دخل، منذ الاثنين الماضي، القانون المتعلق بترسيم الحدود البحرية الاقليمية للمملكة، حيز التنفيذ، بعدما صدر في العدد 6869 من الجريدة الرسمية، ويهدف إلى بسط الولاية القانونية للمغرب على كافة مجالاته البحرية، من طنجة إلى منطقة لكويرة. ويتعلق الأمر بالقانون رقم 38.17، المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية، والقانون رقم 37.17، المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 26 من محرم 1393 (2 مارس 1973) المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية. وأثارت مبادرة المغرب ترسيم حدوده البحرية مخاوف في جزر الكناري الاسبانية التي تبعد أقل من 100 كيلومتر عن سواحل المغرب الجنوبية في المحيط الأطلسي، بينما يحق لكلا البلدين المطالبة بمجال بحري يمتد بين 200 إلى 350 ميلا. الخطوة المغربية الأخيرة دفعت حكومة مدريد إلى التعليق على القانون المتعلق بترسيم الحدود البحرية الاقليمية للمملكة ، من خلال لسان أرانشا غونزاليس لايا وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوربي والتعاون الإسبانية ، جاء فيه “نشر القانون في الجريدة الرسمية لا يحمل جديدا بحكم أننا نعرف محتواه بصفة عامة خلال مراحل مروره بالبرلمان”. واعتبرت أرانشا غونزاليس لايا، في “تغريدة” على “توتير”، أن ترسيم الحدود البحرية يتطلب الاتفاق بين المغرب وإسبانيا على المناطق المحتمل الاختلاف حولها، عبر اتفاق ثنائي يتماشى مع القانون الدولي. ويعتبر في هذا الصدد، خالد الشكراوي الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية، أنه حان الوقت لترسيم هذه الحدود البحرية، لأن المغرب سبق له الموافقة على المعاهدة الدولية في هذا الشأن، وأن الأمور التي نوقشت في السنوات السابقة. وأضاف الشكراوي، في تصريح ل”الأيام24″، أن “الآجال لترسيم هذه الحدود البحرية، هو سنة 2020، وبالتالي ما بعدها ستصبح أمور أخرى، علما بأن هذه المسألة أيضا تدخل أيضا في النطاق السيادي، لكن هذا لا يمنع من الدخول في مشاورات ونقاشات خاصة مع دول الجوار خاصة لها التي لها مجالات مشتركة وبالنسبة للمغرب، هناك بالخصوص مجالات مع إسبانيا وموريتانيا”. واعتبر المحلل السياسي، “أن المجال الإسباني عندنا له عدة حدود على مستوى منطقة جزر الكناري ومضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط، وأيضا المناطق المغربية التي تسيطر عليها مدريد، سواء على مستوى بعض الجزر الصغيرة التي لها دور جيو-استراتيجي للمياه وللمناطق القارية، وأيضا المدن المحتلةسبتة ومليلية، وبالتالي هذا هو النقاش المطروح حاليا”. ويعتبر الشكراوي، “أنه كان هناك سؤال في السابق هل على المغرب أن يناقش ويتفاوض مع إسبانيا قبل طرح هذا القانون للموافقة؟، أم عليه الموافقة كما فعل الآن، قبل الدخول في نقاش، هذا يدخل في نطاق لا يمكن فهمه إلا بفهم مجموعة من الأمور غير الواضحة بالنسبة لنا كملاحظين”. لكن حسب المحلل السياسي، فإن “العارفين بالأمور على المستوى التقني والدبلوماسي، سواء في المغرب أو في إسبانيا، ربما لديهم مجموعة من المعطيات التي تجعلهم يتفهمون هذا الوضع، لكن لحد الآن، عدا بعض الأصوات المتطرفة في إسبانيا لم نشاهد أي رد سلبي رسمي في هذا الشأن، كما أنه من جانب المغرب، هناك دعوة وموافقة جد إيجابية للنقاش وإيجاد حلول، وهو ما تدعو إليه أيضا الأممالمتحدة على أساس عندما ترسم حدود بحرية وتدخل في نقاش مع حدود جارة أخرى، أو أن هذه الحدود البحرية قد تدخل في نطاق سيادي لدولة أخرى، لا بد من وجود من نقاش ما بين الدولتين المهتمتين بالأمر، وإيجاد حل وسط، لدرجة أنه حتى على المستوى القانون الأمر مازال غير مضبوط في هذا الإطار”. وأبرز “أنه باستثناء بعض أصوات النشاز في هذا الشأن، فإن المشكل غير مطروح لحد الآن، وليس بالحدة التي تتحدث عنها بعض المنابر الراديكالية، خاصة في المجال الإسباني أو أيضا في المجال الجزائري، الذين لهم أوراق سياسية أخرى في هذا الشأن، مشيرا أن المسألة سيادية. وعبر الشكراوي، عن اعتقاده بكون “الخارجية المغربية اتخذت هذا القرار بوعي عميق بأهمية المسألة على أساس أن التفاوض والنقاش مع الجيران، فسيكون من موقع قوة، وإن كان العكس سيكون على الأقل من موقع تكافؤ الفرص، وليس من موقع ضعف”. في ذات الصدد، نقلت قصاصة لوكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك”، أن الصراع الدائر الآن بين مدريد والرباط، يدور حول منطقة محاذية للجبل البركاني “تروبيك”، وتبعد عن سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة بمئات الكيلومترات، وهي منطقة غنية بالمعادن والغازات من قبيل الكوبالت والتيلوريوم والأتربة النادرة التي تشكل مفتاحا لتطوير تقنيات جديدة، حيث تدخل في الكثير من الصناعات الهامة. وتعتبر إسبانيا، حسب ذات المصدر، أن الجزر البركانية الواقعة قبالة سواحل الجنوب المغربي امتداد جيولوجي لجزر الكناري، وبالتالي هي جزء من الجرف القاري الإسباني، كما أنها حاولت عام 2014، بعد سلسة من الدراسات البحرية، السّيطرة على المنطقة البركانية، التي تقع على بعد حوالي 269 ميلا جنوب جزيرة إل هييرو. وأشارت إلى أنه بموجب دخول الترسيم حيز التنفيذ يبسط المغرب سيادته في ضمّ الجزيرة البركانية إلى مجاله البحري من خلال القانون الذي أعلن السّيادة الكاملة على بعد 350 ميلا بحريا قبالة ساحل الصحراء، ما يمكنه من استغلال الموارد الطبيعية المتواجد في قاع البحر.