صدقت تكهنات استطلاعات الرأي وحصل دانييل سيولي، مرشح الحزب الحاكم في الأرجنتين " الجبهة من أجل النصر" على المرتبة الأولى في الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الأحد لاختيار رئيس للبلاد لكن دون تمكنه من الحصول على ما يكفي من الأصوات لحسم النتيجة لصالحه اعتبارا من الدور الأول ليظل اسم رئيس الأرجنتين المقبل ضميرا مستترا إلى غاية 22 من نونبر المقبل، موعد تنظيم الجولة الثانية من الرئاسيات. في ليلة ميزتها الأساسية الانتظار لساعات طوال دون أن تعلن السلطات الانتخابية عن النتائج الأولية الرسمية، تناسلت التعليقات عبر المواقع الاجتماعية خاصة "فاسيبوك" و"تويتر" من قبل مستخدمي هذه الوسائط الذين انتقدوا بشدة التأخر في الإعلان عن النتائج، معربين عن امتعاضهم من ذلك لاسيما وأن العديد من القنوات التلفزيونية المحلية كانت قد سارعت إلى الإعلان عن فوز سيولي دقائق بعد إغلاق مكاتب الاقتراع. وجاءت النتائج على غير ما كانت تتوقعه استطلاعات الرأي خاصة على مستوى الفارق بين أبرز المرشحين سيولي وماكري إذ حصل الأول بعد فرز أزيد من 89 بالمائة من الأصوات على 08ر36 بالمائة منها، بينما حصل الثاني على نسبة 35 بالمائة وهي نتيجة لم يتوقعها المحللون ولا مراكز استطلاعات الرأي التي كانت تظن مخطئة أن الفارق بين المتنافسين البارزين على كرسي الرئاسة سيتراوح ما بين 8 و 12 بالمائة. وينص القانون الانتخابي الأرجنتيني ، بحسب دستور 1994، على أن يحسم الفوز من الجولة الأولى المرشح الذي يحصل على 45 بالمائة من الأصوات، أو يحصل على 40 بالمائة لكن بفارق يفوق 10 بالمائة من الأصوات عن أقرب منافس له. أما ثالث أبرز المرشحين في هذه الاستحقاقات ،التي تزامنت مع تجديد نصف أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى اختيار 11 حاكم إقليم، وانتخاب ممثلين، لأول مرة، في برلمان مجموعة السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور)، فهو سيرخيو ماسا عن تحالف المعارضة "متحدون من أجل بديل جديد" والذي ظل وفيا للمرتبة التي حصل عليها في الانتخابات التمهيدية الأخيرة ووفيا أيضا لما بوأته إياه استطلاعات الرأي وحل ثالثا بنحو 21 بالمائة، وهي نتيجة سيكون لها ما بعدها خاصة في الجولة الثانية من الانتخابات. ويرى المراقبون أن النتيجة التي حصل عليها ماكري ،الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز على سيولي، ستخلق رجة في الأوساط السياسية في البلاد وهو ما أكد عليه ماكري نفسه أمام أنصاره عندما قال "إن ما حدث اليوم سيغير السياسة في البلاد"، موضحا أن "ثورة السعادة بدأت اليوم في الأرجنتين" فقد أصبح في نظره، ممكنا تحقيق الأحلام و"قبلنا جميعنا التحدي المتمثل في بناء الأرجنتين التي نحلم بها والأرجنتين التي نستحقها. وما علينا سوى التطلع إلى المستقبل". ووعد ماكري بأن الأرجنتين ستكون، اعتبارا من يوم العاشر من دجنبر المقبل ، موعد تسلم الرئيس الجديد لمقاليد الحكم في هذا البلد الجنوب أمريكي، أفضل حالا يوما بعد يوم، داعيا أنصاره إلى الخروج إلى الشوارع مرفوعي الرأس "لأننا تعلمنا كيف نستفيد من أخطائنا وتعلمنا كيف نرهف السمع لمن يفكر بطريقة مختلفة عن تفكيرنا". وقال إنه سيعمل ليل نهار لكسب ثقة الأرجنتينيين ويبرهن لهم أنهم قاموا بالاختيار الصحيح، داعيا زعماء الأحزاب السياسية الأخرى إلى الانضمام إلى مشروعه من أجل تحقيق الفوز في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية. ومن جهته دعا سيولي ،الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية من 2003 إلى 2007 ، خلال ولاية الرئيس الراحل نيستور كيرشنير، المترددين والمستقلين إلى العمل يدا في يد من أجل تحقيق النصر النهائي في نونبر المقبل. وقال سيولي أمام حشد من أنصاره "سأعمل على تعزيز هذه المرحلة كما فعلت دائما بكثير من الإيمان والأمل وسأواصل العمل والبحث عن نقاط الالتقاء من أجل تحقيق النصر لجميع الأرجنتينيين"، معتبرا أن التغيير يتعين أن يكون من خلال "الخطوة إلى الأمام وليس بالرجوع القهقرى" في إشارة إلى منافسه ماكري الذي جعل من التغيير شعارا لحملته الانتخابية. هي سابقة من نوعها في تاريخ الرئاسيات بالأرجنتين ليظل الصراع مفتوحا على كل الاحتمالات، وأولها أن يعيد الحزب الحاكم ترتيب أوراقه ويبدأ حملة جديدة تمكنه من العودة إلى الأضواء أو أن يتمكن تحالف المعارضة في تكريس المفاجأة من خلال طلب ود المعارض سيرخيو ماسا صاحب المرتبة الثالثة الذي من شأنه صنع الفارق إذا قبل بمنطق التحالفات.