"تهديدات محدقة" و"أزمة عطش" و"كارثة مستقبلية"..عناوين شتى لمغزى واحد، يرسم ملامح ما يواجههه الأمن المائي للمغرب من تحديات بسبب قلة التساقطات المطرية وندرة المياه والإجهاد المائي الذي تسببت فيه مزروعات على غرار "زراعة البطيخ الأحمر والأفوكادو". ونفى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية الفلاحية، والمياه والغابات، محمد صديقي تشجيع الدولة للزراعات المستنزفة للمياه، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المساحات المزروعة بالأفوكادو لا تتعدى 7 آلاف هكتار على الصعيد الوطني، وأن زراعة البطيخ الأحمر لا تحصل على دعم مالي من الدولة.
وزارة الفلاحة وقفت عند عدم تشجيع المزروعات المستنزفة للمياه دون الحديث عن اجراءات فعلية أو قوانين زجرية للحفاظ على الفرشة المائية، مايعني بحسب خبراء اقتصاديين أن الوزارة الوصية تفتقر إلى سياسة فلاحية او سياسة مصاحبة للحفاظ على المياه، معتبرين أنها تتعامل مع قضية المورد الطبيعي الحيوي وكأن المغرب بلد في شمال أوروبا أو أمريكا.
السياسة الفلاحية ركزت بإمكانياتها كلها على تشجيع المنتج الفلاحي الموجه للتصدير، والذي لا يتجاوب مع حاجيات المواطنين ويعمق التبعية الغذائية، وفي الوقت نفسه إنتاج منتج يستهلك كميات مياه لا تتناسب مع الإمكانيات الموضوعية للبلاد.
وأكد رشيد الخالدي، محلل اقتصادي في تصريح ل"الأيام 24″ أن "منتجات الطماطم أو الأفوكا، مرورا بالبطيخ الأحمر والفراولة، يستهلك كميات مياه غير معقولة. وبحساب بسيط، فإن استهلاك هكتار من هذه المنتجات يماثل عشر مرات ما تستهلكه مدينة؛ مثلا 15 ألف هكتار من زراعة البطيخ الأحمر (الدلاح) بزاكورة تمثل ما يقرب من 10 مرات ما تستهلكه مدينة زاكورة كلها".
واعتبر أن المغرب أمام إشكالية كبيرة، والوضع اليوم هو نتيجة اختيارات وسياسات وإمكانات تم توظيفها في اتجاه رهن السيادة الغذائية للمغرب، ما أنهك الإمكانيات المائية للبلاد.
و"مازالت هناك علاقة وطيدة بين التساقطات المطرية والناتج الداخلي الخام، أي نسب النمو" يقول المحلل الاقتصادي، مؤكدا أن نسبة 83 إلى 85 بالمائة من الأراضي الفلاحية بورية، أي تخضع لتقلبات السماء والمطر، والمسقية فقط مليون و600 ألف هكتار على 9 ملايين و200 ألف هكتار.
ويضيف أن دراسات على مدى قرن تظهر أننا في بلد شبه جاف، تأتي سنوات شبه جافة مرة كل عشرة أو 11 سنة، ومنذ الثمانينات نعيشها كل ثلاث أو أربع سنوات، واليوم نعيشها كل سنتين، والجديد اليوم هو التقلبات المناخية. لسنا في طريق تبعث على الأمل، وبالتالي الأسباب نفسها ستؤدي دائما إلى النتائج نفسها.
ويشدد الخبراء في الزراعة على أن عدم تدخل الدولة بشكل حازم في مسألة كمية المزورعات وتقنينها، سيزيد في تعميق أزمة ندرة المياه بالمغرب، لكون الزراعات المذكورة تستهلك كميات كبيرة من الماء.