محكمة سلا تقضي بالحبس موقوف التنفيذ في حق 13 ناشطًا من الجبهة المغربية لدعم فلسطين بسبب احتجاجات    تعيين أنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة في سوريا    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    تحذير من ثلوج جبلية بدءا من السبت    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الإثنين المقبلين    المديرية العامة للضرائب تعلن فتح شبابيكها السبت والأحد    "البام" يشيد بمقترحات مدونة الأسرة    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    "منتدى الزهراء" يطالب باعتماد منهجية تشاركية في إعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    سرقة مجوهرات تناهز قيمتها 300 ألف يورو من متجر كبير في باريس    نظام أساسي للشركة الجهوية بالشمال    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    هجوم على سفينة روسية قرب سواحل الجزائر    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية إمام مثلي كتب "القرآن والجسد" وتزوج من جنوب إفريقي اعتنق الإسلام
نشر في الأيام 24 يوم 23 - 10 - 2016

محمد زاهد يتحدث هنا حصريا ل "الأيام" عن حياة خاصة مثيرة، ويبسط أسباب وجوده في عالم المثلية الجنسية وكيف تم زواجه ثم طلاقه من رجل، ويقدم أهم خلاصات كتابه وأطروحة دكتوراه التي تتحدث عن موضوع جد حساس، وهو الإسلام والمثلية الجنسية، كتبه رجل كان يبحث علميا ولكن خصوصيته أنه كان يبحث عن أجوبة لحياته، وسؤالها الرئيس هو هل يمكن للمسلم أن يكون مثليا جنسيا أو هل يمكن للمثلي جنسيا أن يكون مسلما؟!

من يكون محمد زاهد لودڤيك؟

أنا جزائري رأيت النور سنة 1977، وقد عشت وكبرت في بيت درست فيه القرآن وقواعد الفقه، منذ أن كان عمري 12 سنة إلى أن أنهيت حفظ القرآن كله وعمري 17 سنة، وفي هذا المنزل المتواضع والبسيط، وفي هذه السن المبكرة، عشت مشاكل لم تكن تخطر على البال، حيث اكتشفتُ أن لي ميولات جنسية مختلفة.

كيف؟

اكتشفت وعمري 17 سنة أنني مثلي جنسيا.

وكيف تأكدت من ذلك؟

حدث ذلك رويدا رويدا، حيث بدأت أكتشف أن رغباتي الجنسية لا تميل إلى الجنس الآخر، وأن شيئا بداخلي يجذبني نحو الجنس الذي أنتمي إليه.

متى بدأت تحس بهذه الأحاسيس؟

لا أذكر بالضبط، لكن في فترة المراهقة على ما أعتقد، أي منذ أن كان عمري 13 أو 14 سنة، لكنني تأكدت من هذه الميولات الجنسية حينما كان عمري 17 سنة.

هل تطلب الأمر أن تجري عملية جراحية لتغيير أعضائك الجنسية؟

لا، المسألة لم تصل إلى هذا الأمر، لكنها لم تتم بسلاسة، كانت عذابا ومعاناة، كانت تتطلب الكثير من الاشتغال على الذات، فالمثليون الجنسيون وحدهم يعرفون درجة الجحيم الذي يعيشونه في مجتمع يرفضهم ولا يقبل أو يتقبل أن يتعايش معهم.

لقد حاولت في سن مبكرة أن أغير ميولاتي الجنسية، وكررت المحاولة أكثر من مرة، وحاولت ربط علاقات عاطفية مع فتيات، لكنني لم أقو على ذلك.

لقد كان الأمر أكبر مني، وهكذا لم يكن أمامي إلا الاقتناع بأنني مثلي جنسيا، هذا قدري الذي حملته معي من الجزائر إلى فرنسا منذ سنة 1995، وقد كانت حينها الجزائر تعيش على وقع الحرب الأهلية.

بعد أن زرت الجزائر في مناسبتين مختلفتين، أقمت بالديار الفرنسية بصفة نهائية، حيث اعترفت لعائلتي أن لي ميولات جنسية مثلية.

كان عمري حينها عشرين سنة، وكانت بداية مرحلة عصيبة، خاصة أن عائلتي تولي الدين وأصوله اهتماما كبيرا، وهي من بين العائلات المسلمة التي تعتبر العلاقات العاطفية والجنسية مع نفس الجنس حراما دينيا، فلم يكن هينا أن أقنعهم أن هذا قدري الذي يتعارض، حسبهم، مع أصول الدين وأحكامه.


لا بد أنها كانت مرحلة صعبة؟

أقرب إلى الجحيم.

لقد اضطررت للتخلي عن قناعاتي الدينية، والاهتمام بالدراسات العلمية والدينية التي تهتم بالعلاقة بين الدين والجنس وبالضبط المثلية الجنسية.

لم يكن هينا أن أغير قناعاتي الدينية وأسبح في ملكوت العلم والدين دون اكتراث للقواعد الجاهزة، حيث درست في البداية علم النفس وبعدها الأنتروبولوجيا، واكتشفت أن المثلية الجنسية ليست مرضا، وأن المثليين الجنسيين بشر في أول وآخر المطاف، وأنهم يستحقون أن يعيشوا كما الجميع، وأن يتمتعوا بجميع الحقوق، وأن مثليتهم الجنسية لا يجب أن تكون عائقا أمامهم.

كم كان عمرك حينها؟

كان عمري عشرين سنة حينما حدثت هذه المواجهة.

وكيف كان رد فعل العائلة؟

أخبرت أبي أولا، خاصة أنه تابع معي تطورات ميولاتي الجنسية، وتابع عن كثب محاولاتي المتكررة لتغيير هذه الميولات نحو الجنس الآخر، وحينما تأكد أن المسألة فوق طاقتي وقدراتي ومتمنياتي، اقتنع وأخبر بقية أفراد العائلة بتقبل الوضع.

لقد كنت في حوار دائم مع جوارحي، وقد حاولت دائما أن أتخلص من حالة الارتباك، وأن أنهي هذه الحرب الذاتية، لكنني لم أستطع أن أتخلص من هذا العذاب، فاقتنعت أن قدري أن أكون مثليا جنسيا.

والدي رجل عاقل، عرف كيف يدير هذا الطارئ، على عكس أخي الأكبر الذي لم يتقبل كوني مثليا جنسيا، لدرجة أنه اعتبر الأمر عيبا اجتماعيا ودينيا يجب إخفاؤه عن المجتمع، بل إنه فكر وحاول بعدها في الضغط على والدي كي أغير ميولاتي وكأن الأمر كان متاحا، لكن والدي فهم أنني لستُ مريضا، ولا أعاني من مرض اسمه "مثلية جنسية"، ولذلك أقنع البقية بتقبل الأمر ما دام ليس هناك علاج..

وكيف تعامل معك محيطك في فرنسا، وخاصة من الجالية المسلمة؟

أنا مثليا جنسيا ولست مخنثا، والفرق بينهما قائم، ولذلك تقبلت الجالية المسلمة بفرنسا هذا الأمر، خاصة أن من بينهم ذوي علم ومعرفة، ويميزون بين المثليين جنسيا والمتحولين جنسيا والمخنثون، لكن هذا لا يعني أن الجميع تقبل كوني مثليا جنسيا، لأنني عانيتُ مع صنف من الذين رفضوا مثلا أن أصلي إلى جانبهم في المسجد، وكانت مثل هذه المواقف وأخرى سببا في تأسيسنا جمعية للمثليين بفرنسا تدافع حتى الآن عن المثليين المسلمين والعرب بفرنسا، والذين يعانون من تمييز وعنصرية وعنف باعتبارهم أقلية مثل عدد من الأقليات اللغوية والإثنية.

حينما قررتُ مكاشفة عائلتي، قررت أيضا التخلي عن الإسلام السلفي الذي تعلمته في الجزائر، الدين الذي يعتمد بالأساس على حفظ القرآن والشريعة الإسلامية، حيث لم أكن أفرق بين الإسلام السلفي والإسلام العادي، ولذلك تركتُ الإسلام السلفي لمدة سبع سنوات لدراسة سيكولوجية الإنسان المقهور وعلم النفس، وكم كانت سعادتي كبيرة حينما اكتشفت الكثير من الأشياء التي لم أكن على علم بها، ومنها علاقة الدين بالمثلية، والتي ساعدتني على العودة إلى للصلاة وقراءة القرآن، ومكنتني من حجز مكان دائم وآمن في رحاب الإسلام دون أن تتعارض ميولاتي الجنسية مع الدين ومع الإسلام على وجه الخصوص، والعيش في طمأنينة إلى الآن، خاصة أن دراساتي للدين الإسلامي وعلاقته ورؤيته وموقفه من المثلية أكدت لي أن العلاقة بينهما علاقة طبيعية، أي علاقة تفاهم وتفهم وليست علاقة عنف واصطدام.


كم نسبة المثليين بفرنسا؟

تقدر نسبة المثليين في العالم بحوالي 10٪، وإذا كانت هذه النسبة تمثل أقلية، فإنها نسبة مهمة لا يمكن تجاوزها، وهذا ما أكدته الدراسات التي أنجزت في هذا المجال.

كيف عشت ال 7 سنوات التي ابتعدت فيها عن الدين وعن الشعائر الدينية؟

كنت في حالة جدل وصراع دائم، ولم أكن أعيش في طمأنينة.

إذن، كيف يعيش المثليون جنسيا المسلمون بفرنسا؟

يعيشون نفس الاضطهاد النفسي والمعنوي الذي تعيشه الأقليات.

هل كنت تؤم المصلين في مسجد بفرنسا؟

نعم، كنت إماما بمسجد بأحد أحياء فرنسا.

وكيف تقبل الناس هذا الأمر؟

طبعا، لم يتقبلوا في البداية، وتطلب ذلك بعض الوقت لإقناع بعض المعترضين والممتعضين من خلال الاجتهادات والتطورات التي عاشتها بعض الدول الإسلامية، ومنها إيران التي تسمح مثلا بإجراء عمليات التحول الجنسي، باعتبارها حلالا دينيا، ثم أمريكا التي سمحت فيها الجالية الإسلامية بإمامة المرأة للمصلين في مسجد يدخله الرجال والنساء، أي في مسجد مختلط، بغض النظر عن ميولات المصلين الجنسية أو عرقهم أو جنسيتهم، مادام الجيمع يلتقي حول واجب ديني مشترك، وهو أداء الصلاة.

إيران الشيعية وأمريكا العلمانية تفسحان المجال للمثليين جنسيا للاستفادة من حقوقهم الدينية كأقليات، ولذلك بدأ الكثيرون في فرنسا يتفهمون أن الدين الإسلامي لا يتعارض مع حقوق المثليين جنسيا، وأن هؤلاء ولدوا هكذا ولم يختاروا بمحض إرادتهم أن يكونوا مثليين جنسيا، وقد ساعدني على أن أصبح إماما بعض التقدميين الذين أصروا على أن أصلي بالناس.

لم تتم العملية بهذه السلاسة، وهناك من طرح الكثير من الأسئلة، ومنها: هل يمكن أن يصلوا وراء مثلي جنسيا؟ هل صلاتهم حلال أم حرام؟ وهل يمكن لمثلي جنسيا أن يصلي بهم؟ ولماذا؟ لقد تطلب تقبلهم لهذا الأمر بعض الوقت، إلى أن تغلبنا على الآراء التي تمثل صراحة نشازا، بالنظر للاجتهادات الدينية والدراسات العلمية التي أجريت في هذا المجال، خاصة وقد استفدت من الدراسات التي أجريتها بنفسي، والتي كانت عوني لإصدار كتاب عن القرآن والجنس سنة 2012، وكانت سندي أيضا للحصول على الدكتوراه في الإسلام والمثلية قبل بضعة أسابيع.

وما حكاية زواجك من شخص مثلي؟

كان ذلك سنة 2001، حيث تزوجت من مثلي جنسيا يتحدر من جنوب إفريقيا، حين التقيته هناك، وقررنا الزواج، ثم سافرنا بعدها إلى فرنسا، وأقمنا فيها بعض الوقت، ثم عدنا إلى جنوب إفريقيا، حيث وضعنا حدا لزواجنا، خاصة بعد المشاكل الكبيرة التي كان قد ظهرت لديه، وتتعلق بنظرته الجديدة وموقفه الطارئ من الإسلام.

كيف؟

لقد اعتبر أن الإسلام ليس دين تسامح وعدل.

لماذا؟

لم يميز بين الدين الإسلامي كما هو نصوص وأحكام وقواعد لا تتغير بتغير الناس والطقوس والأماكن والأزمنة، وبين ممارسة هذا الدين من طرف الناس في الأماكن والأزمنة، ولذلك حينما طفت على السطح الممارسات التي تابعناها في السنوات الأخيرة، مع الدولة الإسلامية مثلا، والأحداث التي تفجرت في الآونة الأخيرة، قرر الارتداد.

في المقابل، لم يكن باستطاعتي أن أغير قناعتي بأن الإسلام الذي اعتنقتُ ودرستُ وتربيتُ عليه هو دين العدل والتسامح.

قلت له بالحرف: لا يمكن أن أتخلى عن ديني، بل إنني لا أتصور حياتي بدون هذا الدين، بل لا حياة لي بدون الإسلام الذي سكن روحي وجوارحي، فلم يكن أمامنا إلا الانفصال.

صحيح، هناك مشاكل تتم باسم الإسلام، أو تُلبس باسم الدين، و يتسبب فيها بعض المتأسلمين، لكنها لا يمكنها أن تكون سببا في إمكانية حدوث مراجعة دينية.

إنه لم يستطع أن يستوعب الفرق بين الفكر والدين، وممارسة هذا الفكر وهذا الدين، ولم يستوعب أيضا أن المثليين جنسيا يوجدون في كل الديانات والأقليات الثقافية، وأن الذي يوحدهم هو تعرضهم للعنف والحصار وحتى القتل.


ما هي العلاقة بين الدين والمثلية كما جاء ذلك في كتابك "القرآن والجنس" الذي صدر في سنة 2012؟

هذا سؤال مهم، بداية لم أجد آية في القرآن الكريم تتحدث عن المثلية الجنسية أو المثليين جنسيا، وكل ما هنالك قصة قوم لوط الذين كانوا يعبدون الأصنام وكانوا يمارسون الجنس على بعضهم من نفس الجنس بعنف وقوة لدرجة الاغتصاب، لكن الدين الإسلامي لم يأخذ عنهم في التعامل مع المثليين، علماً أن قوم لوط لا علاقة لهم بالمثلية الجنسية كما هو متعارف عليها اليوم، وإذا كانت في القرآن الكريم أكثر من سبعين آية تتحدث عن قوم لوط، فإنه في آية قرآنية يقول الله عز وجل: "ما سبق بها أحد من العالمين"، وهذا دليل على أن لقوم لوط ممارسات جنسية رفضها الإسلام، كما أنهم لا يمثلون المثلية الجنسية التي لم تكن في تلك الفترة، علماً أنها كانت قبل قوم لوط، وطبعاً بعده.

هل هناك في الدين أحكام في التعامل مع المثليين؟ وهل هناك حكم في موقف الدين منهم؟

لم تكن المثلية الجنسية كما هي اليوم في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان هناك المخنثون، وكان النبي الكريم (ص) يدافع عنهم، لأنه ثبت أن المخنثون كانوا يعيشون مع نساء الرسول (ص)، لدرجة لم تكن نساء النبي (ص) يرتدين الحجاب بحضور المخنثين لأن هؤلاء ليست لديهم شهوة جنسية تجاه النساء.

يمكن القول إن المخنثين أقرب إلى المثليين جنسيا من قوم لوط، وهم الذين اكتسبوا في ما بعد، أي بعد قرون من التراكمات، صفة المثليين عندنا في العصر الحالي، لكن الأهم هنا هو أن الدين والرسول (ص) كان يدافع عن المخنثين ولم تكن علاقته بهم علاقة صدام.

تقصد أن الرسول (ص) لم يكن لديه مشكل مع المخنثين الذين يمكن اعتبارهم مثليي هذا العصر؟

نعم، وقد دافع عنهم وحماهم من بعض الصحابة الذين نادوا بقتلهم، لكن النبي (ص) هو الذي حماهم كما ثبت في صحيحي مسلم والبخاري، وقد فعل ذلك مادام أن المخنثين يؤمنون بالله عز وجل ويؤدون الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام ما معناه أنه حرِّم عليه قتل من يصلِّي، فالصلاة كانت رمزا لوحدة الأمة الإسلامية، ومعياراً للعدل والمساواة بين المسلمين.

هل كانت هناك حكايات أخرى في علاقة الدين بالمثلية؟

هناك حديث ينادي بقتل الفاعل والمفعول به، لكنه حديث ضعيف، وقد تم اختراعه للنيل من نبل رسالة الإسلام في هذا الشأن، والإسلام بريء من أن يدعو للقتل حتى في حالة الزنا.

لم يكن للإسلام مشكل مع المخنثين لأنهم ولدوا كذلك، كما أن المثليين المسيحيين قبل الإسلام كانوا يعيشون في سوريا والعراق، ولم تكن لهم مشاكل مع المثليين، كما هو شأن المثليين اليهود الذين كانوا يهاجرون من أوربا إلى الإمبراطورية العثمانية هربا من الاضطهاد الذي كان يمارس عليهم، وبالتالي يمكن التأكيد على أن دار الإسلام كانت فضاء للأمن بالنسبة للأقليات، من المخنثين وغيرهم، لكنها اليوم أصبحت في بعض البلدان العربية جهنم للأقليات بمن فيهم المثليين جنسيا، وهذا دليل على أن الاضطهاد الذي مورس ويمارس على الأقليات لا علاقة له بالدين، بقدر ما له علاقة بالثقافة الدينية والإسلامية.


ما حكاية الدكتوراه التي حصلت عليها في الأسابيع القليلة الماضية حول علاقة الإسلام بالمثلية؟ وهل هناك علاقة بين الدين الإسلامي والمثلية؟

في كتابي "القرآن والجنس" رويت قصتي منذ أن اكتشفت ميولاتي الجنسية المغايرة، أي منذ أن كنت سلفيا إلى الآن مرورا بسفري إلى الجزائر ودراستي لعلوم النفس والأنتربولوجيا… لكن في الدكتوراه تعمقت في دراسة الدين والمثلية والعلاقة بينهما، وأضفت إليها حكايات مسلمين مثليين جنسيا في العالم العربي والإسلامي، وقمت بتحليلها واستخلاص العبر منها…

مثل ماذا؟

رويت قصة المثليين جنسيا بالمغرب، والذين أسسوا جمعية أصوات للدفاع عن آرائهم، ورويت كيف اكتشفوا ميولاتهم الجنسية المغايرة، وكيف توافقوا معها، وحافظوا في نفس الوقت على ممارسة شعائرهم الدينية من قبيل الصلاة في المساجد مثلا، وكيف تعاملوا مع نظرة الناس إليهم كمجموعات تبدو مختلفة…

رويت أيضا قصة "راندا" التي أسست جمعية "أبو نواس" في الجزائر، وهي قصة فريدة تعرضت خلالها "راندا" لمشاكل ومضايقات بسبب ميولاتها الجنسية، والتي جعلتها تغادر إلى لبنان، حيث تعرضت لنفس المشاكل والمضايقات، قبل أن تقرر الاستقرار اليوم في استوكهولم بالسويد.

وبعد ذلك، أخضعت هذه الحكايات الحقيقية والواقعية لمجهر التحليل والبحث، وتعمقت في الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي دفعت هؤلاء المثليين إلى تأسيس جمعيات تدافع عن حقوقهم وخصوصيتهم اليوم بالأخص، وليس بالأمس، وحتى الأمس القريب…

وإلى ماذا توصلت؟

المثلية الجنسية موجودة في الثقافة الإسلامية العربية منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل وموجودة حتى قبل ذلك، وأن المثليين كانوا محميين من طرف الرسول (ص)، وقد أعطت نساؤه كما أشرت إلى لذلك نموذجا رائعا في التعامل مع المثليين جنسيا، لكنهم لم يعودوا يعيشون في أمن اليوم.

ألم تجد في دراساتك أسلوبا سلبيا في التعامل مع المثليين؟

هذا سؤال مهم، لقد تغيرت علاقة المسلمين بالمثليين مباشرة بعد وفاة الرسول (ص)، بحيث تمت العودة لنفس المنطق الصدامي الذي كان يتم التعامل به مع المثليين، وهذا ما دفع الصحابة على التوالي من أبي بكر وعمر وعلي وعثمان رضي الله عنهم للاتفاق على حماية المثليين تماشيا مع سنة النبي عليه الصلاة والسلام، خاصة أن بعض القبائل العربية ارتدت عن سنة النبي بعد وفاته، وقالت إن الإسلام مات بعدما مات محمد (ص)، لكن الصحابة وقفوا أمام هذه الدعوات والممارسات التي كانت تتم في عهد قوم لوط، حيث كان الرجال يغتصبون الرجال.

ولم يتغير موقف الدين في عهد الخلفاء من المثلية؟

لا، علما أنه كانت هناك دعوات خطيرة لممارسات قوم لوط، بالنظر للتيار الجارف الذي نادى بذلك بدعوى أن أحكام الإسلام وقواعده ماتت مع محمد (ص)، وقد حدثت وقائع خطيرة في عهد الخلفاء، مما دفعهم للاتفاق المبدئي على تحريم هذه الممارسات عملا بالسنة النبوية الشريفة.

هل كان المخنثون يمارسون حريتهم الجنسية في عهد الرسول (ص)؟

ليست هناك دلائل قطعية في هذا الشأن، وكل ما هناك أنهم كانوا يخدمون نساء الرسول (ص)، لأنهم لا يملكون شهوات جنسية تجاه النساء، وأن هناك من طالب بقتلهم، وأنهم كانوا يلبسون مثل النساء ويضعون الحناء على بعض أطراف أجسادهم، لكنه لا يمكن القول والحسم بأنهم لم تكن لهم ممارسات جنسية.

صحيح، ليست هناك نصوص تدل على ذلك، لكن القول بأنهم لم يمارسوا الجنس في ما بينهم ادعاء خاطئ واقعيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.