أصبح مألوفا أن تشهد العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي صعودا ونزولا في منحنى تطورها منذ إنشاء هذا التكتل في القارة العجوز، بالنظر إلى جملة من الملفات التي يتقاطع فيها السياسي بالاقتصادي وخاصة قضية الصحراء المغربية التي تواجه لوبيا جزائريا يتخفى في واجهة جبهة البوليساريو الانفصالية وتناقض المواقف الأوروبية بشأن الوحدة الترابية للمملكة، ولعل أبرز أنموذج هو ما تقوم به إسبانيا التي تعارض الاعتراف الأمريكي وتستقبل ابراهيم غالي سرا في الوقت نفسه تؤيد المغرب وتدعمه في محكمة العدل الأوروبية التي قضت بإلغاء اتفاقي الفلاحة والصيد البحري. وقضت محكمة العدل الأوروبية الأربعاء في لوكسمبورغ بإلغاء العمل باتفاقيتين تجاريتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، على أساس أنهما تشملان منتجات قادمة من الصحراء بناء على طعون قدمتها جبهة البوليساريو الانفصالية، بعد ذلك بدقائق أكد المغرب والاتحاد الأوروبي في تصريح مشترك التزامهما بمواصلة شراكتهما التجارية، واتخاذ "الإجراءات الضرورية من أجل تأمين الإطار القانوني الذي يضمن استمرارية واستقرار العلاقات" بينهما.
ووقعت اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي أول مرة في 26 فبراير 1996، وتضمنت بروتوكولات فلاحية تنص على معاملة خاصة للمنتجات الفلاحية. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ يوم فاتح مارس 2000، مع تطبيق مسبق منذ 1996 بالنسبة لبعض المنتجات الفلاحية المصدرة نحو الاتحاد الأوروبي.
إسبانيا لم تتأخر في التعليق على منطوق الحكم، ودافعت عن استمرار اتفاقية الصيد البحري مؤكدة الأهمية الحيوية للاتفاقية بالنسبة للصيادين الإسبان، وجاء ذلك على لسان وزير الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسباني، لويس بلاناس.
وشدد الوزير الاسباني على أن المغرب شريك استراتيجي ومنطقة صيد مهمة للأسطول الأوروبي والإسباني، مبرزا أنه من بين 132 سفينة تصطاد في مياهه، 93 منها سفن إسبانية.
وعن موقف مدريد المعارض للحكم، يرى المحلل الاقتصادي رشيد ساري في حديث مع "الأيام24" أن "الخلاف المغربي الإسباني سحابة صيف عابرة، لأن ما يربطنا أولا تاريخيا وثقافيا وجغرافيا أكثر مما يفرقنا، إضافة إلى أن إسبانيا تعتبر الشريك الاقتصادي والتجاري الأول للمغرب بحجم مبادلات يفوق 15 مليار يورو واستفادتها بشكل كبير من اتفاقية الصيد البحري والفلاحي".
ثم يؤكد ساري أن "موقف إسبانيا جد عادي لأن المصالح الاقتصادية هي الأهم أما المشاكل الأخرى فيمكن تجاوزها بسرعة".
أما بخصوص الخسائر التي يمكن أن يخلّفها تطبيق منطوق حكم محكمة العدل الأوروبية، يقول رشيد ساري ل"الأيام24″، إنه هنالك ضررا في الأمد القريب والمتوسط على مستوى المبادلات التجارية مع دول الاتحاد الأوربي التي رغم تراجعها إبان الجائحة سجلت حجم مبادلات وصل إلى 35 مليار أورو تشكل الصادرات منها 15 مليار أورو والواردات 20 مليار أورو. المبادلات التجارية تمثل مع الاتحاد الأوروبي نسبة 66% من رقم المعاملات الإجمالي خاصة مع إسبانيا وفرنسا ".
ودعا الخبير المالي والمحلل الاقتصادي إلى ضرورة التفكير في "تنويع الشركاء كالولايات المتحدةالأمريكية، الصين وروسيا وكذلك بريطانيا التي أبانت مؤخرا عن رغبة كبيرة في تعاون تجاري واقتصادي أكثر عمقا من السابق. الحكومة الحالية ستجد على طاولتها هذا الملف الحساس وعليها أن تفكر جديا في إيجاد أسواق أخرى".