تقديم كتاب الصحراء المغربية أرض النور والمستقبل بدوسلدورف ألمانيا    من المسؤول عن تعطيل عملية تسليم الشقق للمنخرطين في مشروع القدس 1 المنتهية أشغاله بودادية النجاح للسكن بأكادير    المنتخب المغربي يصل إلى فرانسفيل    السياحة المستدامة والتحول الرقمي محور الدورة الثالثة لملتقى المقاولة بالحسيمة    "الفعل الاجتماعي" في المغرب .. مسؤولية الحكومة وانتظارات المواطن    المغرب والسعودية يتفقان على تسهيل عملية ترحيل المحكوم عليهم بين البلدين    مسؤول برئاسة النيابة العامة يوضح النطاق المحمي بمقتضى قانون الصحافة وموجبات تطبيق القانون الجنائي    الولايات المتحدة.. ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    جهة الداخلة تعزز الشراكة مع إسبانيا    هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة غدا الخميس بعدد من أقاليم المملكة    باليراريا" تنقل فرق مغربية ومعدات شفط المياه لدعم جهود الطوارئ في فالنسيا            رقم قياسي.. المغرب استقبل 14.6 مليون سائح حتى متم أكتوبر الماضي    أمن العيون يطيح بشبكة إجرامية تنشط في سرقة الأسلاك الكهربائية    تقرير: 16% فقط من المغاربة يعيشون حياة "مزدهرة" و69% يفكرون في تغيير وظائفهم    جمعية ثاويزا آيث شيشار تكتشف و ترصد دولمن مدفني بجماعة بني شيكر يعود لألاف السنين    لجنة المالية تصادق على مركزية الأجور والمناصب المالية وصفة موظف عمومي لمهنيي الصحة        المغرب يستقبل أكثر من 14 مليون سائح في 10 أشهر    في لقاء إعلامي قبل التوجه إلى الغابون : الركراكي يؤكد أن المنتخب الوطني يشهد تنافسية كبيرة وزياش يغيب بسبب ضعف الجاهزية    شاحنات مغربية تصل إلى إسبانيا للمساهمة في إزالة مخلفات "دانا" بفالنسيا    المغاربة يواصلون الاحتجاج ضد الإبادة في غزة ومطالب بتوضيح حكومي حول سفينة متجهة لإسرائيل    لأول مرة.. "حزب الله" يعلن استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب    تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت    المغرب يحتضن المرحلة الأولى من الدوري الإفريقي لكرة السلة    أخنوش يبرز تجربة المغرب في "كوب29"    فيضانات جديدة تجتاح جنوب وشرق إسبانيا    هذا ما قرره وكيل الملك بتارودانت في حق المتورطين في أحداث شغب ملعب هوارة    بعد قطع عملية الإعدام الأولى .. إعدام رجل شنقا "للمرة الثانية"    "ذي غارديان" تتوقف عن نشر محتوياتها على "اكس"    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (الجزء2 فيديو)    بمناسبة اليوم العالمي لداء السكري…كيف نقي أنفسنا من داء السكري؟ غزلان لحرش تجيب عبر "رسالة24"    الركراكي يستدعي رضا بلحيان لتعويض أمير ريشاردسون المُصاب        ملف الطالب بدر يعود للمحكمة وهذه تفاصيل أولى الجلسات    صندوق النقد الدولي يشيد ب"التقدم المطرد" الذي يحققه المغرب    الدوري السعودي يضم 7 لاعبين بين أعلى الأفارقة أجرا عالميا ب 2.9 مليون إسترليني أسبوعيا    وليد الركراكي: لن نبكي على أحد.. من يريد تمثيل المغرب عليه بالصبر    حميد زيان ينهي تصوير الشريط التلفزيوني "بنت العم"    فيلم "مورا يوشكاد".. يجوب قاعات السينما المغربية ويكشف مآساة الاستغلال القسري للعمال المغاربة بفرنسا    واقعة الصفعة تحيل الفنان عمرو دياب إلى محكمة الجنح    احتفاء بالمنتخب الوطني للملاكمة بعد احرازه بطولة إفريقيا بكنشاسا    فوز البريطانية سامانثا هارفي بجائزة بوكر الأدبية العريقة للعام 2024    اختبار أول شبكة اتصالات تجمع الذكاء الاصطناعي وتقنية الجيل الخامس    إفريقيا تعتمد اختبار "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    أسعار صرف العملات العالمية مقابل الدرهم .. التحليل الكامل    كابوس النظام الجزائري ماركو روبيو.. المرشح الأبرز لمنصب وزير للخارجية الأمريكية في إدارة ترامب    "أجيال" ينقل الجمهور إلى قطاع غزة    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقائق المثيرة للحروب الثلاث بين المغرب والبوليساريو
نشر في الأيام 24 يوم 22 - 12 - 2017

وحدة الهندسة العسكرية والاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة الملكية تسللت إلى الأقاليم الجنوبية قبل المسيرة الخضراء وقامت بمسح شامل للأقاليم الصحراوية، وخاصة العيون، بوجدور، السمارة، وبئر كندوز وبئر لحلو عن طريق فرقة كان يترأسها الجنرال احمد دليمي سنة 1974، وقد تمت هذه العملية، بشكل سري، وحتىالطرف الإسباني الذي كان يسيطر على تلك المناطق لم يكن على علم بهذه التحركات المغربية.

كان الهدف من هذا التغلغل هو إجراء مسح جيولوجي لمعرفة نقط تواجد المياه ومعرفة الطرقات والقيام بمسح عام عن تضاريس المنطقة بهدف إنجاز خرائط طبوغرافية عسكرية من أجل التهييء للمرحلة الموالية.

بعد إجراء المسيرة الخضراء بنجاح، تمكن الجيش المغربي من التمركز في جميع النقط الاستراتيجية بالمنطقة، ومن ثمة كان هناك ضمان السيطرة على الأرض. لكن بالمقابل لم تكن هناك مخططات للسيطرة على ساكنة المنطقة، مما سهل مأمورية الاستخبارات الجزائرية التي عملت على وضع برنامج تهجير قسري لصحراويي المنطقة، وركزت حملتها على تهجير الرجال منهم وإعادة توطينهم بمنطقة تندوف شرق الجزائر، وهي امتداد بشري وتاريخي للأقاليم الصحراوية. وتنقسم تندوف بين اركيبات الساحل واركيبات الشرق.

استمرت سياسة التهجير القسري لسنوات. ومارست الجزائر واستخباراتها دعاية ضد المغرب عن طريق بث شهادات لعائلات صحراوية مهاجرة تدعي فيها تعرضها لقصف جوي بواسطة قنابل النابالم وراجمات صورايخ، واتضح في ما بعد أن هذه الادعاءات غير صحيحة وأنها مجرد حرب شائعات أطلقتها الاستخبارات الجزائرية، وكانت من بينهاأخبار كاذبة تتعلق برمي شبان صحراويين بواسطة المروحيات، وهذا كله من أجل بث الخوف والرعب في صفوف الصحراويين من أجل العمل على تهجيرهم.

ونتيجة لهذا الوضع ستنشب حرب كر وفر بين المغرب والبوليساريو دامت ما بين 1975 وسنة 1991 تاريخ سريان مفعول وقف إطلاق النار.

البوليساريو كانت مسنودة من طرف لواء القبعات السوداء التي أنشاها الرئيس الجزائري هواري بومدين لمواجهة المغرب انتقاما لخسارته في معركة الرمال التي وقعت سنة 1963. وتم توظيف هذه القوات من أجل فتح مواجهة مفتوحة مع المغرب، حيث ستنشب على إثرها 3 معارك كبرى تم الاصطلاح عليها، بامغالة 1 و2 و3 وتمت على التوالي في سنوات 81 و82 و83

هذه المعارك الثلاث انتصر فيها الملك الراحل الحسن الثاني في مناسبتين في حين انهزم في معركة واحدة، وكان الهدف من ورائها هو استرجاع الحزام القائم بين تندوف ومدينة السمارة ومنطقة تيفاريتي، وقد أعد الحسن الثاني العدة الكاملة للمعركة الفاصلة وتم عقد اجتماع لهيئة الأركان بمدينة فاس سنة 1983 .

لكن تدخل أطراف خارجية منها مصر والسعودية وتونس سيدفع الملك الراحل الحسن الثاني إلى وقف هذا الهجوم بعد أن انتقل إلى فاس كل من الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز ومبعوث للرئيس التونسي بورقيبة، حيث سيتم توقيف عملية استرجاع الحزام الفاصل بين المغرب والجزائر، وهو الحزام الذي تعتبره البوليساريو مناطق محررة في حين هي منطقة فك الاشتباك بحسب المصطلحات العسكرية.

في عز المواجهة بين المغرب والجزائر سيوفد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة موفده وزير الداخلية الطاهر بلخوجة من أجل التوسط في عملية إطلاق النار التي كانت مشتعلة بين المغرب والجزائر، وكان بلخوجة معروفا بعلاقته الحميمية مع بومدين فأرسله بورقيبة خصيصا للتأثير في بومدين، كما أن اختياره كان بسبب آخر يتعلق بطبيعة بلخوجة الذي كان معروفا بكونه داهية دبلوماسيا ويجيد فن الكذب.

كواليس معركة امغالة على لسان مبارك

في لحظة بوح حرة كشف الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عن جزء من كواليس معركة أمغالة الثالثة وعما دار بينه وبين الرئيس الجزائري الراحل هواري بمودين والملك الرحل الحسن الثاني، وذلك خلال استضافته في إحدى الفضائيات المصرية: «بعد أن اشتكى إلي بومدين من تغلغل عناصر الجيش المغربي في الأراضي الجزائرية على إثر مطاردتها لعناصر البوليساريو، وطلب مني أن أفعل شيئا لوقف هذا التغلغل قلت له إن مصر قد فعلت الكثير لصالح الجزائر وساندتها في حرب الرمال ورغم ذلك قلت له لا بأس إني سأذهب إلى الملك الحسن وفعلا ذهبت إلى الملك الحسن وتكلمت معه في الموضوع ونفى لي تغلغل قوات مغربية داخل الأراضي الجزائرية وأخبرني أنه كل ما هنالك أن قواته متمركزة على بعد 300 كلمتر في الحدود قصد منع تسلل مقاتلي البوليساريو، حيث كان يصفهم الملك الحسن بالمرتزقة .

بعد ذلك قلت لبومدين الآن الملك الحسن يحاصرك وأنا يمكن أن أقنعه ليفتح لك الباب.. وقد تطلب الأمر مني الجلوس مع الملك أربع ساعات بمدينة فاس لإقناعه بالسماح للقوات الجزائرية التي كانت محاصرة من طرف القوات المغربية بالرجوع سالمة. وتم الاتفاق على أن يتم نشر خبر أن القوات المغربية دخلت لمنطقة تيفارتي دون الإشارة إلى الجزائر، وتم الاتفاق بعد ذلك على عقد قمة بين البلدين بالقاهرة لحل الخلافات بينهما.

حينما ارتدى الحسن الثاني بدلته العسكرية

أول مواجهة عسكرية خاضتها القوات المسلحة الملكية ضد مقاتلي البوليساريو هي تلك التي شهدتها منطقة أمكالة في يناير عام 1976، وشاركت فيها قوات القبعات السوداء الجزائرية إلى جانب مقاتلي جبهة البوليساريو، وكانت نتيجة هذه المواجهة الشرسة تفوق باهر للقوات المسلحة الملكية التي استطاعت أسر ما يزيد عن 100 جندي جزائري من بينهم ضباط، لكن الحسن الثاني قرر تسليمهم الى الجزائر لتفادي وقوع حرب كبيرة بين المغرب والجزائر. وقد عرفت هذه المعركة بامغالا 1.

الرئيس الجزائري هواري بومدين أمام هذه الخسارة الفادحة سيعمل كل ما في وسعه من أجل إعادة الاعتبار لقواته المنهزمة عبر تقديم كافة الدعم لمقاتلي جبهة البوليساريو بالعتاد والسلاح، حيث لم تمض سوى أسابيع من الموقعة الأولى حتى شن مقاتلو البوليساريو، مدججين بأحدث الأسلحة الجزائرية، هجوما كبيرا على القوات المغربية في المعركة التي ستحمل اسم أمكالة2.

منذ هاتين الواقعتين، كان على القوات المسلحة الملكية أن تواجه حرب العصابات التي انتهجتها ميليشيات البوليساريو، وكان على عناصر القوات المسلحة المغربية أن تتراجع إلى المدن لتحصينها ضد الهجمات وحماية طرق القوافل لضمان وصول الإمدادات العسكرية والغذائية لها، وانصبت جهود هذه القوات على حماية قوافل الإمدادات، مما فسح المجال أمام مقاتلي البوليساريو للتحرك بحرية بحكم معرفتهم الجيدة لطبيعة الأرض وتضاريسها. وخلال هذه الفترة حققت البوليساريو أهم انتصاراتها في الهجومات الخاطفة التي كانت تقودها ضد قوافل الإمدادات والكمائن التي كانت تنصبها لها، وأيضا من خلال هجوماتها المباغتة على المواقع المدنية، مثل هجومها على مدينة طانطان عام 1979.

اضطر الجيش المغربي إلى تغيير استراتيجيته لتعقب فلول البوليساريو الذين كانوا يجيدون حرب العصابات وقادرين على تحمل قساوة الظروف الطبيعية للصحراء ومناخها.

الجيش المغربي الذي تلقت عناصره التدريب على خوض حرب تقليدية، فوجئ قادته بحرب بدون جبهات للقتال. من هنا جاءت فكرة إنشاء وحدات وكتائب مستقلة لمطاردة فلول مقاتلي البوليساريو ولخوض حرب عصابات ضدهم.

في شهر ابريل من سنة 1983ستعرف المواجهة العسكرية المفتوحة بين المغرب والبوليساريو ومن خلفها الجزائر تطورات كبيرة، حيث سيعقد الملك الراحل الحسن الثاني اجتماعا طارئا لهيئة الأركان بفاس، وكان موضوع هذا الاجتماع الطارئ هو إعداد العدة اللازمة من أجل حسم معركة ما اصطلح عليه بامغالا 3. وقد جعلت الاستعدادات الكبيرة التي تم رصدها لهذه المعركة بحسب الخبير العسكري عبد الرحمان مكاوي الجيش المغربي قاب قوسين أو أدنى من بسط نفوده على الحزام الممتد بين تندوف ومدينة السمارة ومنطقة تيفارتي.

وبحسب شهادة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي انتقل على عجل رفقة ملك السعودية الراحل فهد ابن عبد العزيز لمدينة فاس لملاقاة الملك الراحل الحسن الثاني، فإن القوات المغربية تمكنت من محاصرة فيلق بأكمله من الجنود الجزائرية وقامت تلك القوات بمحاصرة تندوف استعدادا للسيطرة عليها بالكامل، حيث سيستنجد الرئيس الجزائري الهواري بومدين بالرئيس المصير حسني مبارك قصد ثني الملك الحسن الثاني عن مواصلة هجومه.

وبالفعل، يضيف مبارك، استطاع أن يقنع الحسن الثاني بوقف زحفه على تندوف وتم السماح للفيلق الجزائري الذي كان محاصرا بالرجوع إلى قواعده سالما.

الاستعدادات داخل البوليساريو

في الوقت الذي كان فيه الحسن الثاني يعد العدة للسيطرة على تندوف كانت منطقة الرابوني التي يتواجد بها عدد من الأسرى المغاربة تعرف استعدادات من نوع آخر سيكشف عنها في ما بعد أسير مغربي يدعى إدريس الزايدي سيروي تفاصيل ما حدث في تلك الفترة في مذكرات أطلق عليها «الخروج من فم الثعبان». في شهر أبريل من عام 1983، ذات صباح، فوجئنا بحالة طوارئ غير مسبوقة في معسكرات الاعتقال.الجزائريون وعناصر البوليساريو في وضع الحيرة والتخبط. ارتبنا في الأمر، فكان ملاذنا هو الاستماع إلى النشرات الإخبارية بالإذاعة الوطنية، حيث علمنا أن الراحل الحسن الثاني استقبل العقيد معمر القذافي. فهمنا ساعتها سبب حالة الطوارئ التي عرفتها الناحية الخامسة في ذلك اليوم. كانت عينا الجزائر في تلك الأيام، من الناحية الاستراتيجية العسكرية، على الزاك، وقد خصصت فرقا عسكرية تظل مرابطة في روس المسامير القريبة من بوكربة القريب من الزاك...كنا نعرف أن هؤلاء الشياطين يراقبون تحركات قواتنا المسلحة، وكنا ندعو الله لإخواننا بالسلامة».

ويضيف الزايدي «أعادونا إلى المركز الخلفي للناحية الخامسة. بدأت المؤونة التي كنا نتوصل بها، على قلتها، تتضاءل بشكل ملحوظ، فلما سألناهم عن السبب كان جوابهم: «اذهبوا عند القذافي ليطعمكم»، ثم يشتمون أصل وفصل الرئيس الليبي. أدركنا أن العلاقة بين ليبيا والبوليساريو شهدت انقلابا... والحقيقة أن البوليساريو في ذلك التاريخ كان على أهبة الاستفادة من تدريب عناصره بليبيا على سلاح الجو لكن الصفقة لم تتم. .. وكانت ليبيا ستمدهم بالطائرات، وللإشارة فإن الجزائر شيدت المطارات العسكرية، واحد على بعد 56 كيلومترا شرق تندوف والثاني ناحية عوينة بلكرع وغار الجبيلات، وهو مطار يربطه طريق معبد بتندوف، وهناك تنزل الطائرات العسكرية الجزائرية من صنف الميغ 27 والميغ 29 والميغ 25 والميغ21 والميغ17 روسية الصنع.

أما الناقلات التي تتوفر عليها الجزائر فهي: تي 72 و62 و55 و54 وال PRP وكذلك منصات إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ السكود والمروحيات الروسية القادرة على إطلاق الصواريخ وهي شبيهة بالأباتشي، وقد رأيتها بأم عيني.كما أمدت الجزائر ربيبتها بمدافع من نوع 122 و128 و160، فضلا عن الأسلحة التي ذكرت، هناك دبابات جزائرية ذات جنازير وقادرة على حمل الصواريخ، أما السلاح القادم من ليبيا فيتمثل في الدبابات وال 23 ملم وال 14.5 ملم وال 75ملم وال 120 ملم وال 12.7 الذي يعد أضعف سلاح كانت ليبيا تمدهم به.

وأتذكر أنه عندما كانت تأتي قافلة الإمدادات الليبية على متن شاحنات عملاقة من نوع الماجوريس والMAN والفتح كان أمر تفريغ تلك المساعدات يتطلب من عشرات السجناء مجهود شهر بأكمله قبل الانتهاء منها. لم تشأ الجزائر أن تغامر بحياة طياريها وفضلت أن يكون طيارون من صفوف المرتزقة من يتولى تلك المهمة، لكن تحسن العلاقات المغربية الليبية جعل كل هذه المخططات تذهب أدراج الرياح. وبالمناسبة فإن طياري المغرب ذوو تكوين عال وشجاعة نادرة، وهم يستطيعون الهجوم بالليل والنهار، وقد رأيتهم كيف يهاجمون وكيف ينفذون العمليات في لمح البصر، وقد كان المرتزقة عندما يشتد عليهم القصف الجوي المغربي يجعلون منا دروعا بشرية، وقد استشهد منا العديد في تلك الهجومات».


الخبير العسكري : حرب الصحراء كلفت المغرب 120 مليار دولار وحوالي 30 ألف قتيل
عبد الرحمان مكاوي: الفقيه بين بين هو من أوحى للحسن الثاني بفكرة بناء الجدار الأمني

مازال تاريخ الحروب بين المغرب ومقاتلي البوليساريو حبيس الرواية الشفوية، بصفتك خبيرا في الشؤون العسكرية هل يمكن أن تجمع لنا ما تناثر هنا وهناك عن تاريخ تلك المعارك؟

عندما استلمت القوات المسلحة الملكية المغربية القيادة والسيطرة على الساقية الحمراء، دفع الرئيس هواري بومدين كتيبة من المخابرات الجزائرية إلى الإقليم لغرضين اثنين، لاستقطاب وإغراء العناصر الصحراوية التي كانت تعمل في صفوف الجيش الإسباني، وخاصة من قبائل الركيبات والبيهات وإغرائهم للانضمام إلى جبهة البوليساريو التي تقود مشروع الانفصال في الإقليم. الهدف الثاني تمثل في إخراج سكان الصحراء عن طريق التخويف والترغيب والترهيب وقتل واختطاف كل عائلة صحراوية كانت تعارض النزوح إلى مخيمات لحمادة بتندوف، إضافة إلى نشر إشاعات أن الجيش المغربي يدفن كل صحراوي أو صحراوية حيا في الكثبان الرملية أو يرمى به في المحيط.

ما هي أهم الحقائق المرتبطة بالمعركة الشهيرة بأمغالا؟

حتى نبرز حقائق هذه المعارك العسكرية التي شهدتها قرية امغالا في السبعينيات، والتي شابها الكثير من اللغط والتشويه، فإن امغالا هي عبارة عن قرية صغيرة تبعد عن مدينة العيون عاصمة إقليم الصحراء ب220 كلم وعن ولاية تندوف الجزائرية ب 60 كلم، فاسمها البربري يعني المحطة، حيث كانت تتوقف قوافل الرحل الصحراويين عندها، لوجود آبار للمياه العذبة، وكانت هذه النقطة الاستراتيجية نقطة اهتمام ومراقبة من طرف الجيش الإسباني.

فسياسة الرئيس هواري بومدين كانت تعتمد على مخطط جهنمي هو إخراج نسبة كبيرة من القبائل والتجمعات الصحراوية بالقوة، واستعمالها كورقة ضغط ضد المغرب، وهذا ما تأكد بعد ذلك. ولقد انكشف هذا المشروع الذي طبقه العقيد قصدي مرباح للجيش الملكي المغربي، الذي سارع إلى تحرير أكبر نسبة من الأراضي الصحراوية وحماية المواطنين العزل من غارات الجيش الجزائري، الذي كان مسلحا بدبابات صغيرة وقذائف RBGالمضادة للدبابات وسام 7 المحمولة على الأكتاف والمضادة للطائرات. ولقد تسللت إلى الإقليم الكتيبة رقم 97 والفرقة 112 من القوات الخاصة وفرقة من القبعات السوداء. فهذا التدخل المباشر الجزائري للإقليم كان مدعوما من طرف ميليشيا البوليساريو التي كانت تلعب دور الذراع البشري للقوات الجزائرية وتدلها على المسالك الوعرة والمخابئ.

ففي 26 فبراير 1976، نصب الجيش المغربي فخا لفرقة من القوات الخاصة الجزائرية، ولازالت محاضر الصليب الأحمر الدولي تؤكد ان هذه الفرقة هي فرقة النخبة التابعة للواء القبعات السوداء، وليست مكونة من شباب الخدمة الوطنية كما تروج له بعض الأقلام المأجورة وبعض الدكاكين الإعلامية المعروفة بولائها للمؤسسة العسكرية الجزائرية.

ما هي حصيلة هذه المعركة؟

حصيلة هذه المعركة الأولى هي أسر 112 ضابط وضابط صف وجندي، وهروب قائدها تائها في الصحراء والذي عثر عليه في ما بعد ميتا بسبب العطش. لقد قام الجيش المغربي بمعاملة إخوانهم في الدين والدم والتاريخ معاملة إنسانية لا زال يذكرها بعض الأسرى عند عودتهم الى الجزائر، والتي كانت سببا في إقصائهم وإبعادهم عن الجيش الجزائري بدون تقاعد أو تعويضات، ولازال نضالهم مستمرا إلى الآن.

أما امغالا 2، فلقد أقسم هواري بومدين أن ينتقم لهذه الهزيمة النكراء مستعملا الوسيط التونسي، وزير الداخلية السابق في عهد الرئيس بورقيبة، لينقل خطابا ملغوما وكاذبا من الرئيس بورقيبة الى الملك الحسن الثاني، الذي كان يتأهب لإعطاء أوامره إلى الجيش الملكي للوصول إلى الحدود الدولية مع الجزائر، فالطاهر بلخوجة وزير الداخلية الأسبق يتحمل المسؤولية التاريخية لما وقع في أمغالا 2 في 28 فبراير 1976. أما مضمون الخطاب الكاذب فهو أن الطاهر بلخوجة طلب من الملك الحسن الثاني وقف إطلاق النار بصفة كاملة، وأن هذا إلحاح من الرئيس بورقيبة، والواقع التاريخي هو أن الرئيس بورقيبة لم يأمر وزيره في الداخلية الطاهر بلخوجة بأي طلب ملح من هذا النوع، بل كان الخطاب من ابتكار ودهاء المعني بالأمر الذي التقى بالرئيس الجزائري قبل ذلك بيوم. فالملك الحسن الثاني حاول الاتصال بالرئيس بورقيبة ليتأكد من مضمون رسالة بلخوجة، فنتجت عن هذه الكذبة التي ندم عليها صاحبها كثيرا وأمام وسائل الإعلام الدولية تداعيات ونتائج خطيرة لا زالت قائمة إلى الآن، ومن بينها توقف العمليات العسكرية المغربية من جانب واحد، مما مكن القوات الخاصة الجزائرية من الهجوم في جنح الظلام وذبح وأسر العديد من أفراد الكتيبة المغربية الذين كانوا يعتقدون أن الجيش الجزائري ملتزم بوقف إطلاق النار. وللتذكير، فإن التاريخ يذكر موقف الرئيس بورقيبة من قضية موريتانيا، حيث تحالف مع فرنسا ضد وحدة المغرب وقام بمساندة الرئيس مختار ولد بادا، الرئيس الموريتاني الأسبق، للدخول إلى الأمم المتحدة كعضو في المنظمة الأممية سنة 1960 والجامعة العربية سنة 1974، فالحسن الثاني كان يعتقد أن تونس مع الولايات المتحدة وأن فرنسا وراء طلب وقف النار بين الجزائر والمغرب، فوقع في فخ الطاهر بلخوجة، وسمح لآلة الغدر الجزائرية بالغدر والانتقام. لكن الجيش المغربي تمكن رد كل الهجومات بعد ذلك من طرف الفيالق المزدوجة المكونة من الانفصاليين والقوات الخاصة الجزائرية، حيث تمكن من تمشيط الصحراء بكاملها، وكان يعلم أن مديرية الأمن العسكري في هجوماتها المتكررة كانت تخفي أسلحة متطورة لاستعمالها في الوقت المناسب ضد المغرب. الملك الحسن الثاني أخطأ في عدم استعماله لقنواته الاستخباراتية لمعرفة حقيقة مضمون كذبة بلخوجة التي كانت لغما دبلوماسيا.

كيف استطاع المغرب أن يحسم المعركة لصالحه في ما بعد؟

استطاع المغرب بعد هذه المرحلة أن يبسط سيطرته على جبال الوركزيز التي كانت البوليساريو تقيم عليها منصات صواريخ مضادة للطائرات، حيث استطاع مقاتلو الجبهة إسقاط طائرتين وأسر طياريهما من بينهم علي نجاب، وكانت منطقة وركزيز منطقة مكشوفة استطاع الطيران الحربي المغربي تنقيتها عبر تضحيات جسام، كما أنشأ وحدات تدخل سريع على طول الحدود المغربية الجزائرية الموريتانية كوحدة أحد والزلاقة وبدر، وكانت تلك الوحدات تجوب تلك المناطق ليل نهار وظلت في حالة استنفار دائم. وقد تمكنت وحدة الهندسة العسكرية المغربية من بناء الجدار الأمني الذي هو اختراع مغربي ومن صنع أياد مغربية عسكرية ويختلف تماما عن جدار برليف الإسرائيلي الذي شيدته إسرائيل على طول قناة السويس، والجدار المغربي يختلف أيضا عن باقي التجارب العسكرية.

كيف جاءت فكرة بناء هذا الجدار؟ وما حقيقة الإشاعات حول وقوف إسرائيل وراءه؟

بداية حكاية هذا الجدار كانت مع الفقيه بين بين مؤنس الملك الراحل الحسن الثاني، وكان على سبيل النكتة، ففي أحد مجالس السمر مع الحسن الثاني قال الفقيه بين بين» إذا أردنا أن نحمي نخلة من السيول علينا أن نحوطها»، ومن هنا أتت فكرة الحائط أو الجدار، وهو عبارة عن حاجز عسكري لا يمكن تجاوزه ويتوفر على تخصصات عسكرية متعددة في الدفاع والمراقبة وهو عبارة عن كثبان رملية بها رادارات متعددة ترصد كل شي متحرك في الأرض والسماء، وعلى طول هذه الكثبان هناك مضادات للطائرات وصواريخ مضادة للدروع.

الجدار به أيضا مخازن للجنود وللأسلحة المتنوعة أو ما يصطلح عليه بالترونشيات، كما توجد به مخازن للمياه والمؤونة، وبصيغة أدق فهو عبارة عن مجموعة قواعد عسكرية قائمة الذات تتوفر على جميع التخصصات.

وحياة الجنود داخل الجدار هي حياة عادية شأن الحياة في الثكنات الأخرى، وهناك حوالي 50 ألف جندي مرابضين بهذا الجدار يمثلون وحدات الهندسة ووحدة الصيانة والمؤونة والاتصالات السلكية واللاسلكية والعتاد.

ما هي آخر معركة خاضها المغرب ضد مقاتلي البوليساريو؟ وما هي مجمل الخسائر التي تكبدها الجيش المغربي؟

آخر معركة كانت هي وركزيز، وهي منطقة قرب مدينة السمارة عبارة عن سلسلة جبلية وعرة أقامت عليها البوليساريو منصات صواريخ وبعض الراجمات وخاصة صواريخ صام 3 و7 الروسية الصنع. كبدت سلاح الجو المغربي سقوط 5 طائرات نفاثة ومروحية و20 دبابة. أما في ما يتعلق بالخسائر البشرية فإن عدد القتلى الذين فقدهم المغرب في هذه الحرب بحسب أحد مراكز البحث العسكرية المتخصصة يتراوح ما بين 5 آلاف و30 ألف جندي مغربي طيلة أمد الحرب ما بين 1975 و1991 تاريخ وقف إطلاق النار. أما عدد الأسرى فإنه وصل إلى 2800 أسير من بينهم 50 ضابطا وضابط صف.

كم تقدر تكلفة الحرب بالنسبة للمغرب؟

نذكر هنا أن تنقل طائرة هيلوكبتر من اكادير إلى العيون كان يكلف عند كل إقلاع 10 آلاف درهم للمحروقات، أما الطارئات المقاتلة فإنها كانت تغيّر عجلاتها عند كل طلعة جوية. أما الدبابات فكانت تواجه مشكل الصدأ بسبب الظروف المناخية، لذلك كانت تكاليف صيانتها باهضة، وعلى العموم فإن تقديرات مكاتب الدراسات العسكرية المتخصصة تشير إلى أن المغرب يكون قد صرف ما يزيد عن 120 مليار دولار على هذه الحرب، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن الراجمات المتعددة الطلقات تساوي كل طلقة منها 200 ألف درهم، حيث كان على المغرب أن يواجه السلاح المتقدم الذي منحه بومدين لمقاتلي الجبهة. وعلى العموم يمكن القول إن هناك أرقاما متضاربة حول تكلفة الحرب التي تم بواسطتها استرجاع الأقاليم الصحراوية، إضافة إلى أن حالة لا حرب ول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.