شكل اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، في دجنبر 2020، مفاجأة لبعض الدول وصدمة لأخرى بينما، رأته قوى دولية أخرى أنه كان متوقعا بالنظر إلى التطورات الأخيرة في المنطقة العربية وشمال أفريقيا تحديدا. إسبانيا كانت من أسرع الدول التي عبرت عن رفضها للقرار الأمريكي معتبرة أنه قرار منفرد ولايعتمد على إرادة دولة واحدة. وكانت من الدول التي تلقت او توقعت اكثر من صدمة فيما يخص التحالف المغربي الأمريكي.
لذلك سارعت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانشا غونزاليس لايا إلى التصريح لإذاعة إسبانيا في دجنبر قائلة: إن "حل النزاع الإقليمي لا يعتمد على إرادة دولة واحدة مهما كان حجمها، وأن الحل هو بيد الأممالمتحدة".
وأوردت الوزيرة يومئذ أن حكومة بلادها تسعى إلى إقامة مفاوضات مع فريق عمل جو بايدن، على اعتبار أن موضوع الصحراء يحتاج لتعددية ولا مجال للأحادية في العلاقات الدولية" على حد تعبيرها.
تصريح رئيسة الدبلوماسية الفرنسية كشف عن تخوف غير مبرر، بحسب مراقبين، خاصة وأن إسبانيا تربطها مع المغرب اتفاقيات كثيرة وكانت تستعمر الأقاليم الجنوبية للمملكة، وكان يفترض ان تقر بمغربية الصحراء قبل أمريكا لكنها لم تفعل.
الإسبان كانوا يراهنون على انتهاء ولاية دونالد ترامب، لتحريك اتصالاتهم في واشنطن لكن استبقتهم الولاياتالمتحدة في مارس بمناورات عسكرية مع المغرب، شكلت صدمة ثانية لهم. مصافحة البرق في مستهل مارس الجاري سيتابع العالم ومعه الإسبان تحرك الأسطول الأمريكي الخامس، من جنوبإيطاليا في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمغرب، كشفت السفارة الأمريكيةبالرباط، على معطيات جديدة تهم مناورات "مصافحة البرق 2021 "، التي انطلقت منذ فاتح مارس الجاري، حيث تشارك القوات البحرية الملكية رفقة نظيرتها الأمريكية في مناورات بحرية تهدف تعزيز قابلية التشغيل البيني بين القوات البحرية الأمريكية والمغربية.
وفي هذا الصدد، تشارك حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت إيزنهاور (IKE CSG) في تدريبات "Lightning Handshake"، وهو تمرين بحري بين الولاياتالمتحدة والبحرية الملكية المغربية والقوات الملكية الجوية المغربية.
وأوضح بلاغ لسفارة واشنطنبالرباط، اليوم الأربعاء، أن هذا التمرين يهدف الى تحسين العمل المشترك بين البحرية الأمريكية والبحرية الملكية في العديد من مجالات الدفاع، وخاصة مجال الهجمات على السطح، ومحاربة الغواصات، وكذا الضربات الجوية-البحرية، والدعم اللوجستي المشترك وعمليات الحظر البحري.
وقال اللواء البحري سكوت روبرتسون، قائد حاملة الطائرات الثانية: "باسم البحارة العاملين في CSG IKE، نتشرف بالمشاركة في هذا التمرين البحري الثنائي التاريخي، الذي يخلد الذكرى المئوية الثانية للشراكة الدائمة مع المغرب"، مشيرا إلى أن "تمرينات مثل "Lightning Handshake" تعزز أسس عملنا المشترك والدعم المتواصل لالتزامنا طويل الأمد من أجل الأمن بالمنطقة."
وأضافت السفارة أن تمرين "Lightning Handshake 2021 " ترفع من قدرة القوات البحرية الأمريكية والمغربية للعمل معا من أجل مواجهة التحديات الأمنية وزيادة الاستقرار بالمنطقة. صحيفة "إلبيريوديكو " الإسبانية قالت إن العمليات الجوية فاجأت عناصر المراقبة بمركز التحكم الجوي في إقليم الكناري، والذين عبروا عن دهشتهم إذ لم يكونوا على علم بوجود حاملات الطائرات الأمريكية في المنطقة، ولم يعرفوا في البداية مصدر الطائرات التي فوجؤوا بها وهي تحلق فوق أجواء الإقليم، مبرزة أن العمليات شاركت فيها أيضا، إلى جانب حاملة الطائرات "دوايت دي أيزنهاور"، 5 مدمرات بحرية أمريكية أبحرت بالقرب من الأرخبيل الإسباني.
أكد وزير الخارجية الإسباني الأسبق خوسيه مانويل غارسيا مرغالو أن إسبانيا مدعوة إلى إعادة النظر في موقفها بشأن قضية الصحراء في السياق الجيوسياسي الجديد، الذي يتميز بقرار الولاياتالمتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية.
وقال مارغالو، الذي حل ضيفا مساء أمس الثلاثاء على برنامج "أتالايار" الذي بثته إذاعة "كابيتال راديو"، "أعتقد أنه يتعين على إسبانيا أن تعيد النظر في موقفها بشأن الصحراء في السياق الجيوسياسي الجديد، بعد قرار الولاياتالمتحدة".
وسجل أن الحكومة الإسبانية أدارت ظهرها للتحول الذي يشهده السياق الدولي على إثر القرار الأمريكي، مبرزا أن الرباطوواشنطن تربطهما علاقة خاصة جدا لأن المملكة كانت أول دولة تعترف بالولاياتالمتحدةالأمريكية. وذكر بأنه عندما انقسم العالم إلى قسمين، كان الحليف الأكبر للولايات المتحدة هو المغرب.
من جهة أخرى، حذر مارغالو من مخاطر إنشاء دولة وهمية في المنطقة، مشيرا إلى أنه عندما كان على رأس الدبلوماسية الإسبانية كان عليه تدبير عواقب "هجوم إرهابي" في مخيمات تندوف نجم عنه اختطاف متعاونين إسبانيين اثنين وإيطالية.
وقال إن الظرفية الجيوسياسية الدولية تغيرت وحكومة بيدرو سانشيز لم تستطع استخلاص الدروس من هذه التغييرات، مضيفا أن عبارة "استفتاء تقرير المصير" اختفت من قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة منذ عام 2003.
إضافة إلى ذلك، يضيف مارغالو، استعاد المغرب مكانته داخل الاتحاد الإفريقي وفتحت عدة دول عربية وإفريقية قنصليات لها في مدينتي الداخلة والعيون، بينما يعتزم البعض الآخر القيام بالأمر ذاته.
وخلص إلى "إنه عندما تتغير الظروف، علينا أن نتغير. علينا أن نتكيف مع السياق الجديد. إنها مشكلة يجب أن نحلها". البرق