لا يزال قانون ترسيم الحدود البحرية للمغرب، بما يشمل مياه الأقاليم الجنوبية للمملكة، الذي صادق عليه البرلمان قبل سنة، محط توجس للحكومة الإسبانية، حيث عادت مدريد، إلى فتح ملف ترسيم الحدود البحرية مع المغرب. وأفادت وكالة "أوروبا بريس" غير الرسمية، أن الحكومة الإسبانية ردت مؤخرا في جلسة برلمانية، خصصت لمستجدات القرار المغربي المتمثل في ترسيم حدوده البحرية مع إسبانيا، بكون خطوة الرباط لازالت معلقة إلى حدود الآن.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن الرباط اتفقت مع مدريد على حل أي نزاع بخصوص قضية ترسيم الحدود البحرية بالتوافق مع اتفاقيات الأممالمتحدة الخاصة بقوانين البحار، والخروج باتفاق يرضي الطرفين.
وكان البرلمان المغربي، قد صادق قبل سنة من الآن، على قانون ترسيم الحدود البحرية، ما سيمكن المغرب من بسط سيادته على المجال البحري في الأقاليم الجنوبية لأول مرة، ليصبح المجال البحري غربا من طنجة إلى الكويرة، بدل انحصاره في طرفاية.
وفي خطاب بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، أعلن الملك محمد السادس، أن المغرب أكمل ترسيم مجالاته البحرية وأنه حان الوقت لاستثمار المؤهلات الكثيرة التي تزخر بها.
وأوضح الملك في خطابه قائلا: "إن التزامنا بترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، لايعادله إلا عملنا المتواصل، على جعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري"، ثم أضاف: "واستكمالا للمشاريع الكبرى، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، فقد حان الوقت، لاستثمار المؤهلات الكثيرة، التي يزخر بها مجالها البحري".
وأشار إلى أن المغرب سيظل "ملتزما بالحوار مع جارتنا إسبانيا، بخصوص أماكن التداخل بين المياه الإقليمية للبلدين الصديقين، في إطار قانون البحار، واحترام الشراكة التي تجمعهما، وبعيدا عن فرض الأمر الواقع من جانب واحد".
وانطلاقا من هذه الرؤية، يقول الملك: "ستكون الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قبالة الصحراء المغربية، واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي، فإضافة إلى ميناء طنجة -المتوسط، الذي يحتل مركز الصدارة، بين موانئ إفريقيا، سيساهم ميناء الداخلة الأطلسي، في تعزيز هذا التوجه".
ويبقى مصدر النزاع القائم بين المغرب وإسبانيا، يكمن في منطقة جزر الكناري التي توجد قبالة السواحل المغربية من الجهة الأطلسية، حيث يرى في السياق، محمد أكضيض، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، في تصريح ل"الأيام24″، أن إسبانيا لا ترغب في ترسيم الحدود البحرية مع المغرب، معتبرا أن "مطالبة المغرب بترسيم الحدود البحرية يضع مدريد في حرج سياسي وجغرافي من أجل إنهاء الهيمنة الإسبانية الجيو-سياسية مع الدولة المغربية ويضعها على قدم المساواة نحو المملكة المغربية".
وأضاف أكضيض، "أنه لو سلمنا أن مدريد قبلت بترسيم الحدود، فإنها ستشعر بانهيارات وليس انهيار منها الاعتراف لسيادة المغرب على صحرائه بما فيها المياه الإقليمية للصحراء المغربية وسيزيد من الشهية السياسية للمملكة المغربية بعد انتصاراتها الدبلوماسية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية إلى استراتيجية سياسية مستقبلا بعد ترسيم الحدود، ثم إلى المطالبة بالثغور وفك الارتباط السياسي والاقتصادي والعسكري مع سبتة ومليلية المحتلتين".
وأشار الخبير المغربي، إلى أنه "مجرد قبول الحكومة الإسبانية، مفاوضات مع المغرب معناه تصدع الإئتلاف الحكومي الإسباني وقبول جارة قوة صاعدة تحصد انتصارات دبلوماسية سواء تعلق بمكانة المغرب لدى دول الجنوب أو العمق الافريقي أو الخليج ثم دول الشمال منها الاتحاد الأوروبي".