السياسة إلا بالصدفة رغم أنه كان أستاذا للقانون الدستوري، عندما قرر الترشح كمستقل في انتخابات 2019 الرئاسية ونجح في إزاحة نبيل القروي من طريقه مستعملا خطابا شعبويا وطوباويا لم يحقق للشباب التونسي من خلاله أي شيء رغم الوعد التي قدمها، بل أكثر من ذلك انقلب على أولياء نعمته الذين دعموه في الخفاء خاصة حزب النهضة الذي قام بدعاية واسعة له في الدور الثاني. خطوة مجنونة ومتهورة وغير محسوبة العواقب، لم ينجح مجنون الحكم في تونس ان يستحضر فيها قواميس اللغة العربية التي حاول من خلالها إبهار مخاطبيه ورغم أنه يخاطب شعبا مغاربيا له لهجته الخاصة إلا أنه كان دائما يستعرض أمامهم ما حفظه من فنون الخطابة العربية الفصحى معتقدا أنها ستحل مشاكل التونسيين التي لم يكن يعرف عنها شيئا، كما لم يستفد من القانون الدستوري الذي درسه لطلابه لعقود قبل تقاعده ليقرر أن "يتعلم السياسة في رؤوس التونسيين" لكنه فشل في ذلك حيث أبانت ثلاث سنوات تقريبا من توليه مقاليد السلطة منذ تعيينه رسميا كرئيس يوم 23 أكتوبر 2019 أن أزمات التونسيين ازدادت وأن الفردوس الذي كان يرسمه لهم لم يكن سوى "سراب يحسبه الظمآن ماء".. العطش وقلة الحيلة كانت الفجوة التي نفد منها الشيطان ليلعب بعقل رئيس أعتبره من أخرق الرؤساء الذين عرفتهم تونس، ويقرر الارتماء في حضن العسكر وينفد تعليماتهم ضاربا عرض الحائط بكل العلاقات الودية والأخوية التي تجمع تونس مع المغرب والعلاقات الرائعة التي تجمع المغاربة بإخوانهم في تونس، في ممارسة فاضحة لنوع من الحجر على شعب أعتقد أنه جاء الوقت ليرميه في مزبلة التاريخ، فتونس التي كانت أيقونة ثورات الربيع العربي تستحق رئيسا أفضل من هذا الأخرق الذي لا يقدر عواقب الأمور، ولا يعرف أن من يخدمهم اليوم سيرمونه يوما كورقة "كلينيكس" بعد ان يستنفدوا منه أهدافهم، وأن المغرب سيبقى كتلك الصخرة الكأداء التي لا تزعزعها مثل هذه الشطحات. خطوة مجنونة من المؤكد أنها ستجعل رؤساء تونس السابقين الأحياء منهم والأموات يتقلبون في أماكنهم، فلا الحبيب بورقيبة فعلها، ولا زين العابدين بنعلي، ولا فؤاد المبزع ولا المنصف المرزوقي ولا الباجي قايد السبسي ولا محمد الناصر، وهم الذين يعرفون جيدا مكانة المغرب ومكانة أسياد قيس سعيد الجدد في القارة وفي العالم وكانوا دائما يحرصون على صيانة هذه العلاقات وعدم الزج بتونس في أتون معركة يعرفون أن من يواجه فيها المغرب سيكون الخاسر الأكبر دون شك… على قيس سعيد أن يسأل كل من سبقوه إلى هذه الخطوة الخرقاء وأن يستفيد من دروس الماضي… على قيس سعيد العودة لقراءة صفحات من التاريخ حتى يعرف أن ما قام به جعل تونس تبدو كالقزم واصغر مما كانت عليه عندما كانت مجرد ولاية عثمانية وكان "البايات" الذين يحكمونها يرفضون وصاية "الدايات" رغم أنهم جميعا كانوا يخضعون ل"الباب العالي" الجاثم على أنفاسهم في استنبول… لكن تونس التي خرجت من عباءة الباب العالي أدخلها قيس سعيد اليوم تحت جبة "العسكر" وجعلها مجرد ولاية جزائرية تأتمر بأمر العسكر وتستقبل من يرضى عنه العسكر وتحمله طائرات تحمل علم العسكر حتى أرض تونس ويقف مطأطأ الراس في انتظار قبض الثمن الذي لن يكون سوى حفنة من الدولارات ممزوجة بالذل والمهانة.. تونس تستحق أفضل من قيس سعيد… ستتجاوز فترة هذا الرجل الذي أكاد أجزم أنه يعاني من "المس" ويسكنه عفريت اسمه "تبون" يوسوس له وأخر اسمه "شنقريحة" يأمره بالتنفيذ دون تفكير، لأننا واثقون أن بين ثنايا الخطوة المجنونة التي قام بها قيس يسكن شيطان "جار السوء" بين ثناياها.