من كان يعتقد أن الجزائر التي كانت تتغني قبل سنوات قليلة أنها تعيش «البحبوحة المالية» ستتحول بقدرة قادر إلى دولة على حافة الإفلاس، بعدما عمدت في السنوات القليلة الماضية لطبع الأموال خارج الضوابط الصارمة لتغطية النفقات، وها هي اليوم تستعد في قرار مؤلم للاستدانة الخارجية. آخر الأرقام الرسمية التي كشف عنها وزير الصناعة الجزائري فرحات أيت علي تؤكد أن احتياطي العملة الصعبة في الجزائر تقلص بشكل مهول جدا، ليقف هذا العام عند 29 مليار دولار فقط، بعدما كان يبلغ في العام 2013 حوالي 194 مليار دولار وقبله في العام 2010 أزيد من 250 مليار دولار، وهو تقريبا نفس المستوى الذي كنا نجده في بلدان الخليج العربي.
29 مليار دولار من العملة الصعبة ستكفي دولة الجزائر اليوم لشراء حاجياتها من الخارج ل 8 أشهر فقط، بعدما كانت إلى عهد قريب في زمن «البحبوحة المالية» باحتياطات تكفيها لقرابة 5 سنوات كاملة، مما يؤكد حقيقة أن الجارة الشرقية تعيش أزمة حقيقية تنذر بثورة اجتماعية تلوح في الأفق.
المثير في الأمر، أن المغرب يملك اليوم أكثر من الجزائر في ما يتعلق باحتياطات العملة الصعبة، فآخر الأرقام التي أفرج عنها بنك المغرب نهاية شهر شتنبر الماضي، تقول إن احتياطاتنا من «الدوفيز» تصل إلى 299.1 مليار درهم، أي 33.29 مليار دولار وهو ما يتجاوز ما تتوفر عليه الجزائر (29 مليار دولار). وما يؤكد كذلك الأزمة العميقة التي تعيشها الدولة الجزائرية ماليا، هو أننا عندما ننظر إلى ميزانيتها المقررة للعام 2021 نجدها تناهز 62 مليار دولار فقط، بينما تبلغ ميزانية الدولة المغربية حوالي 60 مليار دولار، لكن الفرق الأكبر أن ميزانية الحكومة الجزائرية ستعرف العام المقبل عجزا يصل إلى 20 مليار دولار، بينما يصل العجز بالنسبة للمغرب 7 ملايير دولار فقط. مع العلم أن العجز يتم عادة تمويله بالقروض الخارجية والداخلية، مما يعني أن الجار الشرقي للمغرب سيكون مجبرا لأول مرة على الاستدانة خارجيا، خاصة بعد التهاوي الكبير لأسعار المحروقات، إذ لم يتعدّ سعر النفط منذ أزيد من عامين عتبه ال 50 دولارا للبرميل الواحد، في الوقت الذي وصل في العام 2011 إلى 120 مليار دولار للبرميل.