بعد أقل من 48 ساعة، على ترؤس الملك محمد السادس، لقاء العمل المرتبط بوضع الترتيبات الأولية المتعلقة ب "الجدوى التقنية وتمويل المشروع" الخاص بخط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، مرورا عبر العديد من بلدان غرب أفريقيا، سارعت دولتا الجزائروروسيا إلى التعبير عن مخاوفهما من مستقبل الملف وتأثيره على اقصاداتهما. اللقاء أجج غضبا جزائريا غير مسبوق عبرت عنه الصحف المقربة من المؤسسة العسكرية، كما أدى إلى عقد لقاء طارئ بين نائب الرئيس النيجيري والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي ظلت بلاده تماطل في إنجاز المشروع لمدة 15 سنة خوفا من منافسة الغاز النيجيري في بعض الأسواق.
التحرك الروسي بدوره لم يتأخر بعدما حل يوم أمس الخميس، بالعاصمة الرباط الآمين العام للمجلس الوطني الروسي، نيكولاي باتروشيف، بهدف عقد لقادات خاصة مع بعض المسؤولين المغاربة، وإن كان ظاهر الزيارة يروم تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين، في مواجهة اللإرهاب الدولي والجريمة المنظمة، فإن الأسباب الخفية لهذه الزيارة مرتبطة بالدرجة الأولى بمشروع أنبوب الغاز المنتظر أن يربط نيجيريا بالمغرب، ليصل إلى دول أوروبا الغربية عبر ميناء طنجة المتوسطي شمال المغرب.
وأجمع المتتبعون لهذه التحركات الجزائرية الروسية، أن هذا الورش الاقتصادي الضخم يعيد النقاش حول الحسابات الجيواستراتيجية في المعاملات الاقتصادية، خاصة المرتبطة بإنتاج ونقل الغاز الطبيعي إلى نقطة الصفر، بالنظر إلى إمكانية فقدان كل من روسياوالجزائر، لأوراق ضغط مهمة، كتلك التي تميز علاقة روسيا ببلدان الاتحاد الأوربي، التي يلعب فيها الغاز دورا مهما، كذلك الشأن بالنسبة لعلاقة الجزائر مع العديد من الشركاء التقليديين بالنسبة لها.
وبرر المتتبعون القلق الروسي بكون روسيا غير مرتاحة للاتفاق المغربي النيجيري، لأن ذلك يشكل خطرا عليها، فهو يعني آوتوماتيكيا خسارة سوق غرب أوروبا في الغاز، كما يعني أن المغرب ماض للانخراط في تكتل جديد تكون بريطانيا أحد محاوره الأساسية.
كما ينتظر أن يمكن المشروع من ربط البلدين بالسوق الأوروبية، والتشجيع على انبثاق منطقة شمال - غرب إفريقية مندمجة، فضلا عن تمكين المنطقة من تحقيق الاستقلالية الطاقية وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع الكهربة لفائدة الساكنة وتطوير أنشطة اقتصادية وصناعية هامة.
و قالت جريدة "الشروق" الجزائرية، المقربة من المؤسسة العسكرية، عن ملف خط الغاز الضخم الذي يربط نيجيريا بشمال القارة الإفريقية، ثم أوروبا، إنه تحول إلى "لغز اقتصادي" بسبب موقف أبوجا غير الواضح من الملف، ففي الوقت الذي أبرمت فيه اتفاقيات عدة مع الجزائر سابقا في انتظار انطلاق الأشغال، يجري مسؤولون نيجيريون اجتماعات في الرباط حول نفس المشروع.
وسجلت اليومية الجزائرية في تقرير نشرته الخميس، أن زيارة قام بها نائب الرئيس النيجيري ييمي أوسينباجو، يومي الثلاثاء والأربعاء إلى الجزائر، قد تم خلالها بحث المشروع الجزائري النيجيري حول الغاز المتوقف منذ 2002.
ونسبت إلى نائب الرئيس النيجيري ييمي أوسينباجو تمسك بلاده بالمشروع المسمى خط أنابيب الغاز العابر للصحراء والذي يربط البلدين، عقب استقباله من قبل الرئيس بوتفليقة مساء الثلاثاء.
وأفادت أن "وكالة الأنباء النيجيرية"، أن الملف كان ضمن جدول أعمال هذه الزيارة، بشكل طرح تساؤلات حول ما يحدث بشأن المشروع وسط شح المعلومات الرسمية".
ووفق نفس المسؤول: "الجزائرونيجيريا تربطهما علاقات تاريخية قوية تعززت من خلال عقد مجموعة اتفاقات في إطار اللجنة الثنائية العليا الجزائرية النيجيرية، ومنها مشاريع مشتركة مثل الطريق العابر للصحراء بين الجزائر ولاغوس وأنبوب نقل الغاز العابر للصحراء الرابط بين نيجيريا وأوربا عبر الجزائر".
يشار آن أنبوب الغاز المنتظر أن يربط نيجيريا- المغرب، الذي ستنطلق دراسات تقنية بشأنه، أكثر تكلفة وتعقيدا من الخط الأول، كونه سيمر عبر قرابة عشر دول إلى جانب الصحراء المغربية.
وأوضحت: "حسب هؤلاء المختصين، فإن مرور أنبوب عبر أراض متنازع عليها مثل الأراضي الصحراوية، أمر مستحيل في الواقع، كما أن موريتانيا التي تشهد علاقاتها مع الرباط توترا، ستعارض أي مشاركة في المشروع فضلا عن غياب أي تجربة للمغرب في مجال الصناعة الغازية".
وقالت: "يعود إطلاق مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء لعام 2002 خلال اجتماع اللجنة العليا الجزائرية النيجيرية أين تم الإعلان عن اتفاق بشأنه بين سوناطراك وشركة النفط النيجيرية (أن أن بي سي)".
وبقي المشروع مجمدا إلى غاية العام 2009 أين تم إحياؤه مجددا خلال زيارة لوزير الطاقة الأسبق شكيب خليل إلى أبوجا حيث تم توقيع الاتفاق الرسمي مع نظيريه النيجيري بمشاركة النيجر كدولة يمر عبرها الأنبوب.
ورغم توقيع الاتفاق رسميا، إلا أن المشروع بقي يراوح مكانه ليعيده رئيس نيجيريا السابق جوناثان جون لاك إلى الواجهة مطلع العام 2013 في قمة للاتحاد الإفريقي، عندما أكد قرب بداية الأشغال وأعلن أن التكلفة قد تصل إلى 20 مليار دولار.