أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستينا جورجييفا، اليوم الجمعة بمراكش، أن حالة "اللا يقين الشديد" التي يشهدها العالم حاليا تستدعي كتابة سيناريو أفضل للخمسين سنة المقبلة. وأوضحت جورجييفا، في كلمة بمناسبة افتتاح الجلسة العامة للاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن الأمر يتعلق، أساسا، بتعزيز الاستثمار في الأسس الاقتصادية القوية وفي التعاون الدولي، مبرزة أن هذه الأفكار تتجسد في مبادئ مراكش التي أعلن عنها، خلال الأسبوع الجاري، البنك الدولي والحكومة المغربية. واعتبرت أن هذا التوجه يمر عبر وضع سياسات وإصلاحات ملائمة، وتعزيز العمل المشترك وإشراك القطاع الخاص، وذلك بهدف مكافحة التضخم والحد من الفقر وعدم المساواة. وتابعت بالقول "من الواضح أننا في فترة ستتسم بارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، لكن تشديد الأوضاع المالية قد يلحق الضرر بالأسواق والمؤسسات البنكية وغير البنكية". وبعدما شددت على ضرورة التحلي بالحذر أكثر من أي وقت مضى في تدبير السياسة المالية، لأن الدين والعجز أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، دعت السيدة جورجييفا إلى اعتماد إصلاحات تحويلية لتحفيز النمو على المدى المتوسط، مشيرة إلى أن تنفيذ مثل هذه الإصلاحات الملائمة من شأنه زيادة مستويات الإنتاج بنسبة 8 في المائة خلال أربع سنوات. ولتمويل هذه الإصلاحات، طالبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بالموازاة مع التمويل الخارجي، بإصلاحات ضريبية يمكن أن تدر مداخيل إضافية تصل إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الناشئة و9 في المائة للبلدان منخفضة الدخل. من جهة أخرى، أشادت جورجييفا بالملك محمد السادس، وبالحكومة والشعب المغربيين، قائلة "لقد أظهرتم للعالم معنى الشجاعة والصمود، فضلا عن عظمة ثقافتكم وكرم ضيافتكم ورحابة صدركم". من جهته، قال رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، إن العالم يواجه "تراجعا في منحى التقدم" في مجال مكافحة الفقر، وأزمة مناخية وجودية، وانعدام الأمن الغذائي، والهشاشة، إضافة إلى العديد من النزاعات التي تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة. وفي هذا السياق، يتراجع النمو الاقتصادي في معظم البلدان النامية، من 6 إلى 5 في المائة في عقدين من الزمن. ومن المتوقع أن لا يتجاوز النمو 4 في المائة على مدى السنوات السبع المقبلة. وحذر بانغا من أن ذلك يعني أن فقدان نسبة 1 في المائة تضع 100 مليون شخص تحت عتبة الفقر، و50 مليون شخص آخر تحت عتبة الفقر المدقع. وأكد أن البنك الدولي ملزم بأن يكون مؤسسة تحث على التفاؤل، مسلط ا الضوء على أهمية مباشرة إصلاح "للوفاء بهذا الوعد والاستجابة للتوقعات". وللاستجابة للتحديات التي تفرض نفسها، يضيف السيد بانغا، أصبح لدى البنك الدولي رؤية ومهمة جديدتان: "خلق عالم خال من الفقر على كوكب صالح للعيش". وسجل أن هذه الرؤية من شأنها تحفيز التنمية الفعالة، وفق عمل مستدام قائم على النمو، وخلق فرص الشغل، والتنمية البشرية، وتدبير المالية العمومية والديون، والأمن الغذائي، وكذا الولوج إلى الماء وإلى الطاقة بأسعار في المتناول. وتميزت هذه الجلسة العامة بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذه الاجتماعات، المنعقدة ما بين 9 و15 أكتوبر الجاري، والتي تلاها مستشار الملك، عمر القباج. ويشهد هذا الحدث العالمي البارز، الذي يعود إلى القارة الإفريقية بعد 50 سنة، مشاركة ممثلين عن عالم المال والاقتصاد والبنوك من 190 دولة.