أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى الشامي، اليوم الاثنين بمجلس المستشارين، أن تعميم الحماية الاجتماعية يمثل تحولا هيكليا في السياسات العمومية الاجتماعية، ودعامة أساسية لمشروع الدولة الاجتماعية، باعتبارها إحدى أهم آليات الاستقرار التلقائي أمام الأزمات وتقلبات الظرفية. وأوضح الشامي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، أن المغرب، وفقا للرؤية والتوجيهات الملكية، أحرز تقدما ملموسا على مستوى برامج التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر، منذ اعتماد القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية. ومن بين المؤشرات البارزة لهذا التقدم، يضيف الشامي، ارتفاع نسبة السكان المسجلين في منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إلى 87 في المائة، مقارنة بأقل من 60 في المائة سنة 2020، واستفادة 11.1 مليون مواطن من نظام "أمو- تضامن" الموجه للفئات الاجتماعية المعوزة، بتمويل سنوي يناهز 10 ملايير درهم سنويا، إلى جانب استفادة أكثر من 3.9 مليون أسرة من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، بغلاف مالي يتجاوز 24 مليار درهم. وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن "سنة 2025 ستكون محطة حاسمة في هذا الورش الإصلاحي، كونها السنة الخامسة والأخيرة لتنزيل مقتضيات القانون الإطار، ما يستوجب تكثيف الجهود لتوطيد المكتسبات وتسريع وتيرة الإنجاز". ودعا، في هذا السياق، إلى مواصلة الإصلاحات المتعلقة بتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل أكثر من 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة غير المستفيدين من أي معاش، إلى جانب تعميم التعويض عن فقدان الشغل لتحقيق حماية اجتماعية أكثر إنصافا. وفي ما يتعلق بالتحديات، التي يتعين معالجتها لضمان نجاح هذا الورش، أشار السيد الشامي إلى "بقاء أكثر من 8 ملايين مواطن خارج دائرة الاستفادة من التأمين الصحي الإجباري الأساسي، سواء لعدم تسجيلهم أو لوجودهم في وضعية الحقوق المغلقة، وارتفاع نسبة المصاريف الصحية التي يتحملها المؤمنون مباشرة، والتي قد تصل إلى 50 في المائة من إجمالي المصاريف الصحية، مقارنة بسقف 25 في المائة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية وكذا البنك الدولي". وفي معرض حديثه عن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، سجل السيد الشامي أن نجاحه يظل مشروطا بتحقيق استهداف دقيق للمستفيدين، وضمان صحة المعطيات المدلى بها. وبخصوص نظام التقاعد، أكد أن "الأنظمة الحالية تواجه تحديات متزايدة مرتبطة بالتوازنات المالية والاستدامة، إضافة إلى ضرورة ضمان الإنصاف بين مختلف الفئات"، مشددا على أن التحولات الديموغرافية، مثل تراجع معدل الولادة إلى 1.97 طفل لكل امرأة وارتفاع متوسط العمر، تزيد من الضغط على هذه الأنظمة، ما يستوجب إصلاحات تأخذ بعين الاعتبار هذه التحولات لضمان توازنها المالي واستدامتها على المدى البعيد". وخلص الشامي إلى أن "إصلاح الحماية الاجتماعية ليس مجرد مشروع قصير الأمد، بل يتطلب دراسات استشرافية وتوقعات اكتوارية لضمان نجاعته واستدامته"، معربا عن الأمل في أن تشكل مخرجات هذا المنتدى فرصة لتعزيز فعالية ورش الحماية الاجتماعية، وتطوير آليات تنفيذه، وضمان استدامته، بما يخدم تحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه الاقتصادي لجميع المواطنات والمواطنين. وتناقش دورة هذه السنة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، الذي دأب مجلس المستشارين على تنظيمه بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، موضوع "تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب رؤية تنموية بمعايير دولية". وتتوزع أشغال الدورة على جلستين، تتناول الأولى "الإطار العام لمنظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب وتحديات ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية ذات الصلة"، فيما تهم الثانية "الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتعميم للحماية الاجتماعية، وتحديات نجاعة واستدامة المنظومة في ضوء الممارسات المقارنة".