* كريم بوخصاص رغم أن حيثيات انتخابات 8 شتنبر مختلفة عن سابقاتها في ظل الإنزال الكثيف للأعيان في السباق نحو البرلمان، وغياب أي مضمون سياسي لهذا الاستحقاق التشريعي والمحلي، ورغم أن حرارة التنافس في مثل هذه الأجواء مفقودة، إلا أن طبيعة الترشيحات في بعض الدوائر حولتها إلى "دوائر موت"، تقدم "الأيام" تفاصيلها وهوية أبطالها. الرباط المحيط: ترمومتر حرارة الانتخابات تسمى دائرة الرباط المحيط تاريخيا ب"دائرة الموت"، نظرا لطبيعة المرشحين الذين تدفع بهم الأحزاب الرئيسية في كل استحقاق انتخابي، حتى أن البعض يسميها ب"الدائرة الانتخابية المركزية" ويشبهونها ب"ترمومتر" الانتخابات، لأنها تكون بشارة خير على الحزب الذي يظفر بمرتبتها الأولى. في انتخابات 2016 حقق العدالة والتنمية بهذه الدائرة نتائج ساحقة حين ظفر بمقعدين اثنين من أصل أربعة بنيله 44.16 في المائة من عدد الأصوات الصحيحة، لكن يتوقع أن يواجه "المصباح" في الثامن من شتنبر متاعب كبيرة تحول دون تكرار نفس النتيجة في ظل القاسم الانتخابي الجديد الذي سيمنع أي حزب من الحصول على مقعد ثانٍ. وحاليا، تستحق هذه الدائرة أن تصنف ب"دائرة الموت" نظرا لطبيعة المرشحين، فالعدالة والتنمية دفع بأمينه العام سعد الدين العثماني الذي سيواجه استفتاء على شعبية الحزب برمته، فيما اختار الأصالة والمعاصرة عضو مكتبه السياسي المهدي بنسعيد للحفاظ على المقعد الذي تحصل عليه الحزب في 2016، بينما اختار الاتحاد الاشتراكي مرشحا يصنف في خانة "الأعيان" عوضا عن ابن الدار رئيس فريقه في مجلس النواب شقران إمام لأجل تجاوز الهزيمة المدوية في الانتخابات السابقة على مستوى الدائرة، حين احتل المرتبة الثامنة ب1.6 في المائة من عدد الأصوات، ويتعلق الأمر ببدر الطناشري الوزاني رئيس الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة. ضمن المرشحين الكبار على مستوى الدائرة، تبرز مرشحة فيدرالية اليسار مريم بنخويا الإطار بوزارة المالية الراغبة في تكرار إنجاز عمر بلافريج في الاستحقاق الماضي، وأيضا مرشح حزب الاستقلال عبد الإله البوزيدي الرئيس السابق لمقاطعة أكدال الرياض ونائب رئيس جهة الرباطسلاالقنيطرة. مراكشالمدينة: ستة "كبار" لثلاثة مقاعد تعتبر "مراكشالمدينة" ذات المقاعد الثلاثة إحدى أبرز الدوائر التي ستشتد فيها المنافسة بين الأحزاب الكبيرة بحكم طبيعة المرشحين المتقدمين فيها، فالعدالة والتنمية الذي ظفر بمقعدين اثنين في الاستحقاقات السابقة دفع بعمدة المدينة العربي بلقايد الذي سيكون في منافسة قوية مع مرشح الحزب السابق وصانع انتصاره على مستوى الدائرة يونس بنسليمان الذي أطفأ "مصباح" البيجيدي وطار إلى "حمامة" التجمع الوطني للأحرار، بينما تبرز فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة كمنافس قوي للحفاظ على مقعدها. ومما يعطي حرارة أكبر على السباق بهذه الدائرة دخول مرشحين كبار آخرين على خط المنافسة، ويتعلق الأمر أساسا بعبد العزيز الدريوش رئيس جماعة تاسلطانت الذي استقطبه حزب الاستقلال من الحركة الشعبية، والمحامي بهيئة مراكش خالد فتاوي الذي ترشح باسم الاتحاد الاشتراكي بعد استقالته من الميزان. دائرة الحسيمة: صراع المخضرمين تستحق دائرة الحسيمة أن توصف ب"دائرة الموت" أيضا بحكم طبيعة المرشحين المتنافسين على مقاعدها الأربعة، وإذا كان الأصالة والمعاصرة قد حسم نتيجتها بسهولة في انتخابات 2016 عندما ظفر بمقعدين اثنين فإنه سيواجه صعوبة بالغة هذه المرة، خاصة بعد فقدانه الزخم الذي عاشه في المنطقة إبان فترة ترؤسه من طرف إلياس العماري، مما يجعل المنافسة على أشدها بين مرشحين نافذين من عدد من الأحزاب. ومن المعطيات التي تنبئ بتنافس شديد في هذه الدائرة، استمرار ترشح عدد من الوجوه المخضرمة التي تتنافس على السيطرة على توجهات الناخبين، في مقدمتهم محمد الحموتي رئيس لجنة الانتخابات في الأصالة والمعاصرة الذي صنع فوز حزبه في الاستحقاقات السابقة، ورئيس الفريق الاستقلالي نور الدين مضيان الذي أصبح نجاحه في هذه الدائرة من الأمور الثابتة، ثم وزير الاتصال السابق عن الحركة الشعبية محمد الأعرج الذي يأمل بفوز جديد. وينضاف إلى هذه الكوكبة الوازنة مرشح العدالة والتنمية نبيل الأندلسي المستشار البرلماني السابق الذي يتمتع بشعبية في المدينة ويُعول على تحقيق اختراق أصبح حزبه أحوج إليه في الفترة الراهنة والمتمثل في الظفر بمقعد في هذه الدائرة لأول مرة. ولن يجد الأندلسي الطريق سالكة بل سيكون عليه التقدم على اثنين من المرشحين ذوي النفوذ الذين يبحثون بدورهم عن مقعد، وهم أساسا كل من البرلماني بوطاهر البوطاهري الذي اصطبغ بلون التجمع الوطني للأحرار والاتحادي عبد الحق أمغار. العرائش: الامتحان البعيد عن المركز رغم أنها بعيدة عن المركز إلا أن دائرة العرائش تجذب الأنظار إليها خلال انتخابات 8 شتنبر بسبب المنافسة المستعرة بين المرشحين للظفر بأحد مقاعدها الأربعة وتحولها إلى تحدٍ سياسي لثلاثة أحزاب كبرى، فالاستقلال رشح بها أمينه العام الذي سيجتاز أخطر امتحان منذ انتخابه رئيسا لحزب علال الفاسي، وهو تكرار النتيجة التي حققها الأمين العام الأسبق للحزب عباس الفاسي حين ظفر بالمقعد الرابع بأكبر بقية، مما قاده مباشرة إلى الوزارة الأولى، لكن المؤكد أن "بركة" سيواجه مغامرة غير محسوبة لكون حزبه خرج خاوي الوفاض في آخر انتخابات تشريعية محتلا المرتبة الثامنة. ومما يعطي لهذه الدائرة إشعاعا كبيرا المنافسة التي ستشتد بين البرلماني المثير للجدل ورئيس جماعة القصر الكبير محمد السيمو الذي تصدر المشهد بها في 2016 باسم الحركة الشعبية ويقود اليوم لائحة التجمع الوطني للأحرار، وخصمه اللدود من العدالة والتنمية سعيد خيرون رئيس الجماعة الأسبق الذي عاد للترشح مجددا بعد أن أخذ مكانه المرة السابقة "شيخ" التوحيد والإصلاح محمد الحمداوي. كما ستتنافس على أحد مقاعد هذه الدائرة شخصيات أخرى من قبيل القيادي الاتحادي مشيج القرقري. فاس الجنوبية: الصراع بحثا عن الوفاء لطالما صنفت دائرتا فاس ضمن دوائر الموت التي تحتدم فيها المنافسة، رغم أنها معروفة بكونها تبقى وفية مدة من الزمن عندما تعطي أصواتها لحزب ما. حصل ذلك مع الاتحاد الاشتراكي ثم مع الاستقلال وأخيرا مع العدالة والتنمية. ورغم أنها منحت الصدارة للبيجيدي بفارق كبير في انتخابات 2016 إلا أن التنبؤ بميولها هذه المرة يبقى صعبا في ظل تقديم الأحزاب المتنافسة مرشحين مجربين بعضهم من الأعيان الذين لا يخطئون الطريق إلى البرلمان. وفضلا عن رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية إدريس الأزمي الذي يبحث عن تكرار الانتصار الساحق الذي حققه في السابق حين نال 54 في المائة من عدد الأصوات، يدخل المنافسة أشد أعداء البيجيدي في السنوات الماضية، رشيد الفايق عن التجمع الوطني للأحرار، وأحد قيدومي البرلمانيين عن نفس الدائرة، رجل الأعمال عزيز اللبار، ثم علال العمراوي الذي عرف طريقه للبرلمان في 2016 حتى في عز اندحار الاستقلال بالمدينة في عهد حميد شباط. ويساهم في احتدام المنافسة على المقاعد الأربعة بهذه الدائرة تجريب مرشحين شباب حظهم في إقناع الفاسيين بالتغيير، على رأسهم البرلمانية الشابة عن التقدم والاشتراكية فاطمة الزهراء برصات وأسامة أوفريد عن الحزب الاشتراكي الموحد.