أظهر تقرير أصدره بنك المغرب، تحسناً في أداء الاقتصاد المغربي في الربع الثالث من السنة الجارية، متجهاً نحو تحقيق نمو يُقدّر بنحو 4.6 في المئة في نهاية السنة، ومستفيداً من موسم زراعي جيد ومن انخفاض في كلفة واردات القمح والطاقة بنسبة 30 في المئة وزيادة الصادرات 19 في المئة، وتراجع معدل البطالة 0.6 في المئة، بعد تسجيل نمو ضعيف لم يتجاوز 2.4 العام الماضي. وأفاد التقرير الفصلي لبنك المغرب بأن آفاق النمو لعام 2016 تبدو متواضعة بالنظر إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وضعف النمو في منطقة اليورو، والذي يُتوقع أن يصل إلى 1.7 في المئة العام المقبل، في حين يُنتظر أن يرتفع النمو الأميركي 2.3 في المئة، وأن يزيد متوسط سعر برميل النفط من 57 دولاراً إلى 61 في 2016.
ونظراً إلى ارتباط الاقتصاد المغربي بالوضع داخل الاتحاد الأوروبي وأسعار النفط الدولية وحجم الإنتاج الزراعي المحلي، فإن أداء الاقتصاد سيستقر عند معدل نمو يُقدر بنحو 2.4 في المئة العام المقبل، وهي النسبة ذاتها التي كان سجلها في 2012 قبل أن يرتفع إلى نحو 4.8 في المئة عام 2013.
واعتبر بنك المغرب أن معدلات النمو غير المستقرة من سنة إلى أخرى تؤثر سلباً في وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتكون غير كافية لاستيعاب الأفواج الجديدة من طالبي العمل من الشباب المتعلم. وتُقدر البطالة في المغرب بنحو 10 في المئة وفقاً ل «المندوبية السامية في التخطيط» لكنها تصل إلى 15 في المئة في المدن و20 في المئة لدى خريجي الجامعات، ما يجعل منافع النمو الاقتصادي غير متكافئة.
ويعتقد محللون أن النمو الاقتصادي في المغرب لا يتبعه بالضرورة تحسن في معيشة بعض السكان خصوصاً العاطلين من العمل وسكان الأرياف، ويعتقد بنك المغرب أن تراجع الأسعار الدولية وتحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية استفاد منها الميزان التجاري الذي تراجع عجزه إلى 2.8 في المئة من الناتج الإجمالي، أي نصف قيمته قبل سنة عندما كان يقارب 6 في المئة في فترة ارتفاع الأسعار. وكان العجز في الميزان التجاري بلغ 9.5 في المئة عام 2011 في فترة طفرة الأسعار الدولية. كما تحسن الاحتياط النقدي من العملات الصعبة وبات يغطي ستة أشهر ونصف شهر من واردات السلع والخدمات، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية 23 في المئة إلى 24.2 بليون درهم (نحو 2.3 بليون دولار)، كما تراجع عجز الموازنة 5 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة.
ويعكس تحسن المؤشرات المالية تحسناً في الحسابات الماكرو اقتصادية ويُتوقع أن يتراجع عجز الموازنة إلى 3.7 في المئة العام المقبل، أي النسبة ذاتها التي كان عليها عشية بدء الحراك الاجتماعي في «الربيع العربي» عام 2011.
ولفت المصرف إلى أن إيرادات ضرائب الشركات تراجعت 4.4 في المئة هذه السنة، ما يعكس أوضاعاً غير مساعدة في قطاعات منها البناء والأشغال والعقار وصناعة الملابس وغيرها. وأضاف أن ضعف أداء القطاع الخاص انعكس سلباً على نشاط بورصة الدارالبيضاء وعلى سوق العمل التي لم توفر سوى 38 ألف وظيفة جديدة.
وكان قطاع العقار تراجع 0.4 في المئة في الربع الثاني، وانخفضت قيمة الأصول العقارية 0.9 في المئة، وتراجعت معدلات البيع والشراء 9 في المئة ولم تتجاوز قيمتها 1.8 بليون درهم شهرياً بعدما كانت تُقدر بنحو 2.6 بليون درهم شهرياً العام الماضي. وانعكس ضعف قطاع العقار على القروض المصرفية التي نمت 3 في المئة فقط. واعتبر «المركزي» أن ضعف أداء القطاعات غير الزراعية يدفع نمو الاقتصاد الوطني إلى الانخفاض إلى ما دون 3 في المئة العام المقبل، وهي نسبة غير كافية لمعالجة الصعوبات الاجتماعية وعلى رأسها مشاكل البطالة، على رغم تجاوز الاقتصاد المغربي مرحلة الصعوبات المالية التي كانت وراء استنجاده بنصائح صندوق النقد الدولي.