أقرت الجزائر إجراءات إضافية ضد إسبانيا، ردا على موقف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز من قضية الصحراء المغربية، كما أبدت استعدادها لإخراج أوراق تصعيدية أخرى من محفظتها وفق تطور الأوضاع.
والأربعاء، أعلنت الجزائر عن التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، الموقعة في 8 أكتوبر 2002.
بعدها بساعات قليلة، أصدرت جمعية البنوك الجزائرية (حكومية) تعليمات للمؤسسات المالية تقضي "بتجميد عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا.. ووقف أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات تجارية مع مدريد".
ويعتبر القرار ساري المفعول، ابتداء من الخميس 9 يونيو الجاري.
ونقلت وسائل إعلام إسبانية عن حكومة مدريد "أسفها للقرار الجزائر".
وقال وزير الخارجية الاسباني للصحفيين الأربعاء: "نحن نحلل نطاق وعواقب ذلك الإجراء على الصعيدين الوطني والأوروبي بطريقة هادئة وبناءة ولكن أيضا بحزم في الدفاع عن إسبانيا ومصالح المواطنين الإسبان والشركات الإسبانية".
** الإجراء الرابع
وتكون الجزائر، قد اتخذت رابع إجراء ضد حكومة بيدرو سانشيز الذي جدد الأربعاء، دفاعه عن قراره بدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء التي يقترحها المغرب منذ 2007.
وفي 18 مارس الماضي، وصفت الحكومة الإسبانية في رسالة بعث بها سانشيز، إلى الملك محمد السادس، مبادرة الرباط للحكم الذاتي في الصحراء ب"الأكثر جدية لتسوية قضية الصحراء"، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.
واستدعت الجزائر، سفيرها لدى مدريد للتشاور، في اليوم الموالي للقرار الإسباني الذي وصفته "بالتحول المفاجئ".
وتعتبر الجزائر موقف الحكومة الإسبانية "منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأممالمتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام وتساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وفي المنطقة قاطبة. وفق بيان للرئاسة الجزائرية صدر الاربعاء.
كما طالبت الجزائر سابقا بمراجعة أسعار الغاز المصدر باتجاه مدريد، مبررة ذلك بارتفاع سعره في الأسواق الدولية.
وحذرت وزارة الطاقة الجزائرية نظيرتها الإسبانية، من مغبة إعادة تسويق الغاز الجزائري، لأية وجهة أخرى، وقالت بأنها ستقوم بمراجعة الاتفاقيات المبرمة في حالة حدوث ذلك.
وجاء ذلك ردا على قرار مدريد، بإعادة عكس تدفق الغاز باتجاه المغرب، عبر خط أنبوب المغرب العربي (يعبر الأراضي المغربية)، والذي رفضت الجزائر إعادة تجديد عقد استغلاله منذ 31 أكتوبر 2021، لتقرر الأربعاء، تعليق العمل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار وتجميد عمليات التجارة الخارجية مع اسبانيا.
وقبل أن تتخذ هذه الإجراءات قالت الجزائر في أكثر من مناسبة إنها "تنتظر من إسبانيا مراجعة موقفها من نزاع الصحراء وتعود للشرعية الدولية".
ولوحظ أن السلطات الجزائرية تتحرك وفق عامل الوقت، وتراقب تطورات موقف الحكومة الإسبانية.
** ماذا تعني القرارات ؟
تجدر الإشارة إلى أن قرار تعليق العمل بالمعاهدة المذكورة، اتخذ خلال اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، الذي ترأسه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء، بصفته رئيسا للجمهورية، قائدا أعلى للقوات المسلحة وزيرا للدفاع الوطني.
وأوضح الخبير الدولي في الأزمات حسان قاسيمي للأناضول، أن "الإطار الذي صدر فيه القرار يعني أن له علاقة مباشرة بأمن الدولة الجزائرية".
وأضاف قاسيمي وهو مسؤول سابق بالداخلية الجزائرية، أنه "وفي هذه الحالة يمكن تقدير بأن الطرف الإسباني كانت له تصرفات عدوانية تجاه الجزائر".
ورأى أن بيدرو سانشيز، "أول من يتحمل مسؤولية عواقب تدهور العلاقات بين بلدين طالما نجحا في الحفاظ على علاقات ممتازة".
** عقوبات غير مباشرة
قرار تعليق المعاملات المالية للتجارة الخارجية من وإلى اسبانيا، سيفقد الطرف الإسباني سوقا تذر عليها 1.9 مليار دولار سنويا، وفق إحصائيات رسمية.
وتعتبر مدريد خامس مورد للجزائر بعد الصين، وفرنسا، وإيطاليا وألمانيا، وثاني أكبر سوق لها في إفريقيا بعد المغرب، بينما تصدر الجزائر لإسبانيا، قرابة نصف احتياجاتها من الغاز (47 بالمائة)، وكان يمكن أن تزيد الحصة لولا قرار سانشيز.
وفي ماي الماضي، اختارت الجزائرإيطاليا كأول شريك للطاقة لها في أوروبا، حيث ستباشر ضخ كميات إضافية من الغاز بحجم 9 مليار متر مكعب الخريف المقبل.
ولن يتضرر الجانب الجزائري كثيرا من حضر العمليات التجارية، إذ أن معظم صادراته نحو إسبانيا من الغاز الذي يبقى تدفقه متواصلا.
وسبق للجزائر، أن وظفت الورقة الاقتصادية عندما توترت علاقتها بفرنسا قبل سنتين، حيث أنهت التعاقد مع عدد من المؤسسات الفرنسية الناشطة في قطاعات حساسة كالمياه والنقل حسب بن يحي.
والأربعاء قال مصدر دبلوماسي لموقع صحيفة "الشروق" الجزائرية (خاصة): إن إسبانيا بقيادة بيدرو سانشيز "لم تعد شريكا موثوقا للجزائر وهناك قرارات قادمة بعد إعلان تعليق معاهدة الصداقة" دون الإفصاح عن طبيعتها.