عودة الكهرباء بنسبة 99 % في إسبانيا    التيار الكهربائي يعود إلى معظم مناطق إسبانيا    إمدادات الكهرباء تعود في البرتغال    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    مالي والنيجر وبوركينافاسو.. جلالة الملك يستقبل وزراء خارجية دول الساحل    أسعار الذهب تبصم على ارتفاع كبير    رئيس الحكومة الإسبانية: استعدنا 50% من إمدادات الكهرباء.. ونعمل على استرجاع الوضع بالكامل    الأمن يفكك شبكة إجرامية متخصصة في تأسيس شركات وهمية والتزوير    "حريق تغجيجت" يوقف 4 قاصرين    عضو في الكونغرس الأمريكي يؤكد دعم "انتفاضة الشعب التونسي" ضد قيس سعيّد    اضطرابات في مطارات المملكة بسبب انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا    الملك يستقبل وزراء خارجية بلدان تحالف دول الساحل    الملك محمد السادس يهنئ بنكيران    ببلوغ نهائي كأس إفريقيا للأمم .. "لبؤات الفوتسال" يتأهلن إلى المونديال    فاتح ذي القعدة غدا الثلاثاء بالمغرب    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال وفرنسا يوقف خدمة الإنترنت لشركة أورونج في المغرب    وزير العدل.. مراجعة الإطار القانوني للأسلحة البيضاء أخذ حيزا مهما ضمن مشروع مراجعة القانون الجنائي    برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    شبهات هجوم سيبراني بخصوص الشلل الكهربائي الشامل في إسبانيا    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    الحرب في أوكرانيا.. بوتين يعلن هدنة لمدة ثلاثة أيام    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على "الهاليو" قوة كوريا الجنوبية الناعمة التي تغزو العالم بخطى ثابتة

مؤخرا، أضيفت أكثر من 20 كلمة كورية لقاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية، من بينها كلمة Hallyu "هاليو" التي تعني حرفياً "الموجة الكورية"، ما يلقي الضوء على المد الثقافي الكوري الذي يشهد صعودا متواصلا في مختلف أنحاء العالم.
فكيف ومتى بدأت هذه الموجة الكورية؟ كيف استفادت منها كوريا الجنوبية داخلياً، وهل نجحت في إكسابها قوة ناعمة على الساحة الدولية؟
في البداية، علي أن أعترف بأنني حتى وقت قريب نسبياً، لم أكن أعرف الكثير عن الثقافة الكورية، بما في ذلك الموسيقى الشعبية أو الدراما الكورية - أو ما يعرف ب "كي-بوب" و "كي-دراما". ككثيرين غيري، ربما ارتبط اسم كوريا الجنوبية بإنتاج السيارات والهواتف المحمولة، والأزمات السياسة التي تشتعل بين الحين والآخر مع الجارة الشمالية.
حملة على إذاعة ألمانية شبهت فرقة بي تي اس بكورونا
من هي سولي نجمة موسيقى ال "كي بوب" التي سببت وفاتها ضجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
لكن في الأعوام الأخيرة، يبدو أن الموجة الثقافية الكورية لم تعد تقتصر على منطقة جنوب شرق آسيا، بل تخطتها وتدفقت باتجاه باقي أنحاء العالم، وجعلت من فريق "بي تي إس"( BTS) واحداً من الفرق الغنائية الأكثر شعبية في العالم، ومن المسلسل الدرامي "لعبة الحبار" (Squid Game) المسلسل الأكثر مشاهدة على خدمة نتفليكس التي تبث الأفلام والمسلسلات عبر الاشتراك.
وربما بنفس الطريقة التي استعارت بها كوريا الجنوبية من الولايات المتحدة أو اليابان لتعزيز قدراتها التصنيعية، عكف مخرجو البلاد ومنتجوها على دراسة هوليوود وغيرها من مراكز صناعة السينما على مدى أعوام، واستعانوا بأساليبها، مع إضافة الكثير من اللمسات الكورية. ومع زيادة شعبية مواقع مثل يوتيوب، وبعد أن ساعدت خدمات بث الأفلام والمسلسلات مثل نيتفليكس، في تحطيم الحواجز الجغرافية، تحولت البلاد من مستهلك للثقافة إلى مصدر كبير لها.
Getty Images فريق بلاك بينك في مهرجان كوتشيلا بالولايات المتحدة عام 2019
صعود الموجة الكورية
مصطلح "الهايلو"، أو "الموجة الكورية" استخدمها للمرة الأول صحفيون صينيون في أواخر التسعينيات للإشارة إلى التصاعد السريع في شعبية الثقافة الكورية الجنوبية في البلدان الآسيوية كاليابان والصين. تزامن ذلك مع النجاح الكبير الذي حققته مسلسلات درامية كورية جنوبية في تلك البلدان.
ومنذ منتصف العقد الأول من الألفية الثانية إلى نهايته، كان انتشار الموجة الكورية يتزعمه بالأساس فرق غنائية نسائية ورجالية، كفريق Big Bang (بيغ بانغ)، و Girls' Generation (غيرلز جينيرايشن) و Kara (كارا). خلال تلك الفترة، تمكنت الموجة الكورية من توسيع قاعدة معجبيها عالميا، لتشمل أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ولا سيما بين فئة المراهقين.
ومنذ عام 2010، شرعت الموجة الكورية في توسيع قاعدتها لتشمل، إلى جانب الموسيقى والدراما، التقاليد والأطعمة والأدب واللغة، وقد ساعدها في ذلك منصات مثل يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي.
اتهام مخرج في كوريا الجنوبية بالفساد
في عام 2012، احتفظت أغنية "غانغام ستايل" للمغني الكوري الجنوبي "ساي" بالمركز الثاني على قائمة Billboard Hot 100 الأمريكية للأغاني الأكثر مبيعا وتحميلا لسبعة أسابيع على التوالي، وأصبح فيديو الأغنية أول فيديو على موقع يوتيوب يحصل على مليار مشاهدة، ممهدا بذلك الطريق لانتشار الهوس بأغاني الكي-بوب في مختلف أنحاء العالم.
Reuters أغنية "غانغام" ستايل للمغني الكوري ساي حققت نجاحا كبيرا في مختلف أنحاء العالم
وقد أعطت الرغبة في تعلم كلمات أغاني "الكي-بوب" دفعة قوية إلى شعبية اللغة الكورية في بلدان كالولايات المتحدة وكندا وتايلاند وماليزيا.
وأظهر تقرير لرابطة اللغات الحديثة في الولايات المتحدة زيادة عدد دارسي اللغة الكورية في الجامعات الأمريكية بنسبة 14 في المئة بين عامي 2013-2016، في وقت شهد انخفاضا في الإقبال على تعلم اللغات بشكل عام.
في عام 2020، بدأ فريق "بي.تي.إس" فصلاً جديداً في تاريخ موسيقى الكي-بوب عندما احتلت أغنيته "داينامايت" قائمة Billboard Hot 100 لأسبوعين متتاليين في أغسطس/ آب. وسبق ذلك إعلان منظمة "آي.إف.بي.آي" التي تمثل صناعة الموسيقى العالمية في مارس/آذار من نفس العام عن أن الفريق هو الأول عالمياً من حيث مبيعات الأغاني. كانت هذه هي المرة الأولى التي يفوز بها بهذا اللقب فريق غير غربي، وفريق معظم أغانيه بلغة غير اللغة الإنجليزية.
في العام نفسه، رشح فيلم "باراسايت" (طفيلي) لستة جوائز أوسكار، وفاز بأربع منها، بما في ذلك أفضل فيلم (أول فيلم غير ناطق بالإنجليزية يفوز بهذه الجائزة) وأفضل مخرج، ما اعتبر فرصة لتعريف العالم بالسينما الكورية الجنوبية. الفيلم يلقي الضوء على الفجوة العميقة بين الأغنياء والفقراء، ولفت فوزه بتلك الجوائز أنظار الجماهير في مختلف أنحاء العالم.
Curzon فيلم "باراسايت" فاز بأربع جوائز أوسكار، بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج
ومؤخراً، حقق مسلسل "Squid Game" (لعبة الحبار) ، نجاحاً مدوياً، إذ شاهده أكثر من 111 مليون أسرة بعد شهر واحد من بدء عرضه في سبتمبر أيلول /الماضي. المسلسل، الذي يلقي الضوء على الظلم الاقتصادي، أحدث صدى كبيراً لدى كثيرين في مختلف أنحاء العالم، لا سيما مع معاناة كثيرين جراء تبعات وباء كورونا.
لماذا تحظى دراما "دموية" على نتفليكس بملايين المشاهدات حول العالم؟
ظاهرة كورية جنوبية أخرى وجدت طريقها إلى العالمية هي Mukbang (موكبونغ) - وهي من الكلمات التي أضيفت إلى قاموس أوكسفورد، وتعني فيديو يبث على الإنترنت (ويكون في العادة مباشرا)، ويظهر فيه شخص يتناول كميات كبيرة من الأطعمة ويتحدث إلى متابعيه ويتفاعل معهم أو يجيب على أسئلتهم. وقد أصبح لمثل هذا النوع من الفيديوهات جمهور كبير من الأشخاص الذين يقولون إنهم يشعرون بسرور كبير عند مشاهدة بعض الأشياء التي يمارسها البشر بشكل يومي، كتسريح الشعر أو الهمس أو تطبيق الملابس أو تناول الطعام.
قوة ناعمة
الانتشار الكبير للموجة الثقافية لم يأت من قبيل الصدفة، بل لطالما عكفت كوريا الجنوبية على استخدام تلك الموجة كمصدر للقوة الناعمة - وهو مصطلح ابتكره في أواخر الثمانينيات جوزيف ناي عالم السياسة الأمريكي والمسؤول السابق في إدارة الرئيس كلينتون، ويعني قدرة بلد ما على إقناع الآخرين بفعل ما تريد بدون استخدام القوة أو الترهيب.
يقول الكاتب وخبير استراتيجيات التسويق والعلامات التجارية الدنماركي مارتن رول في مقال على موقعه على الإنترنت، إن كوريا الجنوبية "واحدة من عدد قليل من الدول، وإن لم تكن الدولة الوحيدة في العالم، التي من ضمن أهدافها المعلنة التي تعكف على تحقيقها هي أن تصبح المصّدر الرئيسي للثقافة الشعبية في العالم".
وهناك، برأي رول، خمسة عوامل رئيسية أسهمت في تطور الموجة الكورية:
* قرار الحكومة في بداية التسعينيات رفع الحظر الذي كان مفروضاً على سفر المواطنين الكوريين إلى الخارج، ما شجع عدداً منهم على استكشاف البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، حيث تلقى كثيرون منهم تعليمهم وبدأوا مسارهم المهني في شركات مرموقة في تلك البلدان. وعاد هؤلاء إلى بلادهم بتفسيرات جديدة للفن والموسيقى والسينما، وبطرق مبتكرة للتعبير.
* الأزمة المالية الطاحنة التي تعرضت لها البلاد بين عامي 1997-1998، مثلها مثل غالبية بلدان شرق وجنوب آسيا آنذاك، دفعت البلاد إلى التحول صوب تنويع الاقتصاد. وقد ركز الرئيس السابق كيم داي-جونغ على تكنولوجيا المعلومات والثقافة الشعبية بوصفهما المحركين الرئيسيين لمستقبل كوريا الجنوبية.
* إلغاء قوانين الرقابة التي كانت تمنع صناع السينما وغيرهم من الفنانين من تناول القضايا التي تعتبر مثيرة للجدل. هذه الخطوة، التي تمت في عام 1996، أتاحت العديد من الفرص لجيل الشباب للتعبير عن أفكار أكثر جرأة من خلال السينما والموسيقى.
* زيادة اهتمام الشركات الكبرى، كسامسونغ وإل.جي، بعلامتها التجارية، حيث تم التركيز بشكل أكبر على الجودة والتصميم والتسويق على مستوى عالمي.
* زيادة التركيز على البنى التحتية، إذ شرعت الحكومات الكورية في إنفاق مبالغ طائلة على البنية التحتية للإنترنت، والاستثمار في المشروعات الواعدة.
حدث ذلك كله في نفس الفترة تقريبا، وخلق بيئة موائمة للإبداع في مجال الموسيقى والدراما. واُنتجت أفلام تناقش موضوعات مثيرة للجدل أكثر من ذي قبل، وحققت تلك الأفلام رواجا كبيرا في المنطقة. كما أصبحت الدراما الأسرية التي تحمل في طياتها خلفية ثقافية مشتركة مع بلدان آسيوية أخرى، ذات شعبية طائلة في تلك البلدان.
وربما ساعد التاريخ في نمو الموجة الكورية بشكل ما، كما يقول رول. فغالبية البلدان الآسيوية كانت مستعمرة من قبل اليابان في السابق، ومن ثم لا يزال هناك شعور بالعداء، أو على الأقل بالرفض، للمنتجات الثقافية اليابانية من قبل تلك الدول، ولا سيما الصين. أما كوريا الجنوبية فكانت مستعمرة كباقي تلك الدول، ولذا لم تكن هناك مقاومة لمنتجها الثقافي.
دور حكومي بارز
وفقا لصحيفة كوريا هيرالد، بلغت الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة والرياضة والسياحة لعام 2022 رقما ضخما هو 6.05 مليار دولار أمريكي. وذكرت الصحيفة أن الوزارة تعتزم زيادة دعمها لإنتاج المحتوى الثقافي والموجة الكورية والترويج لكوريا على مستوى العالم.
وتتحمل حكومة كوريا الجنوبية من 20 إلى 30 في المئة من ميزانية صندوق استثمار قيمته مليار دولار مخصص لتنمية الثقافة الشعبية وتصديرها، في حين تأتي النسبة المتبقية من البنوك الاستثمارية والشركات الخاصة.
كما أن الحكومة تلعب دورا نشطا في إدارة "الموجة" خارج كوريا، من خلال تنظيم مهرجانات ثقافية مختلفة تبرز ما تقدمه البلاد في هذا الشأن، وكذلك القيام بحملات علاقات عامة للترويج للسمات الثقافية التي تنفرد بها البلاد. وقد أقام قطاع الثقافة والإعلام بوزارة الثقافة نحو 40 مركزا ثقافيا في بلدان في أفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي وأوروبا والأمريكيتين والشرق الأوسط وأفريقيا، للترويج للموجة الثقافية الكورية.
Getty Images مطعم للأكلات الكورية في موسكو يستضيف لعبة ترفيهية تحاكي مسلسل "لعبة الحبار"
فوائد اقتصادية ومعنوية
ذكرت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية للأنباء نقلا عن تقرير صدر عن المؤسسة الكورية للتبادل الثقافي الدولي العام الماضي، أن صادرات البلاد الثقافية بلغت قيمتها 12.3 مليار دولار عام 2019، بارتفاع قدره 22.4 في المئة عن عام 2018.
ومؤخرا، ذكرت وسائل إعلام آسيوية أن فريق البوب الكوري الجنوبي "بي.تي.إس" أسهم وحده في اقتصاد بلاده بمبلغ 4.9 مليار دولار - وهو ما أطلق عليه إعلاميا "تأثير بي.تي.إس".
أدت الشعبية المتزايدة للموسيقى والدراما الكورية إلى ظهور جيل جديد من المشاهير الكوريين الجنوبيين الذين أصبحت لهم شعبية طاغية في بلدان جنوب شرق آسيا، كاليابان والصين وتايوان وهوكونغ وسنغافورة وفيتنام، وأصبحوا يجتذبون جمهورا كبيرا من المعجبين أينما ذهبوا.
كما أسهمت الموجة الكورية في زيادة السياحة الخارجية إلى البلاد بنسبة كبيرة. ووفق استطلاع للرأي أجري في عام 2019، أسهمت "الهاليو" بنسبة 55.3 في المئة من السياحة القادمة إلى البلاد. فمع زيادة شعبية الأفلام والمسلسلات، تدفق سائحون من الكثير من البلدان على كوريا الجنوبية للاطلاع على ثقافة البلاد عن قرب، وزيارة المواقع التي تم فيها تصوير تلك الأعمال.
وقد بدأ العمل في إنشاء مجمع ضخم للثقافة الكورية يمكنه استضافة 170 حفلا موسيقيا لفنانين محليين وأجانب سنويا، ويتوقع أن يجتذب 20 مليون زائر سنويا ويخلق 240 ألف وظيفة جديدة. من المقرر أن يكتمل إنشاؤه بحلول 2024، وتأمل البلاد في أن يؤدي ذلك إلى زيادة عدد السائحين.
الشعبية الهائلة للموجة الثقافية منحت البلاد فرصة رائعة لتعريف العالم بتقاليدها ومنتجاتها الترفيهية المتفردة ومواقعها المتميزة ونجومها الذين يحظون بالفعل بشهرة طاغية في القارة الآسيوية. وأصبحت الأفلام والمسلسلات تركز على القيم الكورية، والمجتمع، والمواقع الخلابة التي تصور فيها تلك الأعمال.
يقول رول "إن ذلك بدوره أعطى فرصة جيدة لكوريا الجنوبية لخلق صور جديدة للبلاد عبر أنحاء العالم"، بعد أن كانت الصور التي تستحضرها في الأذهان حتى وقت قريب تتركز حول الحرب الكورية، والخلافات مع الجارة الشمالية وانهيار المؤسسات التجارية والصناعية الضخمة التي تضررت من الأزمة المالية في أواخر التسعينيات - وكلها أشياء غير إيجابية.
Getty Images فريق "بي.تي.إس" يلقي كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي
"الهاليو" تصل إلى العالم العربي
في عام 2019، تدفق 60 ألف متفرج على الرياض لمشاهدة الحفل الموسيقي الذي أقامه فريق "بي.تي.إس" في إطار موسم الرياض الترفيهي، كما أعلن تركي آل الشيخ رئيس مجلس الهيئة العامة للترفيه في المملكة أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن توقيع عقد حفل مع فرقة كورية، دون الإعلان عن اسم تلك الفرقة.
سبق ذلك إقامة حفل للفريق وغيره من كبار الفرق الغنائية الكورية في أبو ظبي بالإمارات عام 2016، في إطار مهرجان K-Con، وهو مهرجان سنوي لموسيقى البوب الكورية بدأ في الولايات المتحدة، ثم امتد إلى دول أخرى كاليابان والإمارات وفرنسا والمكسيك.
في مايو/أيار الماضي، أعلن عن تعاون بين المغني السعودي بدر الشعيبي والمغنية الكورية الجنوبية أليكسا، من خلال مشروع برعاية منصة البث الموسيقي "سبوتيفاي".
وفضلا عن السعودية والإمارات، هناك دول عربية أخرى يقوم مستخدمو منصة "سبوتيفاي" فيها بالاستماع إلى أغاني البوب الكورية، كمصر والجزائر والمغرب. وذكرت صحيفة "اراب نيوز" نقلا عن بيانات سبوتيفاي، أن السوق السعودية هي الأكبر، في حين أن السوق المصرية هي الأسرع نموا، حيث ازدادت فيها نسبة الاستماع 33 في المئة في الفترة من 2019-2020.
يتحدث القسم العربي بموقع "كوريا نت" الذي يقدم معلومات عن كوريا في مجالات ثقافية وسياسية وغيرها، عما يصفه ب "التأثير الإيجابي لموسيقى البوب الكورية على المجتمع العربي، مستشهدا بما يقوم به معجبو الفريق في مصر من أعمال خيرية، ورغبتهم في نشر "الرسالة الأساسية ل بي تي إس: تقدير الذات وحبنا لشخصياتنا ومحاولة اكتشاف أفضل الأجزاء فيها وتطويرها".
Getty Images المغنية أليكسا
مستقبل الهاليو
يرى مارتين رول أن الموجة الثقافية الكورية ستواجه بعض التحديات لكي تواصل نجاحها مستقبلا. يقول رول "أحد الأسباب الرئيسية للزيادة المذهلة لشعبيتها ..هو كونها جديدة ومبتكرة"، مضيفا أنه يتعين مواصلة الابتكار والتجديد في المنتجات الثقافية، وتفادي الظهور المتكرر لنجوم الغناء والتمثيل - الذين اختارتهم العديد من الشركات الكبرى المحلية والعالمية للدعاية لمنتجاتها.
وحدها الأيام والسنون ستظهر ما إذا كانت تلك الموجة ستواصل اتجاهها التصاعدي وتكسيرها للحواجز الجغرافية، وما إذا كانت البلاد ستستفيد بشكل أكبر من الإمكانات الهائلة التي تتيحها في مواصلة نجاحها على الصعيدين الاقتصادي والثقافي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.