لليوم الثاني على التوالي، لا تزال ألسنة النيران تلتهم الأخضر واليابس، بإقليم القصر الكبير والنواحي، ولا تزال عمليات الإطفاء وإجلاء الساكنة، مُتواصلة، وما بين خوف وترقب، وأضرار مادية ومعنوية وُصفت ب"الجسيمة" لا زالت النيران تشتد شرارة. وبحسب مصادر محلية، في حديثها ل"الأيام 24″، فإن عملية إطفاء النيران وإجلاء الساكنة إلى بر الأمان، لا زالت مستمرة، رغم الضغط الكبير الحاصل في المنطقة المُشتعلة، إذ اندلعت النيران يوم أمس الأربعاء 13 يوليوز الجاري، انطلاقا من غابة العزيب، لتمتد إلى جُملة من الدواوير والمناطق المُجاورة.
وتسببت الحرائق، في خسارة كُبرى لعدد من المواشي والمحاصيل الزراعية، قبل أن تمتد إلى الغطاء الغابوي، وتلتهم عدد من منازل السكان المحليين، بكل ما فيها من أثاث ومؤونة، وذلك في الوقت الذي تُواصل فيه كل من السلطات المحلية والوقاية المدنية عمليات إجلاء الساكنة مخافة وقوع خسائر بشرية.
وبحسب المصدر نفسه، فإن ما أدّى إلى امتداد ألسنة النيران على المناطق المُجاورة، هو تأخر وصول فرق الإطفاء في اللحظات الأولى من اندلاع الحرائق، بالإضافة إلى هبوب الرياح القوية وارتفاع درجة الحرارة، قبل أن تتدخل طائرات الإطفاء هذا اليوم.
إلى ذلك، رجّت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ اللحظات الأولى من اندلاع الحرائق، بعدد من المنشورات المُصاحبة بمقاطع فيديو وصور، ومُطالبة بالتدخل السريع من الجهات الوصيّة بإخماد الحرائق، فيما تعاطف منشورات أخرى مع الساكنة بالدعاء والرجاء، من قبيل "قلوبنا مع ساكنة بوجديان ومداشر أهل سريف قرب مدينة القصر الكبير بإقليم العرائش".
واختار نُشطاء آخرين، بنشر أخبار متسارعة عن مُستجدات الحرائق، مثل "النيران التهمت 4 دواوير وأتت على منازلها بشكل كامل، ويتعلق الأمر بدواوير سيدي بوخزار والعزيب التحتي والعزيب الفوقي وواجة، فيما احترق منزلان في مدشر بني اصفار، كما وصلت ألسنة اللهب إلى مدشر عين قرار وتكاد تصل إلى مداشر احميمون والحلية وسيدي يسف"، و "هناك أنباء عن احتراق دواوير بأكملها طيلة ليلة أمس والحديث عن نفوق المواشي والأبقار وأشجار الزيتون وصناديق إنتاج العسل". وكتب إحدى ساكنة القصر الكبير ""الجحيم" الذي تعيشه ساكنة مداشر أهل سريف وبني يسف نواحي القصر الكبير منذ زوال أمس الأربعاء بفعل آثار الحريق الغابوي المشتعل في المنطقة يؤكد بالفعل إننا أمام جيل جديد من الحرائق، حرائق عنيفة وشديدة التدمير يستحيل السيطرة عليها بالوسائل و الأساليب التقليدية" مشيرا أن "الحرائق ستزداد خطورة مستقبلا وستخلف خسائر بشرية واقتصادية وبيئية في الأرياف والمناطق الجبلية…ومن المتوقع أن تنتقل إلى ضواحي المدن والغابات الحضرية و المنتزهات". "على الساكنة المجاورة للغابة الاستعداد للأسوء نظرا للظرفية المناخية التي يعرفها المغرب منذ 2018 والتي تتميز بجفاف غير مسبوق وارتفاع قياسي في درجة الحرارة و توالي موجات الشرقي وجفاف الأودية والمنابع واختفاء المروج وفقدان التربة رطوبتها في الجبال وموت الأشجار التي تشكل وقودا يزيد من سرعة انتشار النيران" يضيف المنشور نفسه.
وما بين خوف وترقب ودعاء، لا زالت النيران مُستمرة، وفي المُقابل لا زالت أفراد الوقاية المدنية ومصالح المياه والغابات والقوات المساعدة والدرك الملكي والسلطات المحلية، إلى جانب السكان المحليين، مستمرين في عملية تطويق الحريق ومنعه من الانتشار لمناطق أخرى.