الشكوك التي بددتها حكومة عزيز أخنوش، سابقا حول التأثيرات المحتملة للأزمة الروسية الأوكرانية على واردات القمح، تحوّل اليوم إلى واقع ملموس يدفع دفعا بالمخزون الوطني إلى التضاؤل إذ ماعاد يسد بالكاد 4 أشهر. مصطفى بايتاس الناطق الرسمي للحكومة، اعتبر أن استيراد القمح من أوكرانيا يصطدم بمعوقات جّامة نتيجة انعكاس الحرب العسكرية في أوكرانيا وتهديد في جزء كبير منها للواردات الغذائية على رأسها القمح الذي يعد يشكل أساس الثقافة الغذائية المغربية.
وضع يرسم ملامح كارثة غذائية قد تأتي على العالم العربي وافريقيا المعتمدتين في وارداتها من القمح على روسياوأوكرانيا، هذه الأخيرة التي تحتفظ بأكثر من 22 مليون طن من الحبوب العالقة في المخازن والعراء جنوب البلاد. بسبب مزاعم زرع روسيا لألغام في البحر الأسود تمنع البواخر المحمّلة لصادرات القمح من الإبحار.
مزاعم رفضتها روسيا، على لسان رئيسها فلاديمير بوتين، قائلا "لم نقم بتلغيم الموانئ الأوكرانية- لقد كانت أوكرانيا". "لقد أخبرت زملائنا عدة مرات، دعهم يزيلوا الألغام حتى تتمكن السفن المحملة بالقمح من مغادرة هذه الموانئ، وسنضمن مرورهم الآمن دون مشاكل".
في المقابل، كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أكدت أن لديها "ثقة عالية" في النشاط الروسي الذي أدى إلى انحراف الألغام المضادة للسفن، على الرغم من أن هذا ليس نهائياً.
التحركات الروسية في ملف تصدير القمح الأوكراني، يتكشف في أعقاب اتفاق بين الكريملين والأممالمتحدة على تفويض المهمة للسفن التركية في نقل القمح من المرافى الأوكرانية، وذلك في أعقاب زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أنقرة ولقائه بنظيره مولود تشاوش أوغلو، وقال "نحن مستعدون لضمان أمن السفن المغادرة للموانئ الأوكرانية (…) بالتعاون مع زملائنا الأتراك".
وبطلب من الأممالمتحدة اقترحت تركيا مساعدتها لمواكبة هذه القوافل من المرافئ الأوكرانية رغم وجود ألغام رصد بعضها قرب السواحل التركية حتى. بينما اعتبر تشاوش اوغلو إن "خطة الأممالمتحدة معقولة وقابلة للتحقيق. وينبغي على أوكرانياوروسيا القبول بها".
يأتي هذا، على هامش زيارة رئيس الاتحاد الافريقي ماكي سال، الذي التقى بوتين في مدينة سوتشي الروسية نيابة عن الهيئة المكونة من 55 عضواً التي تمثل القارة الأفريقية، وقال إن على روسيا المساعدة في تخفيف معاناتهم، وذلك في وقت تعتمد إفريقيا على روسياوأوكرانيا للحصول على أكثر من 40% من قمحها، وهو غذاء رئيسي في جميع أنحاء القارة، بينما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة الماضي إنه مستعد لتسهيل التصدير السلس للحبوب الأوكرانية عبر موانئ البلاد على البحر الأسود، مضيفا "نرحب بكم لتصدير القمح عبر الموانئ البحرية الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، أولاً وقبل كل شيء عبر موانئ البحر الأسود: أوديسا والموانئ المجاورة".
وحذَّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن ملايين الأشخاص عرضة للموت جوعاً إذا ظلت موانئ أوكرانيا مغلقة. وعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إتاحة الممر البحري، لأنهاء الأزمة حيث تُتهم موسكو بتأجيج ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم من خلال منع أوكرانيا من تصدير الحبوب والأسمدة. ومع ذلك، ينفي الرئيس الروسي أن بلاده تحاصر أوكرانيا.
وقد أدى ارتفاع الأسعار الذي أعقب ذلك بالفعل إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي؛ حيث حذر منسّق الأممالمتحدة للأزمات أمين عوض من أن "عدم فتح تلك الموانئ سيؤدي إلى مجاعة".