غزت روسيا جارتها أوكرانيا وانفجرت السوق الدولية لمنتجات الطاقة فوصل البترول ومعه الغاز إلى أسعار قياسية، ثم انتقلت الأزمة بعد أسابيع لتستهدف مباشرة جيوب المواطنين في أغلب دول العالم وخاصة غير المنتجة للبترول، ومنها المغرب الذي وجد أمامه وضعا طارئا وهو أعزل بدون مصفاة "سامير" التي كانت تجنبه صدمات السوق وتوفر مصاريف التكرير والتخزين، وبدون سقف محدد للأسعار بقرار من رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران أنعش خزائن ثروات الملياردير ورئيس الحكومة الحالي عزيز أغنوش. المغرب ليس المتضرر الوحيد من صعود سعر البترول لكن حكومته بين الأكثر عجزا ومماطلة في التوقيع على قرارات تحد من استنزاف ميزانية الاستهلاك لدى المواطنين، ففي فرنسا السنة الماضية تم إطلاق "شيك الطاقة" لمساعدة الأسر محدودة الدخل وفي إسبانيا يتوجه الدعم مباشرة إلى المستهلك، أما في أمريكا فقد اتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم أمس قرارا غير مسبوق لمواجهة هذا التصخم القياسي، يقضي بإخراج مليون برميل نفط من كهوف تخزين الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد، وإذا كان هذا القرار منطقيا في دولة تقود العالم وتسيطر على جزء كبير جدا من حقول النفط، فإن القرار الثاني يمكن تطبيقه في كل بلدان العالم، حيث دعا طلب جو بايدن من الكونغرس فرض غرامات على الشركات التي لديها التصاريح والأراضي اللازمة من دون أن تستغلها، مطالبا شركات المحروقات إلى وقف الزيادة في هامش الأرباح بالتوازي مع ارتفاع الأسعار قائلا: "هذا ليس الوقت المناسب لتحقيق أرباح قياسية، لقد حان الوقت لإعلاء مصلحة بلدكم".
وفي المغرب وصل سعر الغازوال في صعود تاريخي إلى أزيد من 14 درهما متجاوزا البنزين، أمام شلل تام للحكومة دون أي حل أو مبادرة شجاعة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة الخارجين لتوّهم من معركة طاحنة مع جائحة كورونا ضربت الجهاز التنفسي وحساباتهم في البنوك، فهل يمكن أن يقوم عزيز أخنوش "باطرون" المحروقات ورئيس الحكومة بتدخل طارئ يلجم هذا التزايد المستمر في لوحات الأسعار بمحطات الوقود.
وتقوم شركات المحروقات في المملكة بالرفع من الأسعار كلما ارتفعت كلفة الشراء، فحسب مصدر مهني ل"الأيام24″ فإن شاحنة تحمل 33 طنا من الغازوال مثلا كانت تكلف محطة الوقود 29 مليونا، أما هذا الأسبوع فقد كلفت 42 مليونا وهي التي تلتها مباشرة هذه الزيادة الصاروخية في المحطات.
ورغم الظرفية الصعبة التي يمر منها العالم والمغرب، لا يفكر باطرونات المحروقات في البلاد في التخفيض قليلا من نسبة الأرباح تغليبا للمصلحة العامة وحفاظا على السلم الاجتماعي، وكذلك لا تزال الحكومة عاجزة عن تدبير قطاع المحروقات.