الحرب مستبعدة! لا، الحرب وشيكة! هكذا يتيه المحللون بسبب التصرفات الجزائرية غير المتوقع إلى أي حد يمكن أن تذهب بالماسكين بزمام الأمور هناك. عموما، الجميع يسمع طبول الحرب وهي تدق والجميع يتأمل الفرق بين التهور الجزائري والتجاهل المغربي الناطق. ولأن كل الاحتمالات واردة، نواصل مع القارئ الكريم هذا الطريق الاستكشافي لتبيان المآلات في حالة نشوب هذه الحرب الملعونة، من خلال دروس الماضي وتوقعات المستقبل. «قضية الصحراء تهمنا لأن الأمر يتعلق بإقليم يشكل جزءا من منطقة أمن الجزائر». بهذه الجملة رد الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين على سؤال وجهه إليه صحافي بجريدة «لومانيته» الناطقة باسم لحزب الشيوعي الفرنسي في حوار نُشر في 21 نونبر 1975. لم يمر هذا التصريح مرور الكرام، فقد كان استمرارا لانفصال الجزائر عن الواقع وبداية استثمارها في النزاع المفتعل في الصحراء، حتى أن جريدة «المحرر» المعارضة للنظام المغربي في تلك الفترة لم تدع كلمات «بومدين» تمر دون تعليق، وخصصت لها افتتاحية في عددها ليوم 25 نونبر 1975 مما جاء فيها: «لا يمكن تفسير كلام بومدين إلا بأحد الأمرين، إما أن مفهوم أمن المنطقة يعني امتداد التراب الجزائري إلى حدود غير معروفة، وإما أن هذا المفهوم يعني أن الجزائر تريد خلق نظام في الصحراء تحت حمايتها من أجل ضمان الأمن». لم تمضِ على تصريح «بومدين» سوى تسعة أسابيع حتى جَرَّبَ تغيير الوضع على الأرض، بإرساله أفضل جُندِهِ للتوغل في الصحراء المغربية، ومباغثة القوات المسلحة الملكية في منطقة «أمغالا» البعيدة عن الحدود الجزائرية ب200 كلم، لكن هجومه تحول إلى «كابوس» بعدما نجح أفراد الجيش المغربي في صد الهجوم رغم فارق التسليح الذي كان لصالح الجزائر، وتمكن من حسم الحرب في أقل من 48 ساعة بأسر 101 فرد من القوات العسكرية الجزائرية وقتل مائة آخرين بمن فيهم قائدي كتيبتين. منذ تلك السنة لم تُجرِّب الجزائر الدخول في حرب مباشرة مع المغرب، واتخذت مواجهاتها شكل «حرب باردة» عبر دفع عناصر البوليساريو إلى المقدمة وتقديم السند والدعم العسكري إليهم، خاصة في حروب ثمانينات القرن الماضي التي انتهت بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991. لكن يظهر أن النظام الجزائري ينخرط اليوم، بعد مرور 45 عاما عن آخر حرب مباشرة مع المملكة الشريفة، في إذابة جليد «الحرب الباردة» وإشعال نار «حرب مباشرة»، إذ استعار عبد المجيد تبون منذ مجيئه إلى قصر المرادية خطاب «بومدين» سائراً على خطاه في اتخاذ قرارات «عدائية» ضد المغرب واحدة تلو أخرى، وآخرها قطع العلاقات الدبلوماسية من جانب واحد في غشت الماضي وتهييء أذن الجزائريين لسماع أصوات قرع طبول الحرب التي لا تهدأ في الإعلام الجزائري. إرهاصات الحرب في ظل استفزازات الجزائر، تستمر المملكة في الوفاء لنهجها أسلوب «التجاهل» الذي يقض مضجع ساكن قصر المرادية، بالتوازي مع ضبطها مجريات الوضع على الأرض، إذ تفيد معطيات حصلت عليها «الأيام»، أن القوات المسلحة الملكية المرابطة على طول الجدار الرملي توجد في حالة طوارئ قصوى، ولديها تعليمات للتعامل مع أي تطور ميداني، خاصة أنها تعرف أنها تتعامل منذ 2018 مع الإرهاصات التي تسبق الحرب، بعدما تجرأت البوليساريو على محاولة إغلاق معبر الكركرات، ثم إعادتها الكرة في 21 أكتوبر 2020، بدفعها 50 شخصا من بينهم نساء للمنطقة العازلة للكركرات قاموا بوضع حاجز على الجزء المعبد من الطريق ما تسبب في عرقلة حركة المرور كليا بين الإقليم وموريتانيا. ووفاء لسياسته في التعامل مع خرق البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر المغرب عبر منسقه لدى بعثة المينورسو عن قلقه إزاء حركة المتظاهرين الذين أرسلتهم البوليساريو، ودعا إلى انسحابهم الفوري دون شروط، ثم استمر في سياسة ضبط النفس مدة ثلاثة أيام، وهو يعاين العناصر الانفصالية تمنع عناصر قوات الأممالمتحدة (المينورسو) من التحرك وراء الحواجز الطرقية، والتحاق 12 فردا مسلحا بالمتظاهرين في الفترة بين 22 و29 أكتوبر وما يصل إلى ثماني مركبات خفيفة ذات طراز عسكري، اثنتان محملتان بأسلحة ثقيلة. لكن للصبر حدود، كما يقال، إذ سرعان ما بدأ صبر المغرب ينفذ مع مرور الأيام حتى دفع في 6 نونبر بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة تتألف من 250 مركبة، ووجه إنذارا أول للجزائر والبوليساريو في خطاب الملك بمناسبة الذكرى ال45 للمسيرة الخضراء، حين أعلن أن المغرب سيتصدى بكل قوة وحزم للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية، ثم أتبعها بإنذار ثانٍ في 12 نونبر تمثل في رسالة ملكية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أكد من خلالها أن المملكة الشريفة «تحتفظ بحق التصرف في الوقت وبالأسلوب اللذين تراهما مناسبين، من أجل الحفاظ على وضع المنطقة واستعادة حرية التنقل في المعبر الحدودي». وفي 13 نونبر 2020، انتهى هذا المشهد من فيلم «الحرب التي تريدها الجزائر» بتدخل حازم للجيش المغربي، نتج عنه فرار المتظاهرين المدنيين والعسكريين الانفصاليين من الموقع، وتشييد جدار رملي بطول 20 كيلومترا في الكركرات جعل الجيش المغربي يعزز وجوده في مساحة تناهز 40 كيلومترا مربعا من الأراضي في المنطقة العازلة، فيما حرصت الجزائر على أن تجعل المشهد الموالي «دمويا» بدفعها البوليساريو في اليوم الموالي إلى إعلان نهاية التزامها بوقف إطلاق النار. الفرصة الذهبية ! رغم إعلان البوليساريو تعليق العمل باتفاق وقف إطلاق النار، تعامل المغرب مع الخبر كأنه معطى وليس حدثا، ومضى في تأمين مناطق أخرى شرق الجدار الرملي التي تبقى مكشوفة للاستخبارات العسكرية المغربية بفعل الطائرات المسيرة والأقمار الاصطناعية، والعمليات التمشيطية التي تقوم بها في ميجيك وبئر لحلو والمحبس وغيرها، في وقت انخرطت الجزائر في حساب عدد بلاغات الهجمات التي تدعي البوليساريو تنفيذها، دون أن تجد أي صدى لدى المنتظم الدولي أو في تقرير الأمين العام حول الصحراء أو قرار مجلس الأمن الدولي. ولعل ما جعل الجزائر تبحث عن خوض حرب مباشرة مع المغرب، عدم تغيير 1099 حادثا جرى فيه إطلاق نار على وحدات الجيش المغربي عند الجدار الرملي أو بالقرب منه أي شيء على الأرض أو إلحاق أي خسائر بالجيش المغربي، علما أن 53 في المئة من هذه الحوادث تركزت في المحبس، بحسب تقرير الأمين العام حول الصحراء الصادر في فاتح أكتوبر الماضي، وهو ما دفع الجيش المغربي إلى بدء تشييد جدار رملي جديد يتوقع أن يقطع الطريق أمام تسلل العناصر الانفصالية للمنطقة مستقبلا. وإذا كان سيناريو الحرب مع الجزائر واردا بقوة اليوم، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: أين ستقع هذه الحرب؟ رغم ظهور الجزائر بمظهر المتحمس للحرب، فإن التوقعات تؤكد أنها ستتجنب أن تكون مباشرة ما أمكن، لذلك ستبحث عن دفع عناصر «البوليساريو» إلى القيام بعمليات في المنطقة العازلة للصحراء التي توجد شرق الجدار الرملي إلى الحدود الدولية، والتي انسحب الجيش المغربي منها إلى خلف الجدار لتمكين الأممالمتحدة من إقامة منظومتها الخاصة بمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، في أعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شتنبر 1991، وتوجد هذه المنطقة تحت المسؤولية الحصرية لقوات الأممالمتحدة «المينورسو» التي تتولى مهمة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، لكن القدرات العسكرية والاستخباراتية المغربية تضبط كل صغيرة وكبيرة تقع بها رغم أن مساحتها تشكل 20 في المائة من إجمالي مساحة الصحراء المغربية ب53 ألفا و200 كلم مربع. لكن في حالة إطلاق الجزائر أي عملية ميدانية سواء كانت توغلا أو هجوما، فإن كل المعطيات تشير إلى أن المغرب سيجعلها فرصة لتعزيز وجوده في مساحات جديدة في المنطقة العازلة على غرار ما حصل في الكركرات، ومن يدري فكما ربح المغرب 40 كلم مربعا في المنطقة الممتدة من الكركرات إلى الكويرة يمكن أن يربح مساحات أوسع من المنطقة العازلة شرق الجدار الرملي، خاصة تلك المحاذية للحدود مع الجزائر. المغرب – الجزائر : توازن الرعب إذا كانت أصداء الحرب بين المملكة الشريفة ونظام الجزائر تردد اليوم أكثر من أي وقت مضى رغم استبعاد سيناريو اندلاع حرب شاملة، فإن أكثر ما يثير الفضول في مثل هذه الحالات هو عملية المقارنة بين القدرات العسكرية لجيشي البلدين الواقعين على شفا الحرب. ورغم أن «التجاهل» هو السلاح الوحيد الذي يستعمله المغرب حتى الآن للرد على اندفاعات قصر المرادية، إلا أن الوضع قد يتغير في أية لحظة في حالة مرور الجزائر إلى دائرة الفِعل، حيث تشير معطيات «الأيام» إلى أن القوات المسلحة الملكية منتشرة في الميدان ولديها تعليمات بالضغط على الزناد ردا على أي تطور ميداني. وتُظهر عملية المقارنة بين القدرات العسكرية للجارين، تفوقا للجيش الجزائري في سباق التسلح (ميزانية الدفاع)، حيث يحتل المرتبة 26 عالميا، بحسب تصنيف «غلوبال فايربور» المختص في تقييم قدرات 126 بلدا، فيما يتموقع المغرب في المرتبة 57، كما يتفوق جيش «شنقريحة» في كمية قطع السلاح التي يتوفر عليها. بالمقابل، يتفوق الجيش الملكي المغربي على نظيره الجزائري في كمية «السلاح النوعي» وطبيعة «التكنولوجيا العسكرية» التي يتوفر عليها ومصدرها أمريكا وفرنسا وإسرائيل، ويظهر ذلك بشكل بارز في سلاح الجو، بحكم امتلاكه طائرات «الميراج» و»الرافال» الفرنسيتين وطائرات الF16 الأمريكية المتطورة، بالإضافة إلى طائرات «الدرون» الفرنسية من نوع «هارفانغ» (نسخة فرنسية من طائرات أيرون الإسرائيلية) التي يتم التحكم بها عن بعد واستعملت في استهداف قائد الدرك العسكري للانفصاليين مؤخرا، فيما يعتمد سلاح الجو الجزائري على الطائرات المقاتلة الروسية «Su-30MK» وطائرات «سورخي» الأقل تطورا. من جهة أخرى، يبرز التفوق الجزائري في السلاح البحري بتوفره على 6 غواصات، و143 كاسحة ألغام، بينما لا يتوفر المغرب على أي منهما، وعدد أكبر من الفرقاطات والطرادات (أكبر من المدمرة وأصغر من البارجة) وسفن الدفاع الساحلي، لكن هذه الأسلحة لن تنفعها في حالة اندلاع حرب بين البلدين لأنها لن تشمل البحر، وسَتَدُور رحاها برا وجوا، لتحسمها قوة كل بلد بما تمتلكه من طائرات ورادارات، وهو ما يتفوق فيه الجيش المغربي بشكل كبير. كما يتفوق المغرب في سلاح الفضاء (الأقمار الاصطناعية) باعتباره البلد الإفريقي الوحيد الذي يتوفر على أقمار اصطناعية ذات دقة عالية بحسب الموقع الفرنسي «ثيتروم بيلي» المتخصص في قضايا الدفاع والأمن والتكنولوجيا – تجعل كل تحركات جنود الجزائر مكشوفة للقوات المسلحة وفي مرمى أهدافها في حالة تسللها إلى الصحراء. ويتعلق الأمر بقمري «محمد السادس أ و ب» الصناعيين اللذين أطلقا على التوالي في 7 نونبر 2017 و20 نونبر 2018، وحرصت الرباط آنذاك على إبعاد النظر عن وظيفتهما الأمنية والتركيز على أنشطتهما المدنية، فيما تتوفر الجزائر على قمر اصطناعي واحد يحمل اسم «الكوم سات» وأطلقته في 10 نونبر بتعاون مع الصين، ويستبعد أن تكون له وظيفة أمنية. وتكشف المعلومات المتوفرة بخصوص قمري «محمد السادس» أن لهما أدوار استخباراتية تتعلق بتعزيز قدرات المملكة في مراقبة شريطها الحدودي، خاصة الشرقي والجنوبي، مما يجعلها قادرة على ضبط كل تحركات الخصوم في المنطقة العازلة. وعلى امتداد الثلاث سنوات الماضية تمكن الجيش المغربي من توفر قاعدة بيانات غنية بالاعتماد على تقنية الاستطلاع وجمع المعلومات جعلته قادرا على تقديم معلومات موثقة عن الانتهاكات العسكرية في المنطقة العازلة إلى الأممالمتحدة، إضافة إلى رصد استعدادات للجبهة الانفصالية لنقل مقرات بعض منشآتها الإدارية والعسكرية من مخيمات تندوف في الجزائر إلى منطقتي بئر لحلو وتيفاريتي اللتين تقعان شرق الجدار الرملي الدفاعي للمغرب. ويتوفر القمران الصناعيان على تكنولوجيا فائقة الدقة، خاصة القمر «محمد السادس – ب» الذي بلغ وزنه عند الإطلاق 1108 كيلوغرام، ويصل عمره الافتراضي ما بين 5 و10 سنوات، ويتوفر على نظام متطور لتحديد المواقع، وبإمكانه أن يجوب الأرض خلال مائة دقيقة فقط، كما بإمكانه بفضل التجهيزات التي يتوفر عليها، أن يستمد طاقته من الشمس، ويرسل مع القمر الصناعي «أ» ألف صورة في اليوم إلى فرق المركز الملكي للاستشعار الفضائي عن بعد، والمركز الملكي للدراسات والأبحاث الفضائية، فضلا عن قدرته على التقاط صور بحجم 70 سنتمترا. ويعمل القمران في كوكبة مثالية على نفس مدار 180 درجة لكل منهما، وهدفهما توفير صور عالية الدقة للغاية في وقت قياسي مع سعة مراجعة يومية، بمعدل 8 إلى 10 مرات في اليوم فوق المحطة، ومما يزيد من فعالية القمرين الصناعيين أن عملهما لا يشبه الكاميرات الثابتة التي ترصد الحركات دقيقة بدقيقة، بل يمكنهما التقاط صور دقيقة وواضحة لنفس المكان تفصل بينها بضع ساعات وليس يومين أو أكثر كما كان الحال بوجود قمر صناعي واحد. أسلحة في الطريق ! التفوق المغربي في «السلاح النوعي» سيتعزز أكثر مع استكمال مسطرة التصديق على «صفقة عسكرية» تشمل لأول مرة أسلحة لم تمض على دخولها الخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي سوى سنوات قليلة، كانت ضمن مسار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بقيمة مليار دولار، وتشمل أربع طائرات مسيرة «درون» من طراز «إم كيو-9 بي سي غارديان» من صنع شركة «جنرال أتوميكس» سيكون المغرب ثالث بلد يتحصل عليها ضمن أول تصدير لها – وذخائر موجهة بدقة من نوع «هيل فاير»، و»بيف واي»، و»جي دي أيه إم» من صنع شركات «لوكهيد مارتن» و»ريثيون» وبوينغ» التي يمكن استخدامها من الجو عبر المروحيات أو من منصات برية وبحرية، والتحكم فيها من خلال أنظمة تصويب كالرادار والأشعة فوق الحمراء، وأيضا إمكانية إطلاقها دون حاجة للتصويب الدقيق، حيث تضرب الهدف بدون أن تظهر للخصم. وتعتبر من الأسلحة الرئيسية المعتمدة من قبل العديد من القوات العسكرية حول العالم، أهمها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وكوريا الجنوبية وأستراليا وإيطاليا. كما ستتعزز قدرات الجيش المغربي خلال الأشهر المقبلة ب13 طائرة «درون» من نوع «بايراكتار TB2» من صنع شركة «بايكار» التابعة لسلاح الجو التركي. "الدرون" .. السلاح الذي غير ميزان القوى يعتقد خبراء أن التحول النوعي في سباق التسلح بين المغرب والجزائر حصل منذ 2020 حين حصل المغرب على الطائرات المسيرة (الدرون)، التي غيرت ميزان القوى في الصحراء وبثت الرعب في نفوس الانفصاليين، خاصة بعد استعمالها في استهداف قائد دركها. وفي ظل هذا التفوق، تحول استثمار المغرب أكثر إلى هذا النوع من الطائرات التي لا تتوفر عليها الجزائر، إذ سيحصل في الأشهر المقبلة على أنواع أخرى من هذه الطائرات لتعزز أسطول طائرات «الدرون» الفرنسية من نوع «هارفانغ» التي تعتبر نسخة من طائرات أيرون الإسرائيلية، وتمتاز بقدرة كبيرة على الرصد والقيام بالمهمات الاستطلاعية التجسسية، مع قدرة تحمل تزيد عن 20 ساعة من الطيران دون توقف، إضافة إلى تزودها بأجهزة استشعار بصرية ورادار، مما يضمن إمكانية تنفيذ المهام على مدار الساعة في جميع الظروف الجوية. ومن بين الأنواع التي ستلتحق بالخدمة في الجيش المغربي طائرة من نوع «بايراكتار TB2» التي تتميز بقدرتها على حمل أوزان تصل إلى 150 كيلوغراما، إضافة إلى التحليق لمدة 24 ساعة كاملة دون توقف، كما أنها تتميز بمعدات المراقبة والرصد الليلي وضرب الأهداف بدقة عالية، وفق ما تعلنه الشركة التركية في موقعها الإلكتروني. وهذا إلى جانب «إم كيو-9 بي سي» (طائرة بدون طيار كبيرة الحجم) التي يبلغ وزنها نحو 5 أطنان وتستطيع حمل صواريخ موجهة وقنابل بوزن 1.7 طن، مصممة بغرض استخدامها أيضا كقاذفة للصواريخ، وتعمل على مدى 3000 كيلومتر، يستخدمها سلاح الطيران الأمريكي والبريطاني واستخدمت في عملية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بمطار بغداد الدولي. المغرب حسم آخر حرب مع الجزائر في 48 ساعة وأسر 101 جندي وضابط جزائري «ما أشبه اليوم بالأمس». تنطبق هذه المقولة على الحملة العدائية التي أطلقتها الجزائر في الأشهر الأخيرة ضد المغرب وتُنذر باندلاع حرب وشيكة أشبه بحرب «أمغالا» مطلع 1976. بالرجوع إلى الأجواء التي خيمت على علاقات البلدين في الأسابيع التي سبقت حرب «أمغالا» آخر حرب مباشرة مع الجزائر، نجد أنها مماثلة لما يحصل اليوم. ففي تلك الفترة كان الرئيس هواري بومدين قد صرح لصحيفة فرنسية بما مفاده أن الصحراء المغربية جزء من منطقة أمن الجزائر، وهي نفس العبارات التي يعيد استعمالها اليوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كما أن التطورات التي تعرفها قضية الصحراء اليوم الموسومة ب»الانتصار» بعد تأمين معبر الكركرات وعدم إدانة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، هي أشبه بما حصل في دجنبر 1975 حين صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على توصيتين أكدت الأولى على المبادئ التي أقرها المنتظم الدولي فيما يخص «تصفية الاستعمار من المنطقة»، وتبنت الثانية الاتفاق الثلاثي المغربي الموريتاني الإسباني باعتبارها الصيغة العملية لتصفية ذلك الاستعمار في الساقية الحمراء ووادي الذهب، وأخذ المغرب يتعاون مع موريتانيا في اتخاذ الإجراءات العملية الإدارية والعسكرية لفرض الوجود المغربي في الساقية الحمراء ووادي الذهب وإدماج المناطق الصحراوية ضمن الوطن. والذي حصل مطلع 1976 أن الجزائر حاولت إثارة انتباه العالم إلى رفض اتفاقية مدريد، والإبقاء على «طابع النزاع الدولي» لقضية الصحراء فأطلقت صافرة انطلاق الحرب في الصباح الباكر من يوم الثلاثاء 27 يناير 1976، حين توغلت وحدات من جيشها الوطني في منطقة «أمغالا» البعيدة عن السمارة ب80 كلم و200 كلم عن الحدود الجزائرية و300 كلم عن تندوف، قبل أن تفاجأ بتصدٍ بطولي للقوات المسلحة الملكية حسم المعركة التي استعملت فيها الأسلحة الثقيلة في أقل من 48 ساعة، ومازال صدى الهزيمة يتردد في أذن الجالسين في قصر المرادية حتى اليوم. عادت «الأيام» إلى أرشيف جريدة «المحرر» التي واكبت المعركة القصيرة التي اندلعت بين الجارين أولا بأول، وتبين أن القوات المسلحة الملكية نجحت التصدي للجنود الجزائريين المتوغلين وأسر 12 فردا منهم في الساعات الأولى، قبل أن يرتفع عدد الأسرى إلى 29 فردا في نفس اليوم ينتمون إلى الفيلق 41 الذي كان يقوده اليوتان أونسي الذي قتل في الاشتباكات. وخلال نفس اليوم، حاولت الجزائر تدارك خطئها بترويج رواية أن «الجنود المغاربة هاجموا فرقة من جيشها المكلفة بإمداد جبهة البوليساريو بالموارد الأولية»، لكن هذه الرواية لم تجد أي صدى بعد أن كانت إذاعتها الرسمية قد أذاعت قبل ذلك خبر توغلها في الصحراء المغربية، ونقلته عنها الإذاعة الفرنسية وإذاعة لندن. وبحلول مساء الجمعة 30 يناير 1976، كان المغرب قد حسم الحرب لصالحه، حين نشرت وزارة الدولة المكلفة بالإعلام بلاغا أعلنت فيه أن المنطقة أصبحت تحت مراقبة القوات المسلحة الملكية، وتم أسر 101 من العسكريين الجزائريين من ضمنهم الملازم الأول محمد أخور وينتمي إلى الفرقة الأولى من الفيلق 31 والملازم الثاني نور الدين بيسيبة وينتمي إلى الفيلق الثاني في الجيش الوطني الجزائري. كما أشار البلاغ، الذي نشرته جريدة المحرر في عددها ليوم 31 يناير، إلى سقوط العشرات من القتلى في صفوف القوات المعتدية وصفوف المتمردين من «البوليساريو»، وحصول القوات المسلحة الملكية على غنيمة عبارة عن كميات هامة من العتاد والأسلحة تتضمن الشاحنات وقطع المدفعية ولاسيما مجموعة كبيرة من صواريخ أرض-جو. وأثارت حرب «أمغالا» العواصم العربية التي تحركت لإيقاف لهيبها، فلم يتوقف القصر الملكي بفاس عن استقبال الضيوف، حيث كان الملك الراحل الحسن الثاني يصدر أوامره إلى قيادة الجيش من بين وفود الدول العربية، وعلى رأسها مصر والعراق وسوريا وتونس، حيث كان الوفد المصري برئاسة حسني مبارك نائب الرئيس المصري أنور السادات، وكانت البعثة السورية تتكون من الفريق حكمت الشهابي ومن نائب رئيس الوزراء، أما العراق فقد أوفدت طارق عزيز وزير الإعلام، كما أوفدت تونس وزير داخليتها للقيام بهذه المهمة. اللافت للانتباه، أن المغرب دحر الجيش الجزائري رغم أنه كان متأخرا عنه من حيث العتاد والسلاح، لكن إذاعة «بيرن» الفرنسية قامت في تلك الفترة بإجراء مقارنة بين الجيشين خلصت فيها إلى أن الجزائر تتفوق في السلاح على المغرب، إلا أن إدخال بعض العناصر مجال هذه المقارنة مثل تمرس جنوده يعطي الأسبقية للمغرب. حيث قالت إن «المغرب يتوفر على القوات التي حاربت بطريقة مرموقة في حرب أكتوبر 1973 على مرتفعات الجولان»، واعتبرت أن «الجيش الجزائري رغم تطويره وتجهيزه فإنه كان يقوم بمهام بعيدة عن مهام الجيش، وبالإضافة إلى ذلك فإن إشراك قوات عسكرية داخل الصحراء يطرح على الجزائر مشاكل ذات أهمية بالنسبة للمواصلات والتموين».