يعيش البيت الداخلي لحزب العدالة والتنمية نقاشا داخليا ساخنا، حول إمكانية تمديد ولاية ثالثة لبنكيران، من أجل الحصول على ولاية حكومية ثانية. وإذا أراد الحزب ذلك لا بد أن يعقد مؤتمرا وطنيا لا يجب أن يتجاوز شهر غشت المقبل، احتراما لدورية انعقاد المؤتمرات الحزبية حسب القانون التنظيمي للأحزاب، علما أن الانتخابات التشريعية ستجري في أكتوبر المقبل، فهل يربح الحزب الرهانين؟
كل قيادات الأحزاب السياسية تعرف أمناءها العامين الذين سيخوضون معركة الانتخابات التشريعية المقبلة باستثناء حزب العدالة والتنمية، والسبب يعود لكون الحزب يناقش الآن قضية حاسمة تتعلق بعلاقة الأمانة العامة برئاسة الحكومة، وفي التفاصيل يؤكد قيادي بارز في الحزب ذاته أن الجميع يبحث عن الصيغة الملائمة والسلسة التي تربط بين الأمين العام المقبل ورئيس الحكومة القادم إذا فاز البيجيدي بالرتبة الأولى، وهكذا فإن الحزب يناقش الآن إمكانية تمديد ولاية ثالثة لعبد الإله بنكيران من دونها.
وإذا كان الدستور الجديد لا يفترض أن يكون رئيس الحكومة هو الأمين العام للحزب الذي فاز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وبالتالي فإن الملك يمكن أن يختار دستوريا أي قيادي من الحزب الأول، فإن الأعراف السياسية تفترض أن يقدم الحزب الفائز بالرتبة الأولى إشارات للمؤسسة الملكية حول هوية الشخص الذي يراه مناسبا لرئاسة الحكومة، ولذلك بالضبط لا بد من انعقاد مؤتمر وطني يحسم في هذه النقطة.
وإذا علمنا أن المؤتمر الوطني القادم لا بد أن ينعقد في يوليوز أو غشت في أقصى تقدير، احتراما لدورية انعقاد المؤتمرات المحددة بموجب القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، وأن الانتخابات التشريعية ستجري في السابع من أكتوبر المقبل كما حددتها الحكومة، فإن الحزب مقبل على معركتين كبيرتين، فهل يستطيع الحزب أن يربح الرهانين؟ ألا يمكن أن يؤثر الأول على الثاني؟ لا، والرد لنفس القيادي الذي أكد ل «الأيام» أن المؤتمرات الحزبية تناقش القضايا التنظيمية، ولا تركز على مشاريع الأوراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة: «المشاريع المختلفة تناقش في اللجان المتفرعة عن المجلس الوطني، ويستمر النقاش حولها لشهور، لتتم المصادقة عليها في دورة خاصة للمجلس الوطني، قبل أن تحال على المؤتمر للمصادقة فقط، في حين يخصص حيز كبير في المؤتمر للمناقشة والحسم في القضايا التنظيمية، ومنها الأمين العام للحزب».
ويضيف نفس القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن على الحزب أن يلائم قوانينه الداخلية إذا أراد إعطاء الفرصة لبنكيران لقيادة الحزب والحكومة إن حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، خاصة وأن لا أحد قد عبر عن رغبته في الترشح للأمانة العامة: «منصب رئيس الحكومة ليس سياسيا فقط، وإنما هو مقعد نضالي » .. كيف؟ تتساءل "الأيام"، فيرد زميل بنكيران: «لأنه يعني مباشرة استكمال الأوراش التي فتحتها هاته الحكومة، ومنها التي تهم الفئات الفقيرة والمستضعفة »، لكن هل ترغب فعلا فئات واسعة في الحزب في استمرار بنكيران على رأس العدالة والتنمية حتى يتمكن من رئاسة الحكومة إذا حصلتم على الرتبة الأولى في انتخابات أكتوبر المقبل؟ تسأل "الأيام"، مرة أخرى فكان الرد هكذا: «حتى إذا افترضنا أن فئات واسعة لا تريد بنكيران أمينا عاما لولاية ثالثة، وهذا استنتاج خاطئ، فإن الأعراف السياسية والحزبية تؤكد أن القيادي الذي فاز في معركة الانتخابات التشريعية، وهذا ما نتمناه، هو الذي يفترض ترشيحه للأمانة العامة، والحالة هذه ليس إلا السيد عبد الإله ابن كيران ».
وتصر مصادر متطابقة على أن معركة رئاسة الحكومة المقبلة معركة سياسية يجب على الحزب أن يستعد لها تنظيميا بعقد المؤتمر في وقته أو حتى قبل ذلك بقليل، والاستعداد في نفس الوقت للانتخابات التشريعية القادمة، خاصة مع توالي المواجهات بين الأحزاب السياسية، ومنها التي تتم بين أحزاب الأغلبية الحكومية، كما حدث من طرف التجمع الوطني للأحرار: «لقد منع بنكيران الجميع من الرد على التصريحات الأخيرة لصلاح الدين مزوار، في نفس الوقت الذي قال لقادة الحزب في الجهات إن الرد المناسب للجميع هو الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة».