قال الدكتور سمير بنيس، المستشار السياسي، المقيم في واشنطن إن'' منطقة شمال افريقيا لن تكون من بين أهم أولويات الرئيس بايدن خلال الشهور الستة الأولى من رئاسته. وبغض النظر عن ذلك، فإن المغرب يعتبر من بين اللاعبين الإقليميين الأساسيين الذين تعتمد عليهم الولاياتالمتحدة للحفاظ على مصالحها في المنطقة والحفاظ على استقرار المنطقة ومحاربة التطرف والإرهاب. وأكد بنيس في حديث خص به الأيام24 ''أن هناك توجس كبير في صفوف الكثير من المغاربة حول ما إذا كان بايدن سيتراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء. مبرزا أنه ''من الناحية القانونية، سيكون من الصعب على واشنطن التراجع عن اعترافها لانها اولا، تتعامل مع دولة ذات سيادة، وليس مع كيان وهمي غير معترف به دوليا. ثانياً من الناحية العملية، سيعتبر أي قرار مفترض لبايدن في هذا الصدد مجازفة كبيرة قد تعصف بالعلاقات يبن المغرب والولاياتالمتحدة.
ويقول بنيس في هذا الشأن'' معلوم أن قضية الصحراء ليست قضية تحظى باهتمام كبير في الولاياتالمتحدة وتعتبر نزاع ذا حذة ضعيفة. وقد ظهر ذلك بوضوح خلال الخطاب الذي ألقاه الرئيس بايدن يوم الخميس من مقر وزارة الخارجية، حيث لم يتضمن أي إشارة إلى نيته في إعادة النظر في قرار الرئيس السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بمغربية الصحراء. ''
ليضيف: لو كانت للرئيس بايدن النية في تغيير السياسة الأمريكية تجاه المغرب بخصوص الصحراء لقام بذلك في مقر الخارجية، وألا يقوم بذلك اليوم، يعني أن هذا الملف لا يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن وأنها لا تفكر في إعادة النظر في اعترافها بمغربية الصحراء.
وشدد المتحدث ذاته، أن قيمة المغرب باعتباره حليف استراتيجي بالنسبة لواشنطن، سيدفع الإدارة الأمريكية إلى التفكير بروية مما ستجنيه من أي قرار معاد للمغرب، وبالتالي، ستعمل على الحفاظ على الموقف الذي اعتمده الرئيس ترامب.
ومن جهة أخرى، يضيف سمير بنيس، إذا انتبهنا إلى الخطاب الذي وجهه الرئيس بايدن للاتحاد الافريقي بمناسبة انعقاد القمة الرابعة والثلاثين، فإن أهم نقطة أشار إليها هو تعزيز فرص الاستثمار والتجارة بين افريقيا والولاياتالمتحدة. وإن كان قد أكد على أهمية تعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأقليات وحقوق المثليين، إلا أن ما سيهم الإدارة الأمريكية من الناحية العملية في المستقبل هو تعزيز حضورها على المستوى الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء ومواجهة المد الصيني والحد من الهيمنة الاقتصادية الصينية.
وأشار في السياق ذاته إلى أن ''أفريقيا ما زالت محتاجة لمئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية لتأهيل بنيتها التحتية وجعلها قادرةً على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية للعقود القادمة. بالنظر لذلك وللنمو الديمغرافي الذي ستشهده هذه القارة بحلول عام 2050، حيث من المنتظر أن يصل عدد سكانها إلى ما يفوق ملياري نسمة.''
وتابع أن ''هناك منافسة شديدة بين العديد من القوى العالمية والإقليمية لتعزيز نفوذها السياسي ووزنها الاقتصادي في افريقيا جنوب الصحراء، وهو ما ستسعى واشنطن كذلك لتحقيقه. ومن هذا المنطلق، فإن الوضع الجغرافي للمغرب باعتباره بوابة الصحراء سيؤهله للعب دور طلائعي في الاستراتيجية الأمريكية لتعزيز نفوذها الاقتصادي في افريقيا ويمكن أن يصبح منصة رئيسية لانطلاقة المبادرات الأمريكية.
وعن أوراق المغرب بواشنطن، قال بنيس ''علينا ألا ننسى نفوذ اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة والارتباط الوثيق للرئيس بايدن بإسرائيل والتزامه بالحفاظ على أمنها. ورب مثالا عن دعم هذا اللوبي لبايدن الذي يعتبر لحد الساعة أكثر أعضاء غرفتي الكونغرس السابقين والحاليين استفادة من الدعم المالي للوبي اليهودي، حيث حصل على ما يفوق 3،6 مليون دولار متبوعاً بعضوة مجلس الشيوخ ووزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون التي حصلت على 2،35 مليون دولار. وحتى بعد مرور 12 سنة عن انتهاء عمله في مجلس الشيوخ، فإن المسافة بينه وبين أعضاء الكونغرس الأكثر استفاد من الدعم المادي للوبي اليهودي لا يزال شاسعاً. على سبيل المثال، فإن زعيم الأغلبية الديمقراطية الحالية في مجلس الشيوخ، شاك شومر حصل على دعم بقيمة 1،18 مليون دولار، بينما حصل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتس ماكونيل على 1،96 مليون دولار.
ولفت في هذا السياق أن ''تزامن اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء مع قرار المغرب إحياء علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، لا شك أن اللوبي اليهودي الذي كان مقرباً من إسرائيل حتى قبل هذه الخطوة، سيعمل على إقناع بايدن بعدم المساس بمصالح المغرب.''
واستطرد قائلا'' علينا ألا ننسى أن بايدن يتمتع بحنكة سياسية منقطعة النظير وعلى علم بالتوازنات التي ينغي لبلاده الحفاظ عليها لمواجهة التحديات التي ستواجهها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط وافريقيا. وسيكون المغرب من البلدان التي سيعتمد عليها بايدن لبناء التحالفات السياسية التي سيعتمد عليها لمواجهة المد الصيني والأجندة الروسية في هذه المناطق.''