يرى الدكتور عبد الرحيم العطري، من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، والمختص في الحركات الاحتجاجية، أن ما يحدث الآن من سلوك "انحراقي" يعيد إلى الأذهان واقعة البوعزيزي ذات ربيع عربي، ويؤكد أن هذا الفعل الاحتجاجي ظل أسلوبا منتهجا من قبل العديد من الأفراد في سجلات مختلفة، لكن سبب ارتفاع اللجوء إلى هذا الأسلوب الاحتجاجي دون غيره، هو ما يبنغي البحث فيه، يقول الدكتور. وأشار العطري، في اتصال مع "الأيام 24"، أن السلوك الاحتجاجي يكون ضدا على واقع معين، تنتفي فيه الكرامة وتحضر فيه "الحكرة"، وتُغتال قبله كل ممكنات الحوار. فأي سلم احتجاجي، يقول المختص، "يبدأ بالحوار ثم حمل الشارة والإضراب عن الطعام ثم الاعتصام مرورا بأساليب متعددة"، قبل أن يزيد مشددا، "لكن أن يمر الإنسان مباشرة إلى قتل وحرق الجسد والانتحار وما إلى ذلك، فذلك دليل على قوة العنف الذي سلط عليه".
واستشهد الدكتور الباحث بقاعدة العلوم الإنسانية التي تفيد أن "كل عنف ينتج عنفا مضادا"، معتبرا أن هذا السلوك هو عنف مضاد ضد الذات، موضحا، "علينا أن نفكر في العنف السابق الذي أوصلنا إلى هذا العنف المضاد".
واستطرد العطري قائلا في ذات السياق، "استشعار الحكرة والتهميش يجعل الإنسان في الكثير من اللحظات يعلن النهاية..وينتهي بالقول ب"إن لا وجود لي في هذه الحياة".
ولتدارك الأمر والحد من الظاهرة التي تكررت مرتين، في ذات الأسبوع بمدينة القنيطرة، مع "مي فتيحة" بائعة "البغرير" وشاب آخر، يرى الدكتور عبد الرحيم العطري أنه من الواجب الانتباه إلى تنامي هذه السلوكات التي تؤشر على سخط شعبي وعلى حوادث احتجاجية جديدة.
مشددا على ضرورة تدبير العلاقة بالمواطن، مؤكدا أن الأمر هو مؤشر على "عدم النجاح في حل كل الإشكالات التدبيرية المرتبطة بعلاقة المواطن بالدولة، والمرتبطة بعلاقة المواطن بالفضاء العمومي، والمرتبطة أساسا بالكرامة الإنسانية"، يوضح العطري.
ونبه المختص إلى أن هذه الحركات الاحتجاجية وإن كانت معزولة، مثال القنيطرة، أو كانت حالة واحدة، فإنها تدعو إلى أخذ المسافة والتفكير أن هناك أوضاع اجتماعية هشة تدعو الإنسان إلى هذا السلوك "الانحراقي"، فإن ما حدث لا ينفصل عن سياق عام وهو يدعو إلى مصالحة سوسيو-اقتصادية بين الإنسان وبين وطنه، حسب الدكتور العطري.