بعدما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا الفايسبوك، بسؤال أول: هل سيمنح المرتضى إعمراشا سراحا مؤقتا لتشييع والده إلى مثواه الأخير؟ وسؤال ثان استباقي: كيف يمنح خالد عليوة رخصة لمغادرة السجن لحضور جنازة والدته ويبقى خارج السجن متمردا على استدعاءات القضاة، ولا يستفيد منها ناشط مسالم ومتدين معتدل مثل المرتضى إعمراشا؟ قبل أيام وصلتني معلومة بأن الإدارة العامة للأمن الوطني تحرص على انتقاء العناصر الأمنية التي تبعثها إلى الريف، وأنها تبحث في الوضعية النفسية والاجتماعية ل"مبعوثيها" لمواجهة الحراك بدقة متناهية. المصدر الذي مدني بهذه المعلومة أضاف إن "الدولة حريصة على عدم سقوط أي قتيل في صفوف المتظاهرين، لأن من شأن ذلك أن يدفع الحراك إلى مستويات من الانفلات لا يمكن توقعها، محليا ووطنيا، بالإضافة إلى مستويات من الضغط الدولي". عندما بلغني أمس الخميس، في ساعة متأخرة، خبر وفاة والد المرتضى، فكرت في هذا المعلومة وصاحبها، وقلت إن أقل ما يمكن للدولة أن تقوم به لتدارك ما يمكن تداركه هو منح المرتضى رخصة استثنائية لحضور جنازة والده، على أن تتبعها بقرار عدم متابعته بالتهم التي وجهت له، خصوصا وأنه كان من السباقين لإدانة مقتل السفير الروسي في تركيا، وسِجله يشهد على أنه أكبر ملتحٍ في مملكة محمد السادس ضد العنف، بل وعلماني يناصر الحريات الفردية بما في ذلك حرية المثليين جنسيا. الآن، بعد قرار قاضي التحقيق إطلاق سراح المرتضى إعمراشا ومتابعته في حالة سراح، وهو قرار لا يبدو أنه قضائي مائة بالمائة، بل تشتم من طريقة التعجيل به، رائحة السياسة، نتساءل: هل يمكن أن نتوقع الشيئ نفسه بالنسبة لباقي المعتقلين، كمدخل لتبرئتهم من التهم الموجهة إليهم والتي تصل عقوبة بعضها حدّ "المؤبد" كما أخبرني عدد من المحامين؟ إن الإقدام على مثل هذه الخطوة، من شأنه أن يحفظ ماء وجه السلطة، ويحد من فورة الاحتجاجات المحلية والوطنية، وينصف نشطاء الحراك الذين وجدوا أنفسهم في قلب تهم لا علاقة لهم بها. طبعا، على أن يستتبع هذا القرار فتح حوار حقيقي بين نشطاء الحراك الميدانيين (وليس الجمعيات التي لا تمثل إلا مكاتبها وبالكاد) وبين من يملك السلطة والقرار في الدولة، مع استيعاب الدرس والعودة إلى احترام دستور 2011 في أفق إقرار الملكية البرلمانية التي تعتبر المدخل الوحيد لربط المسؤولية بالمحاسبة. والبدإ في تطبيق جهوية موسعة بأحزاب حقيقية، بعد أن ترفع الدولة يدها عن الأحزاب الحقيقية وتضعها على الأحزاب الإدارية بغرض واحد ووحيد: تفكيكها.